إن مجال الحوسبة الكمومية مجال مستقبلي؛ أجهزة الكمبيوتر الكمومية لديها القدرة على حل مهام غير قابلة للحل في الحوسبة التقليدية، مثل التشفير والبحث والفيزياء الحاسوبية والكيمياء.
تستخدم الحوسبة الكمومية الكيوبتات لترميز المعلومات أصفارًا أو واحدات أو كليهما، مع تطبيق مجموعة من قوى فيزياء الكم. حجم هذه الحواسيب الكمومية يعادل حجم الثلاجة، ومع ذلك فإنها ليست خالية من الأخطاء، إذ تحتاج إلى استخدام لغات برمجية صحيحة لإجراء عمليات الحساب المختلفة تمامًا، مثل الأجهزة التقليدية.
تعتمد الحوسبة الكمومية على مفهوم التشابك (مضاعف الكيوبتات الحسابي)، عند تشابك اثنين من الكيوبتات فإن قيمة أحدهما تتأثر بالآخر حتى عندما ينفصلان ماديًا (الفعل المخيف عن بعد كما وصفه أينشتاين)، ويمكن أن تُدمَّر البيانات المخزنة في أحد الكيوبتات في حالة التخلّص من الكيوبت الآخر المرتبط معه، ما يعرض صحة البرنامج للخطر.
أنشأ علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لغة برمجة (تويست) للحوسبة الكمومية، بإمكانها وصف أجزاء البيانات المتشابكة والتحقق منها من طريق برنامج كمي، وباستخدام لغة يمكن أن يفهمها أي مبرمج عادي (تقليدي).
اعتمادًا على مفهوم النقاء purity، تعمل لغة تويست على التخلص من التشابك الموجود لإنتاج برامج أكثر سهولة بأخطاء أقل، مثلًا، يستطيع المبرمج استخدام اللغة لمعرفة إمكانية التخلص من بعض البيانات المؤقتة بنحو آمن من طريق تحديد؛ هل تتشابك مع أجزاء أخرى في البرنامج أم لا؟.
إحدى التحديات الرئيسية للأجهزة الحاسوبية هو تعقيد المشكلة والزمن اللازم لحلها، فيما يخص قدرة الحواسيب على إجراء مهام مثل التشفير والبحث والفيزياء والكيمياء الحاسوبية، يحتاج جهاز الكمبيوتر التقليدي إلى زمن حساب كبير جدًا من رتبة أسيَّة، بينما يستطيع الحاسوب الكمومي القيام بذلك باستخدام عدد قليل من الكيوبتات مع وجود البرامج المناسبة الصحيحة.
يقول تشارلز يوان، طالب الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «تتيح لغة تويست للمطورين كتابة برامج كمومية أكثر أمانًا استنادًا إلى التصريح بعدم إمكانية تشابك كيوبت مع آخر، نظرًا إلى أن فهم البرامج الكمومية يتطلب فهم التشابك، نأمل أن تمهد اللغة الطريق للّغات الأخرى التي تجعل تحديات الحوسبة الكمومية في متناول المبرمجين».
كتب يوان البحث الجديد حول لغة تويست بالمشاركة مع زميله كريس ماكنالي المنتسب إلى مختبر أبحاث المعهد، والأستاذ المساعد مايكل كاربين، وقُدِّم البحث في ندوة مبادئ البرمجة 2022 في فيلادلفيا.
فك التشابك الكمومي:
تخيل صندوقًا خشبيًا يحوي كابلات بداخله وكابلات بارزة للخارج، يمكن سحب أحد الكابلات خارجًا أو دفعها إلى الداخل، ترمز الكابلات إلى بتات أصفار أو واحدات اعتمادًا على وجودها داخل أو خارج الصندوق. يمثل هذا الصندوق ذاكرة جهاز كمبيوتر تقليدي، وُضِع برنامج له مؤلف من سلسلة من التعليمات حول وقت وكيفية سحب الكابلات.
تخيّل صندوقًا ثانيًا بشكل الصندوق الأول نفسه، عند شد أحد الكابلات ينسحب معه كابلان آخران أيضًا، ويدل ذلك على تشابك الكابلات مع بعضها. هذا الصندوق تشبيه للكمبيوتر الكمومي ويوجد صعوبة في اكتشاف التشابك وفهم سبب حدوثه دون النظر إلى داخل الصندوق، وإن مهمة المبرمجين هي محاولة سحب الكابلات وتحديد سبب تشابكها بعناية، ولذلك ستساعدنا لغة تويست على ذلك.
صمم العلماء لغة تويست لكتابة برامج للخوارزميات الكمية ولكشف الأخطاء في تطبيقاتها، ولتقييم تويست، عدَّلوا البرامج بإدخال نوع من الأخطاء التي قد تكون مخفية نسبيًا على المبرمج، وأظهروا أن تويست تستطيع كشف تلك الأخطاء. قاسوا أيضًا مدى جودة أداء البرامج في الممارسة العملية فيما يتعلق بوقت التشغيل، وقد أظهرت تكاليفًا أقل من 4% من النفقات العامة على تقنيات الحوسبة الكمومية الحالية.
يقول يوان لأولئك الذين يتخوفون من قدرة الكم على كسر أنظمة التشفير، إنه لا يزال غير معروف متى ستصبح وعود أجهزة الحواسيب الكمومية تنفذ على أرض الواقع، إذ تُجرى أبحاث عدة في مجال التشفير ما بعد الكم، ولكن حتى الآن جهاز الحاسوب الكمومي يتفوق على الجهاز العادي بمجموعة محددة جدًا من التطبيقات.
معظم لغات الحوسبة الكمومية الحالية هي لغة تجميع (لغة منخفضة المستوى) دون التصريح بأنواع البيانات والتوابع، كما في البرمجة العادية، لذلك فإن الخطوة التالية المهمة، هي استخدام تويست لإنشاء لغات برمجة كمومية عالية المستوى.
يقول فريد تشونج أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة شيكاغو وكبير العلماء في سوبر تك: «أجهزة الحاسب الكمومية معرضة للخطأ وصعبة البرمجة، لغة تويست تقدم تسهيل الحوسبة الكمومية، لأنها تضمن عدم إمكانية تغيير البتات الكمومية في جزء نقي من الكود من طريق بتات أخرى خارج الكود».
اقرأ أيضًا:
ستبقى أجهزة الكمبيوتر الكمومية العملية على بُعد عقدٍ على الأقل
انجاز من شانه تبسيط تقنيات تصنيع الحواسيب الكمومية
ترجمة: تسنيم فندقلي
تدقيق: عبد الرحمن داده
مراجعة: حسين جرود