نجح العلماء في إنشاء مادة مغناطيسية بديلة والتلاعب بها وتصويرها لأول مرة. من المرجح أن تكون هذه المادة موجودة بالفعل سابقًا، لكن الآن يمكننا ضبطها وقياسها مباشرةً.

تؤثر أنماط دوران الإلكترون في المجالات الإلكترونية، كما في محركات الأقراص الصلبة، والموصلات الفائقة.

حديثًا، تمكن العلماء من صنع وتصوير مادة مغناطيسية جديدة تُعرف باسم المادة المغناطيسية البديلة. مع أن أكثر الاكتشافات يتوصل لها الباحثون نظريًا أولًا قبل عقود من التوصل إليها أو ملاحظتها فعليًا، فإن المغناطيسية البديلة وصلت إلى نطاق المعرفة العلمية خلال بضع سنوات فقط. في ورقة بحثية جديدة، يُظهر العلماء إمكانية ضبط هذه المواد بدقة شديدة لإنشاء اتجاهات محددة للمغناطيسية.

تمكن الباحثون من تأكيد نظرية غريبة -لكن مؤكدة- مفادها أن المغناطيسية البديلة تجمع بين المغناطيسية الحديدية العادية والمغناطيسية المضادة. كما تشير الأسماء، كان يُعتقد أنهما ضدان لا يتوافقان. بصرف النظر عن مدى تأثير ذلك في المغناطيسات التي تضعها على ثلاجتك، فإنه للأشخاص الذين يصنعون الموصلات الفائقة والمواد الطوبولوجية عند الصفر المطلق تقريبًا، قد يكون هذا الاكتشاف هو الحدث المهم القادم.

تمكن العلماء من بناء أقوى مغناطيس مقاوم

تعمل المواد المغناطيسية الحديدية القياسية -أو «الحديد الموجه»- بالتأثير في الأجسام القريبة المصنوعة من الحديد أو غيره من المواد المغناطيسية والسبائك. بالمقابل، تصف المغناطيسية الحديدية المضادة كيف يمكن لهذه المغناطيسات أن تعمل بطريقة خفيفة للغاية وغير مرئية تقريبًا على المواد التي لا تندرج تحت مظلة «الحديد». تعمل المغناطيسات الكهربائية –الناتجة من مرور تيار عبر سلك ملفوف- بالطريقة ذاتها، لكن بقوة أكبر، وتعتمد في الوقت ذاته على التيار الكهربائي. تمتلك الأرض مجالًا مغناطيسيًا جزئيًا لأن قلبها المعدني المنصهر الدوار يعمل مثل مغناطيس كهربائي.

أما في المغناطيس المتناوب، قد يختلف اتجاه الدوران، ما يؤثر في «الشبكة» التي تشكل ما يُسمى البلورة المثالية، وهي مادة تكون أنماط بلوراتها مثالية ولا تنقطع بسبب العيوب أو التغيرات الاتجاهية أو العوامل الأخرى التي قد تحدث طبيعيًا. مثلًا، تعد العديد من الماسات الطبيعية بلورات مثالية، ما يشكل جزءًا مما يمنحها مظهرها الصافي للغاية. لكن المعادن قد تكون بلورات مثالية أيضًا.

في التجربة، استخدم العلماء المجهر الإلكتروني الضوئي الانبعاثي (PEEM) المستقطب للمساعدة على الكشف عن التأثير المغناطيسي، لرسم خريطة للبنية الشبكية الكاملة لتيلوريد المنغنيز البلوري (MnTe). أظهرت صورهم المرئية المجمعة البنية البلورية الأساسية، مع شبكة من الأسهم تشير إلى اتجاهات المغناطيسية عند كل نقطة. تمكن العلماء أيضًا من التلاعب بنقاط الدوران المغناطيسي.

أظهر الباحثون أدلة تجريبية على المغناطيسية المتغيرة سابقًا، لكنهم لم يصوروا المادة الناتجة بهذا القدر من التفصيل. استخدم الباحثون مجهرًا زخميًا يركز على منطقة خاصة فوق المادة تُظهر كيف تدور الإلكترونات المختلفة فيها، العامل الحيوي الذي يحدد كيفية عمل المغناطيسية. كان هذا العمل خطوة مهمة أخرى نحو تصوير المغناطيسية المتغيرة.

كيف تعمل المغناطيسات؟

تحظى المواد النانوية عمومًا باهتمام كبير في العديد من مجالات البحث. تعمل أجهزة الكمبيوتر الكمومية على هذا المستوى، ولا يزال أمامها طريق طويل قبل أن تصبح عملية خارج إعدادات المختبر المحددة للغاية والمراقبة بشكل كبير. وقد تؤدي المواد المغناطيسية البديلة أيضًا إلى إحداث ثورة في مجال الإلكترونيات الدورانية، الذي يشير إلى دراسة وتحسين أجهزة الحالة الصلبة، يشمل ذلك محركات الحالة الصلبة (SSDs) في أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، التي تستخدم دوران الإلكترون. مع أن المواد المغناطيسية الحديدية التقليدية التي نستخدمها اليوم جيدة في نواح كثيرة، فإنها ليست مثالية، وقد تؤدي إلى تشويش بين أجزاء منفصلة من البيانات، ما يُعرف باسم التداخل.

على المستوى النانوي، فإن كل ما نخزنه داخل أجهزتنا هو نتيجة للعمل المنسق للإلكترونات. إذا أمكن تحسين هذه المواد، فقد يعني ذلك كفاءة أعلى، ومزيدًا من التخزين ضمن نفس حجم المادة، وتكاليف أقل للوصول إلى البيانات. خلص العلماء في ورقتهم البحثية إلى أن المغناطيسات المتغيرة قد تساعد على تعزيز دراسة الموصلات الفائقة العملية والمواد الطوبولوجية.

يبدو أن مستقبل الإلكترونيات قد يعتمد على أنماط الدوران المخصصة للغاية.

اقرأ أيضًا:

علماء يثبتون نظرية كمومية قد تؤدي إلى حوسبة مغناطيسية فائقة السرعة

ماذا يحدث عند انعكاس مغناطيسية الأرض؟

ترجمة: شهد حسن

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر