طور باحثون في كلية ديوك نس Duke-NUS الطبية -وهي كلية أُنشِئت بالتعاون بين جامعة ديوك في الولايات المتحدة والجامعة الوطنية في سنغافورة- علاجًا تجديديًا واعدًا لأمراض القلب يعتمد على الخلايا الجذعية، إذ ثبتت قدرتها على إصلاح الخلايا المُصابة، ما يوفر علاجًا محتملًا لمرضى الفشل القلبي.
وأظهر العلاج نتائجه الرائعة في التجارب ما قبل السريرية لعلاج الفشل القلبي، فحين زُرعَت هذه الخلايا داخل القلب المصاب، تمكّنت من إصلاح النسيج المتضرر، وتحسين الوظيفة القلبية، وذلك وفقًا لدراستهم المنشورة في مجلة npj Regenerative Medicine في الثامن من يونيو عام 2023.
يُعد الداء القلبي الإقفاري أشيع سبب للوفاة في العالم، الذي ينتج عن انخفاض تدفق الدم إلى القلب.
عندما تنقطع التروية الدموية المغذية للقلب، تموت خلايا العضلة القلبية وتعرف هذه الحالة باحتشاء العضلة القلبية أو النوبة القلبية.
استُخدِم بروتوكول جديد وفريد في هذه الدراسة يعتمد على زراعة الخلايا الجذعية الجنينية -أي الخلايا غير الناضجة في المختبر- لتنمو إلى طليعة خلايا العضلة القلبية، التي ستتطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا القلبية، ويتحقق ذلك أثناء تمايز الخلية، وهي عملية تكتسب فيها الخلايا المنقسمة وظائف محددة.
حُقنت الخلايا الطليعية في التجارب قبل السريرية داخل منطقة متضررة بسبب احتشاء العضلة القلبية، فاستطاعت الخلايا التمايز والتحول إلى خلايا عضلية قلبية، واستعادت النسيج المتأذي وحسّنت وظيفة القلب أيضًا.
قالت الدكتورة لين ياب، أستاذة مساعدة في كلية لي كونغ تشيان للطب في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: «كانت عملية التهجين أي زراعة أنواع مختلفة من الخلايا، عملية سريعة تمت في مدة زمنية تقل عن أربعة أسابيع من الحقن، ما يعني أن الجسم تقبّل الخلايا الجذعية المزروعة. ولاحظنا أيضًا نمو نسيج قلبي جديد وتحسن في الوظيفة القلبية وهذا يؤكد احتمالية تطوير البروتوكول وتحويله إلى أساليب آمنة وفعالة في العلاج الخلوي».
كان هذا ماقالته الدكتورة لين ياب، المؤلفة الأولى للدراسة، التي قادت البحث عندما كانت أستاذة مساعدة في برنامج اضطرابات القلب والأوعية الدموية والأيض في جامعة ديوك نس.
وفقًا لدراسات أجرتها مجموعات أخرى، كان للخلايا المزروعة في نسيج العضلة القلبية التي تنبض بالفعل، تأثيرات جانبية قاتلة تعرف باضطراب النظم البطيني، يسبب نبضات قلبية غير طبيعية تمنع القلب من ضخ الدم للجسم، أو تحد من كميته.
تضمن الإجراء الجديد الذي طوّره الباحثون في كلية ديوك نس الطبية، زراعة خلايا قلبية غير نابضة في نسيج العضلة القلبية المتضرر، إذ نمت الخلايا بعد الزراعة واكتسبت إيقاع القلب الطبيعي. واستطاع الباحثون بهذا الإجراء تجنب 50٪ من خطر الإصابة باضطراب النظم البطيني.
معظم الحالات التي اكتُشفت كانت مؤقتة، إضافة إلى تحسنها ذاتيًا في غضون 30 يومًا تقريبًا. لم تحفز أيضًا تلك الخلايا المزروعة أورامًا سرطانية، التي تُعد مصدر قلقٍ شائع متعلق بعلاج الخلايا الجذعية.
قال الأستاذ كارل تريغفاسون، المؤلف الرئيسي للدراسة من برنامج الأمراض القلبية والأيضية في كلية ديوك نس الطبية: «تقربنا هذه التكنولوجيا خطوة نحو تقديم علاج جديد لمرضى الفشل القلبي، الذين يعيشون بقلوب مصابة ويملكون فرصًا ضئيلة للشفاء. ستؤثر هذه الطريقة كثيرًا في مجال الطب القلبي التجديدي بتأمين بروتوكول مُجرَّب ومُختَبر يستطيع استعادة العضلة القلبية المتضررة مع التقليل من خطر الإصابة بتأثيرات جانبية».
يقود كارل تريغفاسون -الأستاذ في مؤسسة تانوتو في أبحاث مرض السكري- دراساتٍ أخرى لجعل طرق الطب التجديدي ملائمة للمرضى المصابين بالسكري والتنكس العضلي في العيون، وللمرضى المحتاجين طعوم جلدية.
تدعم كل هذه الدراسات طريقة مستقرة وقابلة للتكرار والتحكم للحصول على الخلايا الصحيحة، لعملية الزراعة باستخدام بروتينات اللامينين التي لها دور رئيسي في تفاعلات الخلايا مع البنى المحيطة.
يوجد اللامينين بأشكال مختلفة، ويعتمد ذلك على بيئتها إذ لها دور رئيسي في تطوير أنواع خلوية معينة من أنسجة محددة.
تمايزت الخلايا الجذعية في هذه الدراسة متحولة إلى خلايا عضلية قلبية، بواسطة إنمائها على نوع اللامينين الموجود بغزارة في القلب.
قال الأستاذ المساعد إنريكو بيتريتو، أستاذ مساعد في الدراسة ومدير مركز البيولوجيا الحاسوبية في كلية ديوك نس الطبية:
«لضمان سلامة المرضى من الضروري أن تُظهِر العلاجات المعتمدة على الخلايا الجذعية فاعلية ملائمة ونتائج قابلة للتكرار. أظهرنا بعد تحاليل كثيرة حول الجزيئات والتعبير الجيني أن بروتوكولنا المعتمد على اللامينين لتوليد خلايا وظيفية لعلاج الداء القلبي، هو علاج قابل للتكرار كثيرًا».
رُخصت التكنولوجيا لشركة ناشئة في مجال التكنولوجية الحيوية في وقت سابق من هذه السنة لتعزيز تطوير الطب القلبي التجديدي المعتمد على الخلايا.
اقرأ أيضًا:
الخلايا الجذعية: مصادرها وأنواعها واستخداماتها
هل الخلايا الجذعية العالقة مسؤولة عن تغير لون الشعر وشيبه؟
ترجمة: ميلاد أبو الجدايل
تدقيق: نور حمود