علماء يصرّحون بأن العالم لن يستطيع تجنّب نقطة خطر الاحتباس الحراري
التُقطت هذه الصورة بتاريخ 12 من شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2015 ويظهر فيها من اليمين بالترتيب: الرئيس الفرنسي (فرانسوا هولاند-Francois Hollande) ووزير الخارجية الفرنسي وهو رئيس مؤتمر «COP21» (لوران فابيوس-Laurent Fabius) والأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون-Ban Ki-moon) ورئيسة الأمم المتحدة للمناخ (كريستيانا فيغيريس-Christiana Figueres) وهم يرفعون أيديهم احتفالًا بختام مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي أو «COP21» الذي عُقد في باريس.
في الوقت الذي يحذر فيه فريقٌ من كبار العلماء قادةَ العالم بأنه عليهم أن يكفّوا عن تهنئة أنفسهم على اتفاقية باريس، بحيث إن استمروا بذلك دون أن يفعلوا المزيد ستصل على الأرجح درجات الحرارة في العالم إلى مستوى الاحتباس الحراري المُتفّق على خطورته خلال حوالي 35 سنة القادمة.
شارك ستة من كبار العلماء الذين قادوا مؤتمرات دولية لتغير المناخ سابقًا في الصندوق البيئي العالمي في الأرجنتين ليصدروا تقريرًا مختصرًا يقول بأنه إن لم يتم الاتفاق على المزيد من عمليات تقليل انبعاث غازات الاحتباس الحراري فسترتفع درجة حرارة العالم بمقدار 1.8 درجة فهرنهايت إضافية بحلول العام 2050 (1 درجة سيليسيوس/مئوية)، وتُعد هذه الزيادة في الحرارة حديّة ومهمة، لأن قادة العالم كانوا قد أجمعوا في عام 2009 أنهم يريدون تجنّب زيادة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين (أي 3.6 درجة فهرنهايت) فوق مستويات الانبعاثات التي كانت ما قبل الثورة الصناعية، ولكن حتى الآن فإن درجات الحرارة قد ارتفعت بمقدار درجة مئوية كاملة (1.8 درجة فهرنهايت) لذلك فإن بلوغ هذا الحدّ الخطير أصبح في الواقع وشيكًا.
وفي شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي وَعَدت 190 دولة بدراسة عملية التقليل من التلوث بغاز ثاني أوكسيد الكربون في اتفاقٍ عُقِد في باريس، ولكن العلماء قالوا إن هذا الأمر لا يُعَدّ كافيا.
وقال مؤلف التقرير الرئيسي السيد (روبرت واتسون – Robert Watson) وهو أستاذ في جامعة East Anglia في بريطانيا وكبير العلماء السابق في البنك الدولي وأحد الرؤساء السابقين للّجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المحدة: «هذه الوعود لن تقترب حتى من حيّز التنفيذ». وأضاف: «يا حكومات العالم إن كنتم جدِّيين فيما تقولون فستفعلون ما هو أكثر من ذلك بكثير».
وتوصّل واتسون وزملائه من خلال حساباتهم إلى ما قد توصلت إليه بحوث أخرى سابقة وهو أنه إذا استمرت وعود تقليل التلوث بانبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تمت في باريس لوحدها فإن الأرض على الأرجح ستصل إلى نقطة الخطر بحلول عام 2050، وقالوا إنه من خلال القيام ببعض عمليات تخفيض هذه الانبعاث فقط سنستطيع تأخير الخطر مقدار 20 سنة.
كما وضعت الدول في باريس هدفًا آخر أكثر صرامة بتقليل الاحتباس الحراري إلى نصف درجة مئوية أخرى (0.9 درجة فهرنهايت). إلا أن واتسون قال: «ليس هناك أمل بالحفاظ على درجة الحرارة تلك لأن كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون الموجودة في الغلاف الجوي مسبقًا تقود العالم إلى نقطة الخطر».
وأخبر واتسون الذي كان قبل بضعة أسابيع في واشنطن مع بان كي مون ونائب الرئيس السابق آل غور وهم يحتفلون بالاتفاق باعتباره نصرًا وأضاف: «لقد صدمتني تلك السذاجة، إنه حقًا لتحدٍّ كبير وأساسي لنا أن نبقى قريبين حتى من نقطة الخطر (درجتين مئوية) دون أن نتجاوزها».
كما قال: «إن نقطة الخطر المتمثلة في تجاوز الدرجتين مئوية مرتبطة بالتأثيرات المؤذية التي نشعر بها اليوم بوجود درجات حرارة أقل، ولكن كلما تجاوزت درجة الحرارة هذا المقدار ستصبح هذه التأثيرات أكثر وضوحًا وشدةً».
لم يُنشر هذا التقرير في الصحف العلمية، إلا أن ستة علماء مستقلين عن الدراسة قوبِلوا من قبل الأسوسييتد بريس (وكالة أنباء) وقالوا بأن العلم والنتائج التي توصلت لها الدراسة صحيحة وغير مشوبة.
وقال رئيس قسم تحليل نظام الأرض في معهد بوتسدام (ستيفان رامستورف- Stefan Rahmstorf): «إنه تلخيص بسيط لما يُعَدّ معرفة شائعة ومنتشرة في مجتمع خبراء البيئة ولكن أهميته غير مقدّرة بالنسبة للعامّة وحتى لصنّاع السياسة». وأضاف: «لذلك يعتبر هذا التقرير في الواقع بمثابة إشعار تذكير للعالم بأنه على حافة الخطر».
وذكر (درو جونز – Drew Jones) وهو المدير المشارك لمجموعة علماء ممن لم يكونوا جزءًا من التقرير أنهم قد شغّلوا برنامج محاكاة حاسوبية مستخدمين معطيات اتفاق باريس ووجدوا أن نقطة الخطر ستصل حوالي عام 2051.
ترجمة: سارة عمّار
تدقيق: بدر الفراك