اعتاد معظمنا استخدام تكنولوجيا التنبؤ بالكلمات التي نرغب في كتابتها، لكن هذا النوع من البرمجيات سيكون قادرًا على النظر إلى المستقبل بشكل أبعد للتنبؤ بالأعمال التي نفكر بها.
الأمر يبدو مخيفًا قليلًا، تخيل أن ترى خادمك الروبوت الذي سيقدم لك القهوة حتى قبل تطلبها.
تمكن علماء كمبيوتر من جامعة بون في ألمانيا من عملية رفع حدود كيفية التنبؤ التي تقوم بها أجهزة الكمبيوتر لسلوكيات البشر قبلها بدقائق بدقة.
الأجيال الحالية من برامج التوقع مهتمة فقط بمعرفة ما سنفعله في الثواني القليلة القادمة.
يقول قائد فريق البحث يورغن غال Jürgen Gall: «نريد أن نتنبأ بتوقيت ومدة الأنشطة قبل دقائق أو حتى ساعات من حدوثها».
كان الهدف هو معرفة ما إذا كان بإمكان البرنامج سرد سلسلة من الإجراءات تصل إلى خمس دقائق في المستقبل بناءً على مشاهدة الخطوات القليلة الأولى للنشاط.
بشكل خاص حاولوا تدريب البرنامج على التنبؤ بسلوك كبير الطهاة بعد مشاهدة عدد من مقاطع الفيديو لأشخاص يصنعون وجبة الإفطار أو السلطة. أي ما يعرف بـ تدريب الشبكة العصبية الاصطناعية
بعد ذلك أظهروا للبرنامج فيديو مختلف تمامًا لشخص آخر يقوم بإعداد وجبة مماثلة، لقد تمكن البرنامج من التنبؤ بالخطوات التالية ومدة كل منها.
بالنسبة للبشر، هذا ليس تحديًا، إذا رأيت شخص ما يمسك بوعاء وبعض الحبوب، يمكنك أن تتنبأ بأنه سيذهب لإحضار الحليب في الخطوة التالية والتي تستغرق 5 ثوانٍ، ثم بعد ذلك يحضر معلقةً للتقليب.
لكن هذا النمط من التفكير لا يبدو سهلًا بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر.
قام الفريق باختبار أسلوبين يستخدمان أنواعًا مختلفةً من الشبكات العصبية الاصطناعية: الأول يتوقع الخطوات المستقبلية ثم يعيدها ما ينعكس على التوقع مرةً أخرى، والآخر يقوم ببناء مصفوفة في ضربة واحدة قبل دمج الاحتمالات.
كما هو متوقع كلما تعمقنا في النظر إلى المستقبل كلما زادت نسبة الخطأ.
يقول جال: «كانت الدقة أكثر من 40% لفترات توقع قصيرة، ولكن بعد ذلك رفضت، خوارزمية النظر إلى المستقبل، التحسن».
كان الأسلوب الانعكاسي أفضل بقليل من طريقة المصفوفة عند النظر إلى الثواني العشرين التالية، ولكن الشبكتين العصبيتين المختلفتين كانتا متطابقتين بالتساوي عند النظر إلى ما بعد 40 ثانيةً.
في النهاية وبعد جهد كبير توصل العلماء إلى أن برنامجهم المدرّب يمكن أن يتنبّأ بشكل صحيح بإجراءات مدة 3 دقائق في المستقبل بنسبة حوالي 15%.
قد يبدو الأمر محبطًا قليلًا، لكنه يؤسس أرضيةً صلبةً للذكاء الاصطناعي في المستقبل والتي يمكن من خلالها تطوير البصيرة البشرية الفائقة.
سيقدم الفريق نتائجه في مؤتمر IEEE في فرع “Computer Vision and Pattern Recognition in Salt Lake City”، والتي نأمل أن تولد بعض الاهتمام بالبرمجيات التنبؤية.
لا يزال هناك الكثير من البحث، خاصةً وأن الهدف النهائي هو جعل البرامج تبني خبرةً كافيةً بمفردها دون الحاجة إلى التدريب.
بالطبع لن يكون لديها القدرة على التنبؤ بالجرائم قبل حدوثها. أمامنا طريق طويل قبل أن نحتاج إلى القلق بشأن هذا النوع من المستقبل. فأفضل خوارزمياتنا تكافح للتنبؤ بالمجرمين الذين سوف يعيدون ارتكاب جرائمهم، دعنا نخمن من الذين اعتادوا مخالفة القانون.
ما يمكن أن يفعله هو مساعدتنا على تحسين ذكاء المركبات ذاتية القيادة، أو مساعدتنا في المنزل عن طريق إشعال الموقد لإعداد مكرونة اللازانيا.
أو ربما سيعطينا أخيرًا نسخةً من “Clippy” مساعد برنامج أوفيس من مايكروسوفت، على هيئة مشبك ورق يقدم النصائح أثناء الكتابة، الذي يتوقع في لمحة أنك لا تريد أي مساعدة في كتابة تلك الرسالة.
- ترجمة : مصطفى العدوي
- تدقيق: أحلام مرشد
- تحرير: أحمد عزب
- المصدر