سكان جزيرة لويزيانا هم أول «لاجئي المناخ» الأمريكيي.
ترتبط جزيرة دي جان شارل فى جنوب لويزيانا بالبر الرئيسى بواسطة طريق طويل ومستقيم.
عندما عبرته لأول مرة، كان هناك شريط من الأراضي الرطبة على كلا الجانبين.
ولكن كلما تابعت السير، أغلقت المياه المكان، مرتطمة بحواف الأسفلت.
تعتبر الجزيرة موطنًا لحوالي 60 عضوًا من قبيلة بيلوكسي-شيتيماشا-تشوكتاو الهندية.
الأراضي المُحيطة بها تختفي بسرعة.
ومع الاقتراب، رَأيتُ القوارب تتدهور حالتها فى ساحات الناس، وهو ما يعني صدأ ماكينات الغسيل.
كانت المنازل كلها على ركائز.
وكان بعضها سليمًا.
والبعض الآخرعبارة عن حطام، وجدرانهم متطايرة بعيدًا، والسلالم تؤدي إلى إطارات خشبية مفتوحة تجاه السماء.
تخسر لويزيانا 75 كيلومترًا مربعًا من التضاريس الساحلية كل عام، وقد أُطلق على سكان هذه الجزيرة أول لاجئي مناخ في الولايات المتحدة ومن غيرالمرجح أن يكونوا الأواخر.
كما تستسلم أراضي ولايات ساحل الخليج الأخرى إلى المياه بمعدل سريع.
وإلى الشمال، يأمل 350 قرويًا من نيوتوك –ألاسكا- في الانتقال إلى أراضٍ مرتفعة.
ولكن جزيرة دي جان تشارلز تعتبر أول مجتمع أمريكي يُمنح التمويل الفيدرالي – 48 مليون دولار – لإعادة التوطين بشكل جماعي.
وهناك خُطط مؤقتة لنقل القبيلة إلى مقاطعة تيريبون الشمالية؛ ولا تزال ولاية لويزيانا ووزارة الإسكان والتنمية الحضرية فى الولايات المتحدة تتفاوضان على التفاصيل.
ارتفاع مستويات سطح البحر هي المسؤولة جزئيًا عن اختفاء الجزيرة؛ بالإضافة إلى أن هذه العملية قد تسارعت بفعل قرن ونصف من الهندسة النهرية والسدود، مما حرم الدلتا من الرواسب الكثيفة التي ساهمت فى تكوينها، والعديد من القنوات المجروفة بسبب الصناعة النفطية، والتي تسمح للمياه المالحة بالانتقال إلى الأهوار.
ويتسبب هذا بقتل جذور النباتات، تاركًا الأرض المفككة لتنجرف إلى مايسمي«بيو» (جداول للمياه، مصطلح فرنسي إنجليزي يدل على المنخفضات المائية في المناطق المسطحة).
ومن بين أبرز المعالم التي شاهدتها فى الجزيرة كانت أشجارالبلوط المعراة الواصلة إلى السماء. امتدت فروعها العارية في زخارف صورت بطريقة نابضة للحياة القوام البشري.
بدا أنهم أموات على قيد الحياة، كأثر من مدينة بومبي الأثرية.
اقتربت من منزل تابع لوينسيسلاوس بيليوت، وهو أحد بائعي القوارب السابقين يبلغ من العمر 89 عامًا وعاش حياته كلها فى الجزيرة.
كان منزله سليمًا، مع رواق أمامي وكرسيين هزازين.
رحب بي بصوت ذو لكنة فرنسية قوية.
كانت الكلمات بالإنجليزية، ولكن اللحن الصوتي كان مختلفًا تمامًا.
عائدًا بذاكرته إلي الأيام الخوالي، قال لي، مشيرًا بذراعه نحو البحر الذي يقع خارج الطريق، كان لدينا أشجار.
لم يكن هناك خليج.
كل هذه المياه تستخدم لتُكَوِن الأهوار.
المياه، الأهوار، الاضطرار إلى الانتقال بعيدًا، ماذا تفعل برغم كل شيء؟ «سألتُه»
أخبرني بأنه غير متأكد من أنه يريد الذهاب.
وقال «لقد بنيت هذا البيت في الستينيات».
«ولدي بيت آخر بنيته فى عام 1949».
لكن بينما كنا نتحدث، بدأ المطر ينزل بداخل الألواح وكرر التنبؤ الذي سمعه: بحلول عام 2100، نيو أورليانز نفسها سوف تكون تحت الماء.
واجهتُ مشكلة فى إدراك مدي تضاؤل محيط بيليوت بشكل كبير حتى رأيت هذه الصور من قبل بن ديب.
عندما كنت أقود السيارة عبر التضاريس المسطحة فى جنوب لويزيانا، كان من الصعب ملاحظة الامتدادات الطويلة حيث يفيض الماء.
بعض من المناطق الأكثر ضعفًا أيضًا عبارة عن مناطق كثيفة ومستنقعات، مما يصعب من عملية التنقل على الأرض.
أدرك ديب أنه بعد فترة وجيزة من انتقاله إلى نيو أورلينز فى عام 2013 بعد أن أمضى بضع سنوات فى بورت أو برنس، هايتي.
كتب لي «لابد من وجود شخص بالأعلي، لأنه من المستحيل أن يقوم بذلك العمل شخص بمفرده».
يلتقط حاليًا ديب صورًا للساحل بارتفاع 30 قدم من مظلة شراعية ذات محرك 19 حصانا يبدو وكأنه «جزازة عشب، ذات جزء فارغ».
وقد تعلم الطيران بواسطة دورة لمدة خمسة أيام فى ولاية فلوريدا بطريقة “تجعله لا يؤذي نفسه” عندما يرتدي المظلة.
لكي يتم الإقلاع، يركض والمحرك مربوط على ظهره مع شد الحبال على الجناح بحيث يمتلئ مع الهواء.
كما تُمَكِنَهُ من أن يبقي عاليًا لساعات فى كل مرة.
قال لي إنها تبدو وكأنني أجلس على كرسي فِناء معلق فى الهواء.
هو يفضل التصوير بعد الفجر مباشرةَ أو قبل الغسق.
مما يساعده على تحقيق تأثير خيالي تقريبًا فى بعض من هذه الصور الجوية: بحيث تكون الشمس منخفضة بما فيه الكفاية والماء فى الظل، وما فوقه به لمسة من ضوء العشب طويل القامة، مع قارب على جانبها وشجرة بلوط آيلة للسقوط.
بدراسة صور ديب للبيو، بدوا لي كنوع من الصورالحربية.
هذه المناظر الحالمة، والخيالية للعالَم المغمور ببطء هي مشاهد الصراع.
إنهم يمارسون سحرًا من الذي نبتعد عنه حتي نصبح شخصيًا غارقين فى ذلك الواقع.
معظمنا يعيش على أرض آمنة.
ولكننا لدينا المعرفة بالمد الزاحف.
مع ارتفاع مستوي سطح البحر، توفر هذه الصور رؤية تصويرية كبيرة لمكان يخسر المعركة ضد تغير المناخ.
تنفق لويزيانا 42.5 مليون دولار لإعادة بناء الأهوار فى جراند ليارد بايو.
وبدون المشروع، كان من المتوقع أن تختفي الأرض بالكامل بحلول عام 2050.
طريق الاختفاء إلى جزيرة دي جان تشارلز.
أشارت هيئة المسح الجيولوجي الامريكية إلى أن لويزيانا تفقد ارض ملعب كرة قدم كل ساعة.
جزيرة دي جان تشارلز، قديمًا كانت أميالًا واسعة محاطة بالأراضي الرطبة، حاليًا عبارة عن شريط من المنازل محاطة غالبًا بالمياه المفتوحة.
عاد عدد قليل من السكان إلى جزيرة ديلاكروا بعد أن دمرت الأعاصير المنازل، مما أدى إلى خفض عرض الجزيرة بأكثر من النصف.
تعتبر شواطئ جزيرة لويزيانا الحاجزة من بين أسرع الشواطئ تآكلاً فى العالم، حيث تقل بمعدلات 30 قدما في السنة.
انجرف الرمل من شاطئ رثرفورد، شاطئ الجزيرة الحاجزة، أثناء التسونامي الناجمة عن التغير السريع فى الضغط الجوي.
وارتفعت المياه ستة أقدام في بضع دقائق.
بخلاف العديد من المناطق الساحلية، دلتا بحيرة واكس ليس لديها سدود لمنع الرواسب.
ونتيجة لذلك، فإن مستنقعاتها تنمو فى الواقع بدلاً من الانكماش.
تعاني أشجار السرو على جزيرة بيكان، حوالي 140 ميلاً غرب نيو اورليانز.
بعد إعصار ريتا، تسربت المياه المالحة فى الأهوار وقتلت معظم الأشجار فى المنطقة.
معروف للسكان المحليين بأشجارالأشباح، أشجار البلوط والسرو قُضي عليها بسبب تسرب المياه المالحة ولم تعد قادرة على لعب دورها الحاسم بتثبيت التربة فى مكانها.
قارب صيد مهجور يقع بالقرب من مدينة البندقية، لويزيانا، أقصى جنوب بلدة نهر ميسيسيبي، يمكن الوصول إليها بالسيارة.
دمر إعصار كاترينا تقريبًا البندقية.
معظم خسائر الأراضي الرطبة فى جنوب لويزيانا كنتيجة لقطع القنوات بواسطة صناعة النفط والغاز.
فى الصورة، بقايا القنوات والبنية التحتية.
واحدة من بين 1500 من التسربات النفطية التي يتم الإبلاغ عنها كل عام فى لويزيانا تطفو فى البايو.
جزيرة إلمر، الملوثة بشكل كبير بعد تسرب النفط، وتحمي أميالاً من الأراضي الرطبة.
نصف الحيوانات ال188 المعروفة تصنف على أنها عرضة للخطر أو مهددة وتعتمد على الأراضي الرطبة من أجل عملية البقاء.
سبعة عشر من هذه الأنواع من الطيور.
- ترجمة: عمرو الجابري
- تدقيق: محمد نور
- تحرير: طارق الشعر
- المصدر