تستطيع العين البشرية إدراك الألوان جيدًا، ويمكنها عادةً تمييز نحو مليون لون. الآن يستطيع نوع جديد من العدسات اللاصقة استعادة بعض الرؤية عند المصابين بعمى الألوان colour blindness ، الذين لا يستطيعون تمييز الألوان في جزء معين من الطيف.
تتوافر في الأسواق نظارات شمسية ذكية لترشيح التردد clever frequency-filtering sunglasses، تُصلح بعض أنواع عمى الألوان. لكن حديثًا، توصل المهندسان شارون كاربوف وتال إلينبوجن من جامعة تل أبيب، إلى ابتكار عدسات لاصقة مُصحِّحة للألوان.
إن هذا الابتكار لا يضيف خيارات جديدة مثيرة إلى مجال علاج عمى الألوان فحسب، بل قد يُصمَّم ليناسب مجموعةً متنوعة من المشكلات البصرية، إذ يتضمن عمى الألوان فعليًّا عدة حالات تؤثر في كيفية إدراك العين للأطوال الموجية المختلفة من الضوء.
في الجزء الخلفي من مقلة العين الطبيعية، توجد طبقة مكونة من 3 أنواع من الخلايا المخروطية الحساسة للضوء، تمتص هذه المخروطات الموجات الضوئية وترسل تنبيهًا إلى الدماغ.
يستجيب أحد أنواع هذه الخلايا للأطوال الموجية القصيرة نسبيًّا، في حين يستجيب النوعان الآخران للموجات الأطول: النوع (M) للضوء بين الأخضر والأصفر، والنوع (L) للضوء بين الأصفر والأحمر.
يسبب تضرر هذه المخروطات أنواعًا مختلفة من عيوب رؤية الألوان.
يواجه الناس عادةً مشكلةً في تمييز الألوان ضمن الأطوال الموجية من الأحمر إلى الأخضر، ما يعني تضرر المخروطات M أو L.
أكثر أنواع العمى اللوني شيوعًا هو شذوذ إبصار الأخضر والأحمر deuteranomaly، وفيه تُثبَّط الإشارات الصادرة عن الخلايا (M) الحساسة لطيف (الأخضر-الأصفر)، فيعوض المخ ذلك باستخدام الخلايا (L) الحساسة لطيف (الأصفر-الأحمر).
يشرح كاربوف التقنية المبتكرة في عدسات تصحيح اللون الجديدة قائلًا: «يعاني بعض الناس خللًا في تمييز اللونين الأحمر والأخضر، ما يعيق روتينهم اليومي البسيط، مثل معرفة كون الموز ناضجًا».
للفكرة ذاتها جذور قديمة تعود إلى أكثر من قرن مضى، إذ درس العالم الاسكتلندي الشهير جيمس كليرك ماكسويل James Clerk Maxwell في القرن التاسع عشر تطوير المعادلات التي تصف الموجات الكهرومغناطيسية التي نسميها الضوء، واقترح أن ترشيح بعض الألوان قد يساعد الألوان الأقل نشاطًا على الظهور.
قبل عدة سنوات ومن طريق الصدفة، توصل عالم المواد دون مكفرسون Don McPherson إلى إمكانية تشتيت الأمواج بطريقة تحقق المستوى المناسب من ترشيح الضوء، وذلك باستخدام مزيج من معادن أرضية نادرة في مادة شفافة.
وبعد الكثير من العمل الجاد، أنتجت شركة EnChroma نظارات للأشخاص المصابين بعمى اللونين الأحمر والأخضر deuteranomaly. يمكنك استخدام النظارات، لكن لا يحب الجميع ارتداءها.
يقول كاربوف أن النظارات المعتمدة على فكرة التصحيح هذه متوفرة تجاريًّا، لكنها أكثر سمكًا من العدسات اللاصقة.
إن تقنية الترشيح filtering التي استخدمها كاربوف وإلينبوغن لإصلاح خلل الرؤية، تعتمد أيضًا على خصائص أسطح الاقتران metasurfaces. وهي تباينات صغيرة في السطوح تغير طريقة انعكاس الضوء أو انتقاله عبر المادة.
يقول كاربوف: «تستعمل عدساتنا اللاصقة أسطح الاقتران، وتعتمد على مسارات بيضاوية ذهبية بقياس نانومتري، لخلق طريق مخصص ودائم لمعالجة حالات عمى الألوان».
إن استخدام أسطح الاقتران بدلًا من الترشيح يُسهل تعديل خصائص المادة لتناسب الاحتياجات الفردية. لكن ثمة مشكلة كبيرة تتمثل في أن التقنيات الحالية لإنتاجها لا يمكن تطبيقها إلا على أسطح مستوية.
لحل هذه المشكلة، اتفق المهندسان على تصميم الأسطح المعدنية بالطريقة التقليدية، وابتكروا طريقةً لنقل الرقاقة البالغ طولها 40 نانومترًا إلى عدسة منحنية.
لم تثبت العدسة الجديدة فائدتها بعد، ولكن التجارب المختبرية المعتمدة على اختبار إيشيهارا Ishihara test تشير إلى أن تمييز الألوان يتحسن بنحو 10 أضعاف عند استخدام العدسات، لذا فالبداية مبشرة
إضافةً إلى استخدام خصائص ترشيح الضوء في العدسات، يرى المهندسان أن عملية النقل يمكن تطبيقها على مجموعة كاملة من الأسطح المنحنية.
يقول كاربوف: «تفتح لنا هذه الصناعة آفاقًا جديدة لتضمين الأسطح المعدنية في ركائز أخرى غير مسطحة. نتوقع في المستقبل القريب أن نستطيع رؤية الألوان جميعها، مهما كانت مشاكل الرؤية التي نعانيها».
اقرأ أيضًا:
خمس نصائح للحفاظ على صحة العين
لأول مرة استخدام كريسبر داخل الجسم لتصحيح العمى
ترجمة: الزهراء عمر
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين