عمى الألوان: هو مرض شائع، يُعدِم رؤية الإنسان للألوان بصورة طبيعية، نتيجةً لخلل في المخاريط -نوع من الخلايا العصبية في شبكية العين- التي تعالج الضوء والصور عندما يدخلان العين، ثمّ ترسل إشارات إلى الدماغ؛ ليدرك اللون.
يُصاب به الإنسان بواسطة طفرة جينيّة، وقد يواجه الشخص المصاب مشكلة في التفرقة بين الألوان، أو سطوعها، أو ظلالها.
ما عمى الألوان؟
يظن الكثير من الناس أن (عمى الألوان) يعني عدم قدرة المصاب على رؤية الألوان كلها، ولكن في الحقيقة يرى أغلب المصابين مجموعة من الألوان، ولكن بطريقة مختلفة عن الآخرين، وقد يواجهون مشكلة في معرفة الفرق بين الألوان أو الظلال، وهناك نوع نادر جدًّا من مرض (عمى الألوان) يجعل الشخص غير قادر على تمييز أيّ لون.
يرث معظم الناس مرض (عمى الألوان) من الأبوين البيولوجيين، ويُعَد (عمى اللونين الأحمر والأخضر) أكثر الأنواع المتوارثة شيوعًا، وقد يُصاب الشخص (بعمى الألوان) في الحياة لاحقًا، نتيجةً لحالات طبية معينة، أو لأسباب أخرى.
عندما يُصاب شخص مّا بمرض (عمى الألوان)، فمن المُهمّ تشخيص نوعه، وشدته، فضلًا عن التّحدث إلى طبيب العيون حول طبيعة الحالة، وكيفية تأثيرها في المريض.
أنواع عمى الألوان:
هناك أنواع عدّة من مرض (عمى الألوان)، تُشخَّص وَفْقًا لأنواع المخاريط التي لا تعمل بطريقةٍ دقيقة في معرفة نوع (عمى الألوان)، ومن المهمّ معرفة القليل عن آليّة عمل المخاريط.
المخاريط: هي خلايا عصبية في العين تميز الألوان في طيف الضوء المرئي، ويشمل هذا الطيف جميع الأطوال الموجية التي يمكن للبشر رؤيتها، وتتراوح من 380 “نانومتر” قصير إلى 700 “نانومتر” طويل.
يولد الشخص -عادةً- مع ثلاثة أنواع من المخاريط:
- الأول: مخاريط الاستشعار الحمراء، وتُعرف بـ (المخاريط L): هذه المخاريط تدرك الرؤية والألوان عند أطوال موجية طويلة نحو 560 “نانومتر”.
- الثاني: مخاريط الاستشعار الخضراء، وتُعرف بـ (المخاريط M): هذه المخاريط تدرك الرؤية والألوان عند أطوال موجية متوسطة نحو 530 “نانومتر”.
- الثالث: مخاريط الاستشعار الزرقاء، وتُعرف بـ (المخاريط S): تدرك هذه المخاريط الرؤية والألوان عند أطوال موجية قصيرة نحو 420 “نانومتر”.
معظم الناس لديهم أنواع المخاريط الثلاثة السابقة، ويعملون بكفاءة، ولكن إذا عانى الشخص نقصًا في رؤية الألوان، فذلك يشير إلى أنّ نوعًا واحدًا من هذه المخاريط لا يعمل بطريقة صحيحة، وبذلك يؤثر هذا الخلل في رؤية الألوان بصورة طبيعية.
فيما يلي تصنيف الأمراض وَفْقًا لأنواع المخاريط التي يملكها الشخص، ومدى جودة عملها:
- ثلاثية الألوان: يمتلك الشخص جميع أنواع المخاريط الثلاثة، وتعمل بطريقة صحيحة، إذ يرى الإنسان الألوان كلها في مجال الطيف المرئي للضوء بصورة طبيعية.
- ثلاثية الألوان الشاذة: يمتلك الشخص أنواع المخاريط الثلاثة، ولكن هناك نوع واحد من المخاريط لا يستقبل الضوء في طول موجته كما يجب، لذلك لا يرى الإنسان الألوان بوضوح تام. وهناك اختلافات في الرؤية الطبيعية أيضًا، تتراوح من معتدلة إلى شديدة في الحالات الخفيفة، وقد يخلط بين الألوان الباهتة أو الرمادية في الحالات الأكثر خطورة، وقد يخلط أيضًا بين الألوان الزاهية والنقية؛ هذه الأنواع من عمى الألوان تُعرف بـ (شذوذ الرؤية)، وذلك يشير إلى رؤية جزئية للون معين.
- ثنائية اللون: يُفقَد نوع واحد من المخاريط، وبذلك يكون للإنسان نوعان من المخاريط فقط، إذ يرى محيطه عبر الأطوال الموجية التي يستطيع هذان النوعان من المخاريط إدراكها فقط، ومن الصعب في هذه الحالة التمييز بين الألوان الزاهية بطريقة صحيحة؛ هذه الأنواع من عمى الألوان تُعرف بـ (ضعف النظر)، وذلك يشير إلى غياب رؤية لون معين.
- أحادية اللون: يملك الإنسان نوعًا واحدًا من المخاريط فقط، ويمكن ألا يملك أي نوع منهم إطلاقًا، ويكون لديه قدرة محدودة أو معدومة على رؤية الألوان، ويرى محيطه بدرجات متفاوتة من اللون الرمادي.
وهناك أنواع أخرى محددة (لعمى الألوان) تفرّعت من الفئات الرئيسة السابقة:
1- نقص اللونين الأحمر والأخضر:
يعد هذا النوع أكثر أنواع (عمى الألوان) شيوعًا، إذ يؤثر في كيفية رؤية الأشخاص لأي ألوان أو ظلال تحتوي على بعض الأحمر أو الأخضر فيها.
ويقسم إلى أربعة أنواع فرعية رئيسة:
- اللارؤية الأولية اللونية.
- عمى اللون الأخضر.
- خلل الرؤية اللونية (ضعف رؤية الأحمر والأخضر).
- عمش الأخضر.
المصطلحات الأخرى التي قد نسمعها هي “بروتان Protan” و”ديوتان Deutan”؛ هذان المصطلحان يُستخدمان للتحدث عن (عمى اللونين الأحمر والأخضر)، إذ يُشير مصطلح “الدوتان” إلى اللون الأخضر، وذلك يدل على ضعف أو فقدان المخاريط التي تستشعر اللون الأخضر، أي: خلل في (المخاريط L).
بينما يُشير مصطلح “البروتان” إلى خلل في رؤية اللون الأحمر، وذلك يدل على ضعف أو فقدان المخاريط التي تستشعر اللون الأحمر، أي: خلل في (المخاريط L).
يُعد (عمى اللونين الأحمر والأخضر) شائعًا عند الرجال أكثر من النساء، إذ إن الذكور يمتلكون صبغي “X وY”، وعندما تظهر الصفة على الصبغي “X” فهذا يدل على إصابة الذكور بالمرض.
أما الإناث فيحملن الصيغة الصبغية “X X” أي: يمكن للمرض الموروث على الصبغي “X” أن يظهر بصفة متنحية، وأن يعوض الصبغي “X” الطبيعي مكانه، وهذا يدل على عدم الإصابة بالمرض.
2- نقص رؤية اللونين الأزرق والأصفر:
تعد عيوب رؤية اللونين الأزرق والأصفر، والتي تُسمى (عيوب تريتان) أقل شيوعًا، وتشمل:
- عمش الأزرق.
- – عمى الأزرق. يؤثر (عمى اللونين الأزرق، والأصفر) بنفس الدرجة عند الذكور والإناث.
- أحادية اللون المخروطي الأزرق:
يُعد هذا النوع أندر أنواع (عمى الألوان)، وذلك لعدم امتلاك الشخص لنوعي المخاريط “L” أو “M”، وامتلاكه لمخاريط “S” فقط.
من الصعب أن يُفرق المصاب بين الألوان، ويرى -غالبًا- كل المحيط باللون الرمادي، وقد يعاني مشكلات أخرى في العين. مثل: الحساسية للضوء (رهاب الضوء)، والرأرأة، وقصر النظر.
3- عمى الألوان الكامل:
يحدث عندما تكون جميع المخاريط، أو معظمها مفقودة، أو لا تعمل بطريقة صحيحة، إذ يرى الشخص كل شيء بظلال من اللون الرمادي، ويعاني الشخص مشكلات أخرى في الرؤية، تؤثر جدًّا على أداء حياته بطريقة طبيعية.
ما مدى شيوع عمى الألوان؟
في شمال “أوروبا”، يُصيب (عمى اللونين الأحمر والأخضر) نحو 1 من كل 12 ذكر، و1 من كل 200 فتاة، وقد تختلف هذه الأرقام حسب العرق، وتُظهِر بعض الأبحاث أن الأوروبيين لديهم أعلى نسبة انتشار (لعمى الألوان).
يعاني نحو 300 مليون شخص حول العالم من أحد أنواع (عمى الألوان)، ومعظمهم من (عمى اللونين الأحمر والأخضر).
مسببات (عمى الألوان):
قد يكون المرض موروثًا، أو مُكتسبًا يزداد مع ازدياد عمر الشخص لأسباب مختلفة.
أسباب (عمى الألوان الوراثي): يؤدي حدوث طفرة في الجينات إلى الإصابة بعمى الألوان، وتؤثر بطريقة مختلفة في الذكور والإناث.
أسباب (عمى الألوان المكتسب): هناك العديد من الأسباب التي تساعد في تطور (عمى الألوان) في وقت لاحق، وعادة ما تُنقِص هذه الأسباب من اللونين الأزرق والأصفر. ومن هذه الأسباب:
- التعرض للمواد الكيميائية الضارة بالجهاز العصبي. مثل: المذيبات العضوية، والمعادن الثقيلة.
- تعرض طويل الأمد لأضواء اللحام.
- الأدوية. مثل: “هيدروكسي كلوروكوين” الذي يُستخدم لعلاج التهاب المفاصل “روماتويدي”.
- أمراض العين. مثل: الضمور البقعي المرتبط بالعمر، والزرق، وإعتام عدسة العين.
- الحالات الطبية التي تؤثر في الدماغ، أو الجهاز العصبي. مثل: مرض السكري، ومرض ألزهايمر، والتصلب المتعدد “MS”.
ويُعد (عمى الألوان المكتسب) أقل شيوعًا من الأنواع الموروثة.
ما أعراض (عمى الألوان)؟
يعاني الشخص (عمى الألوان) عند مواجهة المشكلات الآتية:
- عدم معرفة الفرق بين بعض الألوان والظلال.
- عدم القدرة على رؤية سطوع ألوان محددة.
ولكي يعرف الشخص أنه يعاني هذه الأعراض، عليه أن يعرف كيفية البحث عنها، إذ إن أغلب المصابين لا يعرفون أنهم مصابون بالمرض، لأنهم اعتادوا رؤية الألوان بالطريقة نفسها، فهم لا يدركون أي اختلاف في طبيعة الألوان.
ولذلك من المهم إجراء فحص شامل لعيون الأطفال يتضمن؛ اختبار عمى الألوان قبل بدء المدرسة، إذ تعتمد العديد من مواد الفصل الدراسي على الألوان لنقل المعلومات، أو قياس مدى تعلم الطلاب، وقد يعاني الأطفال الذين يرون الألوان بطريقة مختلفة مع هذه المواد.
كيف يُشخَّص عمى الألوان؟
يُشخَّص (عمى الألوان) بواسطة اختبارات عدة، ويعد اختبار “ايشيهارا” الأكثر شيوعًا، ويستخدمه مقدمو رعاية العيون لتشخيص (عمى اللونين الأحمر والأخضر)، وفي هذا الاختبار يعرض للمريض سلسلة من لوحات الألوان، تحتوي كل لوحة على نمط من النقاط الصغيرة، وبين هذه النقاط يكون هناك رقم أو صورة طفل صغير، وعلى الشخص أن يحدد الرقم الموجود داخل كل لوحة.
تتضمن بعض اللوحات أرقامًا لا يمكنك رؤيتها إلا عندما ترى الألوان كاملة، بينما تتضمن اللوحات الأخرى أرقامًا لا يمكن رؤيتها إلا مع نقص في رؤية الألوان.
بناءً على نتائج اختبار “ايشيهارا”، قد يوصي مسؤول الرعاية الطبية بإجراء المزيد من الاختبارات للتأكد من الإصابة بالمرض.
فإن كنت تظن أنك مصاب (بعمى الألوان)، يجب عليك الاتصال بطبيب العيون لتحديد موعد فحص العين.
ما العمر المناسب لإجراء اختبار (عمى الألوان) للأطفال؟
يمكن إجراء فحص نقص رؤية الألوان للأطفال الذين تبلغ أعمارهم 4 أعوام أو أكثر، وعلى الأطفال الإجابة عن الأسئلة حول ما يرونه.
ومع ذلك يجب أن يخضع الطفل لفحص شامل للعين في وقت مبكر جدًّا، أي: قبل بلوغه عمر السنة.
ما علاج عمى الألوان؟
ليس هناك علاج طبي للأشخاص المصابين (بعمى الألوان الوراثي)، ولكن إذا كان الشخص مصابًا (بعمى الألوان المكتسب)؛ يعالج مقدم الرعاية الصحية الحالة الأساسية، أو يعدل الأدوية، ليساعد ذلك في تحسين رؤية الألوان.
قد تساعد نظارات (عمى الألوان) المصابين بنوع (ثلاثية الألوان الشاذة خفيف الشدة)، إذ تعمل النظارات على تحسين التباين بين الألوان حتى يتمكن الأشخاص الذين يعانون نقصًا في رؤية الألوان، من رؤية الاختلافات بصورة أكثر وضوحًا، لكنها لا تسمح له برؤية أي ألوان جديدة، وتختلف النتائج وَفقًا لحالة الفرد وشدة المرض، ولكن هذه النظارات لا تُعد علاجًا، ولن تصحح أية مشكلة في المخاريط.
كيف تقلل من مخاطر الإصابة (بعمى الألوان)؟
لا يمكن منع (عمى الألوان الموروث)، ولكن يمكن للشخص أن يقلل من خطر الإصابة (بعمى الألوان المكتسب)، يجب زيارة أحد مقدمي الرعاية الصحية لإجراء فحوصات سنوية، والسؤال عن مخاطر الإصابة بنقص رؤية الألوان.
ما المتوقع من إصابة الشخص (بعمى الألوان)؟
قد لا يؤثر (عمى الألوان) في حياة الشخص كثيرًا، ولكنه يؤثر وَفقًا لمهنة الفرد، أو تعليمه، أو حياته الشخصية، ومن المهم التحدث إلى طبيب العيون حول الحالة، وما يمكن توجسه في المستقبل.
هل يمكن أن يؤثر (عمى الألوان) في اختيار الطفل المهني؟
قد تكون بعض المهن صعبة للغاية، أو غير آمنة لممارستها مع نقص الألوان. وتشمل هذه الوظائف: كهربائي، أو طيار، أو مصمم أزياء، أو فنان جرافيك، ولكن يمكن تشجيع الطفل على ممارسة مهنة أخرى لا تؤدي فيها رؤية الألوان دورًا رئيسًا.
كيف يمكن الاعتناء بصحة المصابين، وأطفالهم؟
يمكن التواصل مع المصابين الذين يعانون نقصًا في رؤية الألوان، أو آباء الأطفال المصابين بهذه الحالة، لمشاركة النصائح حول التعايش مع نقص الرؤية. ومن هذه النصائح:
- البحث عن صديق يرى الألوان بوضوح، يمكنه المساعدة في التسوق لشراء الأشياء. مثل: الملابس، أو الطلاء.
- حفظ الترتيب الصحيح للألوان في أشياء. مثل: إشارات المرور.
- تحميل التطبيقات التي تساعد على تحديد الألوان في العالم.
متى يجب رؤية مقدم الرعاية الصحية؟
يجب زيارة طبيب الرعاية مرة في السنة.
يجب زيارة طبيب عيون مرة في السنة.
سيخبر مقدمو الخدمة إذا كان الشخص بحاجة إلى متابعة أكثر، أو لإجراء اختبارات إضافية.
اقرأ أيضًا:
عدسات لاصقة تتيح للمصابين بعمى الألوان تمييز اللونين الأخضر والأحمر
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: دانا توفيق