تختلف تجربة الولادة الطبيعية من امرأة لأخرى، وحتى عند المرأة نفسها من حمل لآخر. لا توجد طريقة لمعرفة كيفية سير المخاض ومدته لدى المرأة، ومن المعتاد أن تخشى النساء هذه العملية وأن تقلق من الألم المرتبط بها.
تقول ليزلي لودكا، القابلة المعتمدة في اتحاد الصحة في ماساتشوستس: «لا نعرف بالضبط ما هي آلية بدء المخاض، فلم يكتشف العلم ذلك بعد».
لا نعلم ما الذي يحفز المخاض بالضبط، لكن العلماء يعتقدون أنه يبدأ عندما ينتج الجنين هرمونات محددة. ومع ذلك، توجد العديد من الأساطير والمعتقدات القديمة حول طرق تحريض المخاض، وقد يكون بعضها فعالًا بالفعل، في حين أن البعض الآخر غير فعال.
في دراسة شملت 200 أم، ذكرت نحو نصف النساء أنهن جربن طريقة واحدة على الأقل لتحريض المخاض في الأسابيع الأخيرة من الحمل. وجدت النتائج أن 85% من النساء الحوامل حاولن المشي و45% حاولن ممارسة الجنس و22% تناولن الأطعمة الحارة و15% حاولن تحفيز حلماتهن.
ووفقًا للودكا، لا تجب محاولة تحريض المخاض بتناول الأطعمة الحارة أو القيادة في طريق وعرة أو المشي لمسافات طويلة، وهذه الطرق الثلاث مأخوذة من حكايات شائعة قديمة ترويها الزوجات. ومع ذلك، يوجد أسلوبان يساعدان على بدء المخاض بالفعل، وهما ممارسة الجنس وتحفيز الحلمات.
وضحت لودكا أن ممارسة الجنس قد لا تكون مريحة في هذه المرحلة من الحمل، ولكن النطاف تحتوي على البروستاغلاندين، وهو مركب هرموني يلين عنق الرحم ويحرض بدء المخاض.
وقالت أيضًا أن تحفيز الحلمات باليد قد يحفز حدوث المخاض عند المرأة التي اقترب موعد ولادتها ولديها حمل صحي طبيعي. تساعد هذه العملية على إفراز الأوكسيتوسين وهو هرمون يسبب تقلصات الرحم.
تنصح لودكا بتحفيز الحلمة بفرك حلمة واحدة بالإصبع حتى حدوث التقلص. ثم الانتظار مدة 5 دقائق قبل البدء مجددًا. وأنه يجب عدم فرك الحلمتين معًا إذ قد يؤدي ذلك إلى تقلصات رحمية شديدة.
إحدى العلامات الدالة على قرب المخاض هي شعور المرأة بغريزة التَعَشُّش nesting. إذ إن فترة أواخر الحمل تترافق مع تعب كبير، ومع ذلك تشعر بعض النساء بتفجر مفاجئ في الطاقة، والرغبة في الطهي والتنظيف وترتيب المنزل قبل وصول الطفل.
كشفت دراسة كندية سنة 2013 أن سلوكيات التعشش تبلغ ذروتها في الثلث الأخير من الحمل. وهذا يشبه سلوك الأمهات في المملكة الحيوانية إذ تجهز بيئة آمنة للوافد الجديد، يمثل التعشش عند النساء غريزة وقائية ويعزز الترابط بين الأم والطفل.
قد تظهر علامات أخرى تشير إلى اقتراب المخاض. توضح لودكا العلامات الست الأكثر شيوعًا لقرب الولادة:
1. الشعور بنزول الطفل
قبل بدء المخاض بساعات إلى أسابيع، قد تشعر المرأة بسقوط الطفل إلى أسفل الحوض. يُسمى ذلك التَخَفُّف lightening، ويعني أن الطفل يتخذ وضعية الولادة إذ تتجه رأسه إلى أسفل. قد لا تشعر النساء اللائي سبق لهن الولادة بالتخفف إلا قبل المخاض مباشرةً.
باستقرار الطفل في وضعية التخفف يقل الضغط على الحجاب الحاجز لدى المرأة، ما يسهل التنفس، لكن يزداد الضغط على الحوض والمثانة، ما يؤدي إلى تكرر الرغبة في التبول، ويزداد بروز بطن المرأة فتتهادى في مشيتها.
2. تقلصات قوية منتظمة
يتقلص الرحم طوال فترة الحمل، لكن قرب الولادة، تتأهب عضلات الرحم للمجهود الكبير المُنتظَر. قرب نهاية الحمل، تدفع تقلصات الرحم الطفل إلى أسفل، ليتخذ وضعيته تجاه قناة الولادة. وفي النهاية ستؤدي هذه التقلصات إلى دفع الطفل نحو الخارج.
يتميز المخاض فعليًّا بحدوث تقلصات منتظمة شديدة متقاربة، بفارق نحو 5 دقائق، لأكثر من ساعة أو ساعتين، تبدأ هذه التقلصات عادةً عند الظهر وتمتد إلى الأمام. تشعر المرأة نتيجة هذه التقلصات بأن بطنها يصبح قاسيًا مثل كرة السلة ثم يعاود الاسترخاء.
الفرق بين التقلصات الكاذبة والحقيقية
إذا عانت المرأة 6 تقلصات كل ساعة، وتشتد هذه التقلصات وتحدث على فترات منتظمة، يشير ذلك إلى اقتراب الولادة. ولا تزول تقلصات المخاض الحقيقي حتى لو غيرت المرأة وضعيتها أو حاولت التجول أو الاستلقاء.
لا يعرف الأشخاص غالبًا كيفية توقيت التقلصات بشكل صحيح. يُحسَب التوقيت من بداية التقلص الأول إلى بداية التقلص التالي له متضمنًا فترة الراحة والاسترخاء بينهما.
وفقًا للكلية الأمريكية للتوليد وطب النساء، تحدث تقلصات المخاض الكاذب غالبًا (تُسمى تقلصات براكستون هيكس Braxton Hicks contractions) على فترات زمنية غير منتظمة، ولا تتقارب مع مرور الوقت بل تتلاشى.
وعلى عكس المخاض الحقيقي، تشعر النساء بتقلصات المخاض الكاذب عادةً في مقدمة الجسم أسفل البطن، وهي عمومًا ضعيفة وتتوقف عند تغيير الوضعية، كأن تمشي المرأة أو تستلقي.
3. انفجار مياه الرأس
ينمو الجنين ويتطور داخل رحم المرأة محاطًا بالسائل الأمنيوسي amniotic fluid، ويخرج هذا السائل عند تمزق الكيس الحامي له. تعاني بعض النساء تدفقًا غزيرًا للسائل، في حين يتخذ شكل قطرات بسيطة عند أخريات.
قد تنفجر مياه الرأس قبل أيام من بدء المخاض، أو في أثنائه، أو قد لا تنفجر إطلاقًا، وتُنصح الأمهات بالاتصال بالقابلة عند انفجار مياه الرأس لتحديد لون السائل ورائحته، إذ يساعد ذلك على تحديد إذا كانت المرأة تسرب البول (وهو عرض شائع في الحمل) أم أنه السائل الأمنيوسي.
بعد تفجر مياه الرأس، يصبح الجنين غير محاط بسائل واق، ما يزيد خطورة تطور الأخماج لديه، ما يدفع الأطباء والقابلات إلى توليد المرأة في أقرب وقت.
4. الألم والتشنج أسفل الظهر
في أثناء المخاض، تشعر المرأة بزيادة الضغط أو التشنج في منطقة الحوض والمستقيم، وبألم أسفل الظهر.
5. إفرازات مهبلية دموية
مع بدء المخاض أو قبل حدوثه بأيام، قد تلاحظ المرأة إفرازات مهبلية وردية أو بنية أو دموية قليلًا، وهو ما يعرف بالإظهار الدموي bloody show، وينتج عن خروج الإفرازات المخاطية التي تسد فتحة الرحم في أثناء الحمل. تنحل هذه السدادة المخاطية عندما يتوسع عنق الرحم في بداية المخاض.
6. إسهال أو غثيان
تفقد بعض النساء القدرة على التحكم في التبرز في بداية المخاض أو يتقيأن لأسباب مجهولة. قد يحدث الإسهال أولًا ثم يبدأ المخاض، أو قد يحدث العكس.
اقرأ أيضًا:
المخاطر الحقيقية للولادة الطبيعية
اختبارات التقصّي الجيني ما قبل الولادة؛ الفوائد والمخاطر
ترجمة: أحمد رجب
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين