علم المنعكسات
علاج سحري أم خدعة كبرى؟
ليس من الواضح ما إذا كان علم المنعكسات يقدم أية فوائد علاجية تفوق تدليك القدمين العادي أم لا. بول بينس
علم المنعكسات هو أحد أنواع العلاج اليدوي القائم على مبدأ أن ثمة أماكن معينة بالقدمين واليدين والأذنين ترتبط ببقية الجسم. وبالضغط على هذه الأماكن باستخدام أساليب تدليك متعددة، يُعتقَد بأن علم المنعكسات يُحفِّز عمليات العلاج الطبيعي في الجسم.
يُستخدَم علم المنعكسات لعلاج الكثير من الحالات المرضية، مثل الصداع والربو ومتلازمة ما قبل الحيض ومتلازمة القولون العصبي والخرف والسلس البولي والسكري وآلام أسفل الظهر والآلام المرتبطة بالسرطان. وتشير الجمعية الأسترالية لعلم المنعكسات إلى أن «تستفيد كل أجهزة الجسم من العلاج بعلم المنعكسات».
وقد توصلت دراسة أُجريت على 1067 أستراليًا في عام 2005 إلى أن 4% من هذا العدد تلقى علاجًا بعلم المنعكسات في الأشهر الـ 12 الماضية.
لمحة تاريخية
إن تاريخ علم المنعكسات ليس موثقًا على نحو دقيق، فعلى الرغم من التعرف على ممارسات مشابهة للعلاج بعلم المنعكسات من مصادر للمصريين القدماء والإغريق والصينيين والهنود والهنود الحمر.
ويُشار عادة إلى رسم على جدران مقبرة «عنخ ماخور» (التي يرجع تاريخها إلى عام 2330 قبل الميلاد تقريبًا) في سقارة بمصر، كإحدى أولى صور العلاج بعلم المنعكسات، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الصورة تُعبِّر فقط عن تدليك أم علاج بعلم المنعكسات.
وقد ظهرت إحدى الصور المبكرة لعلم المنعكسات «علاج المناطق» في الولايات المتحدة عام 1913 على يد الدكتور (ويليام فيتزجيرالد- William Fitzgerald)، وهو طبيب اختصاصي أنف وأذن وحنجرة. وقد افترض فيتزجيرالد وجود عشر مناطق عمودية في الجسم. ومن خلال تحفيز الأماكن المناسبة في باطن القدمين، يمكن تحويل تدفقات الطاقة الكهربائية الحيوية، مما يؤدي إلى تخفيف الألم في مناطق أخرى من الجسم.
أما الممارسة الحديثة لعلم المنعكسات، فتأثرت على نحو أساسي بعمل (يونيس إنجام- Eunice Ingham)، الممرضة وإخصائية العلاج الطبيعي التي كتبت نصًا في عام 1938 بعنوان «قصص يمكن للقدمين روايتها»، والذي احتوى على خرائط مفصلة لمناطق «الانعكاس» في باطن القدمين، والتي تتوافق مع بقية الجسم، بما في ذلك الأعضاء الداخلية.
لكن مناطق الانعكاس لا تتوافق مع الجهاز العصبي أو خطوط الوخز بالإبر، وتعكس الخرائط المنشورة العديد من التناقضات
الآلية
لا يوجد اتفاق واضح بين أخصائيي علم المنعكسات حول كيفية (عمل) العلاج به. فاقتُرِحت العديد من الآليات، بما في ذلك تحرير مجالات الطاقة، والتخلص من السموم، وتحليل الرواسب المتبلورة في الجهاز اللمفاوي، وإفراز الإندروفين، وتغيير المجالات الكهرومغناطيسية، وزيادة تدفق الدم إلى الأعضاء الداخلية.
وتتعارض الكثير من هذه الآليات مع المبادئ الفسيولوجية السائدة، وبالتالي لا يمكن قياسها باستخدام الأساليب العلمية التقليدية.
وقد أظهرت أربع تجارب بعض الأدلة على حدوث انخفاض في ضغط الدم الانقباضي ومعدل ضربات القلب لدى الأفراد الذين يخضعون للعلاج بعلم المنعكسات. لكن هذه الدراسات لم تتحكم على نحو كافِ في آثار (الغفل أو العلاج الزائف) غير المحددة، لذا لا يمكن التمييز ما بين فائدة تحفيز مناطق الانعكاس والآثار النافعة لمجرد الاستلقاء والحصول على تدليك مريح للقدمين.
استخدام علم المنعكسات للمساعدة في التشخيص
يزعم بعض أخصائيو علم المنعكسات أن تحديد نقاط الألم في مناطق معينة في القدم يمكن أن يساعد في تشخيص الحالات المَرضية. وتناولت دراستان هذا الأمر بأن طلبت من أخصائيي علم المنعكسات فحص المرضى لم يعرفوهم من قبل.
في كلتا الدراستين، كانت درجة الاتفاق بين أخصائيي علم المنعكسات منخفضة للغاية، وكذلك كان الحال مع درجة الاتفاق بين تشخيصات هؤلاء الأخصائيين والتاريخ المَرضي المعروف للمرضى. وتوجد أدلة أيضًا على مبالغة في التشخيص من جانب الأخصائيين. لذا، لا يمكن اعتبار علم المنعكسات وسيلة سليمة للتشخيص.
هل ينجح العلاج بعلم المنعكسات؟
توصلت أحدث مراجعة منهجية شاملة لفعالية علم المنعكسات إلى أنه توجد 23 تجربة قورن فيها العلاج بعلم المنعكسات بعدم استخدام أي علاج أو بالرعاية المعتادة أو بالعلاج بالغفل. وكان مستوى جودة هذه التجارب من الناحية المنهجية منخفض بوجه عام، مع تحكم عدد قليل من الدراسات في آثار (الغفل) غير المحددة على نحو مناسب أو تعميتها للمُقيِّمين الذين يوثقون قياسات النتائج.
واستنتجت المراجعة أنه لا توجد أدلة كافية على أن العلاج بعلم المنعكسات يمثل علاجًا فعالًا في أية حالة مَرضية.
لكن لابد من الاعتراف بأن إجراء تجارب عالية الجودة على علم المنعكسات أمر صعب بطبيعة الحال. وقد اُقترحت مؤخرًا حلول ممكنة لمشكلات خرائط علم المنعكسات غير المتسقة وصعوبات التحكم في آثار الغفل، لكنها لم تطبَق بعد.
لا يوجد اتفاق حول كيفية «عمل» علم المنعكسات، لكن البعض يعتقدون أنه يخلص الجسم من السموم. كانتري جال
هل العلاج بعلم المنعكسات آمن؟
يبدو أنه يوجد عدد قليل للغاية من الآثار السلبية المرتبطة بالعلاج بعلم المنعكسات نفسه. لكن هذا العلاج، شأنه شأن الكثير من العلاجات المكملة الأخرى، يمكن أن يكون مهددًا للحياة في حال استخدامه بدلًا من الدواء التقليدي لعلاج الحالات الخطيرة (مثل مرضى السكري الذين يستخدمون علاجات بديلة بدلًا من الأنسولين).
الاستنتاج
العلاج بعلم المنعكسات هو نوع شائع من أنواع العلاج اليدوي. والفرضية الأساسية التي يستند إليها ليس لها أساس علمي سليم، إذ تعكس مخططات علم المنعكسات العديد من التناقضات، ولا يوجد دليل مقنع على أن التقييم باستخدام علم المنعكسات يمكن أن يُحدد وجود حالات مَرضية معينة.
والتجارب التي أُجريت منخفضة الجودة، لذا لايزال من غير الواضح ما إذا كان علم المنعكسات يقدم أية فوائد علاجية تفوق تلك التي يقدمها تدليك القدمين العادي.
إعداد: أميرة علي عبد الصادق
تدقيق: هبة فارس
المصدر