قام علماء من جامعتي ييل و هارفارد بإعادة ترميز ناجحة لجينوم كائن حي بالكامل. إعادة الترميز حسنّت قدرة الباكتيريا على مقاومة الفيروسات، مما يعّد إثباتا على إمكانية إعادة كتابة الشفرة الوراثية للكائنات الحيّة. إنشاء كائنات ذات ترميز جيني معدّل يزيد من احتمالات قدرة الباحثين على إعادة تنظيم الطبيعة لخلق أشكال جديدة قوية من البروتينات لتحقيق أغراض لا تعّد ولا تحصى – من مكافحة المرض لتوليد أصناف جديدة من المواد. البحث هو نتاج سنوات من الدراسة في مجال ناشئ هو علم الأحياء التخليقية، والذي يسعى إلى إعادة تصميم النظم البيولوجية الطبيعية لأغراض مفيدة.
البروتينات التي تنفّذ العديد من الأدوار الوظيفية الهامة في الخلية، يدخل في تكوينها 20 حمض أميني فقط. الأحماض الأمينية مشّفرة بالشفرة الجينية أو الشفرة الوراثية، و هي عبارة عن مجموعة قواعد تمكننا من تحويل تسلسل الحمض النووي إلى بروتينات عن طريق مقابلة كل ثلاثية نيكليوتيدية (كودون) بحمض أميني من الأحماض العشرين التي تشكّل بروتينات الخلايا الحية.
هناك 64 مجموعة من هذه “الثلاثيات النيوكليوتيدية” ترمز للعشرين حمض أميني. الباحثين حاولوا استكشاف ما إذا كان من الممكن تعديل الطبيعة عن طريق استبدال الكودونات أو أحرف مختلفة في جميع أنحاء الجينوم لتشفير أحماض أمينية جديدة لا توجد في الطبيعة. كان هذا العمل المرة الأولى التي تعدّل فيها الشفرة الوراثية تمامًا في جميع أنحاء جينوم الكائن.
في البحث الجديد، بدّل الباحثون العاملين أحد الكودونات ولغوا إحدى إشارات وقف “ترجمة” الشقرة الجينية التي تنهي إنتاج البروتين – إشارة الوقف يرمز لها بثلاث كودونات مختلفة. الجينوم الجديد جعل الباكتيريا مقاومة للعدوى الفيروسية عن طريق الحد من إنتاج البروتينات الطبيعية التي تستخدمها الفيروسات لتصيب الخلايا. الباحثون حوّلوا كودون “الوقف” إلى كودون يرمز إلى أحماض أمينية جديدة – غير موجودة في الطبيعة – و إدراجها في الجينوم. هذا البحث يمهّد الطريق لمرحلة تحويل هذه البكتيريا المعدّلة إلى أجهزة تصنيع قادرة على إنتاج بروتينات أو بوليمرات فريدة من نوعها، قد يكون لها استخدامات حديثة في شتى المجالات.