وفقًا لدراسة جديدة، تحتوي المياه المعبأة في عبوات البلاستيك على مئات الآلاف من جسيمات نانوية بلاستيكية صغيرة لا نعرف بوضوح تأثيرها في الصحة، وتوجد أيضًا في عدد كبير من الأطعمة، وفقًا لتقرير نُشر مؤخرًا إذ قدمت دراسة جديدة طريقة مُبتكرة للكشف عن هذه الجسيمات الصغيرة إذ تقاس بجزء من مليار من المتر.
ووفقًا لبحث جديد لمختبر Consumer Reports الذي وجد ميكروبلاستيك -بحجم يتراوح بين خمسة ملم إلى ميكرومتر واحد- في 84 من 85 نوعًا من الأطعمة التي اختُبرت، يبدو أن البلاستيك قد تسلل إلى سلسلة الغذاء البشرية أكثر مما كنا نعتقده سابقا.
أظهرت دراسة جديدة أخرى قادها باحثون في جامعة كولومبيا باستخدام طريقة جديدة للكشف عن النانوبلاستيك إذ كشف الباحثون عن وجود كمية تتراوح بين 10-100 ضعف كمية نانوبلاستيك في عبوات البلاستيك مقارنة بما جاءت به الأبحاث السابقة ويبقى لهذا البلاستيك آثار غير واضحة في صحة الإنسان.
وجدت الدراسة الجديدة بين 110,000 و370,000 جسيم نانو، معظمها كانت نانوبلاستيك، عند اختبارهم ثلاث علامات تجارية شهيرة من مياه معبأة في عبوات البلاستيك باستخدام تقنية الميكروسكوبيا تشتت رامان المحفز فوق الطيف (SRS)، استطاع الباحثون مراقبة جسيمات بحجم 100 نانومتر في المياه التي فحصوها.
الكشف عن جسيمات النانوبلاستيك في المياه:
قالت الدكتورة سارا بينديه، من معهد أبحاث علوم الطعام التابع للمجلس الوطني الإسباني للبحوث، التي لم تشارك في الدراسة: «نظرًا لكون طرق البحث الحالية عن جسيمات الميكرو والنانو التي توجد في البيئة محدودة، فإن أي تقدم في هذا المجال يُعد أمرًا مهمًا وإيجابيًا».
أشارت الدكتورة فيبي ستابلتون، التي شاركت في الدراسة بالتعاون مع الدكتور بيزهان يان، إلى أن أجهزة البحث ركزت على سبعة أنواع من البلاستيك وبالتالي قد تكون هناك أنواع أخرى لم تشملها الدراسة التي قد تنتج عن عملية تصفية المياه.
في حين لم تصرّح الدراسة بالعلامات التجارية التي اختُبِرت، لكن أشارت الدكتورة ستابلتون إلى تنوع الجسيمات بين العلامات التجارية: «كان هناك تنوع في عدد الجسيمات التي عُثر عليها لكل علامة تجارية».
لماذا قد تكون جزيئات البلاستيك الصغيرة ضارة؟
تدور مخاوف كثيرة حول استخدام البلاستيك مخاوف رغم عدم وجود تأكيد على أخطارها وقد أوضحت الدكتورة بينيدي: «من جهة، قد تسبب هذه الجزيئات البلاستيكية إصابات جسدية إذا ما لامست الطعام، مثل إصابة الأمعاء عند تناول الطعام الملوث، أو الرئتين عندما نتنفسها».
وعزت هذا الأذى المحتمل إلى الحقيقة البسيطة التي تقول أن البلاستيك يتراكم حول الأنسجة.
وعلاوة على ذلك، قالت: «قد يكون الميكروبلاستيك والنانوبلاستيك خطرًا كيميائيًا، إذ يحتويان على مواد تُضاف في أثناء الإنتاج لمنحها خصائص خاصة مثل القوة والمرونة والصلابة والقابلية للتكيف مع العوامل الخارجية، وما إلى ذلك».
أشارت الدكتورة بينيدي أيضًا إلى أن بعض الإضافات التي دُرِست مثل الفثالات -وهي واحدة من الملذنات والبيسفونول أ [BPA]- فتعد من مسببات اضطراب الغدد الصماء التي قد تؤثر في وظائف الجهاز الهرموني، ما يؤدي إلى التأثير في الإنجاب والجهاز العصبي والمناعي. وقد تحتوي جزيئات البلاستيك الصغيرة أيضًا على مكونات مضرة بالصحة.
وأضافت: «لدى الميكروجزيئات والنانوجزيئات القدرة على ربط جميع أنواع المركبات الكيميائية عند التلامس مع السوائل، وبالتالي تعمل كحاملات لجميع أنواع المواد بما في ذلك الملوثات البيئية والسموم والمضادات الحيوية أو الميكروبات التي بمجرد دخولها إلى الخلايا قد تحرر هذه المركبات، ما يؤدي إلى مشكلات صحية إضافية».
قالت الدكتورة بينيدي: «الجسيمات البلاستيكية ليست متجانسة حسب المادة البلاستيكية التي تأتي منها، وحجمها وشكلها أيضًا، التي لها آثار مختلفة وضارة على جسمنا، وقد تؤدي جزيئات البلاستيك إلى التوتر الجسدي، والموت البرمجي، والنخر، والالتهاب، والتوتر التأكسدي واستجابات المناعة، التي قد تسهم في تطوير الأمراض مثل السرطان واضطرابات التمثيل الغذائي والحالات العصبية ، وغيرها».
لا يتحلل البلاستيك بسهولة، لذلك عند ابتلاعه، قد يبقى لفترة غير محددة من الوقت، ما قد يشكل خطرًا صحيًا على المدى الطويل.
مستويات عالية من الفثالات والميكروبلاستيك في الطعام:
أظهرت دراسة “تقارير المستهلك” وجود فثالات في كل الأطعمة التي اختُبرَت تقريبًا بنسب قد تكون أحيانًا مرتفعة، وكان الطعام الوحيد الذي اختُبر ولم يحتوِ على أي فثالات هو Polar Raspberry Lime Seltzer.
ولم تحتو أي من الأطعمة التي اختبرتها تقارير المستهلك على مستويات من الفثالات تتجاوز المعايير الحالية للسلامة، ولكن هذه المعايير قد تتغير مستقبلًا، وفقًا لنفس التقرير.
وجدت تقارير المستهلك أيضًا كميات كبيرة من مادة البيسفينول أ، مع أن مستويات معظمها كانت أدنى مقارنة بدراسة سابقة أجريت عام 2009.
كيفية تقليل مخاطر استهلاك الميكروبلاستيك:
قالت الدكتورة ستابلتون في هذا السياق: «من المرجح أن تحتوي الأطعمة المصنعة والمشروبات المعبأة في عبوات البلاستيك على جزيئات بلاستيكية وأفضل نصيحة يمكن تقديمها في الوقت الراهن هي التوعية من أخطار البلاستيك وتجنبها قدر الإمكان».
وأوصت الدكتورة ستابلتون باستخدام القارورات الزجاجية أو المعدنية بدلًا من عبوات البلاستيك ما يقلل مخاطر التعرض للبلاستيك ويقلل حجم النفايات البلاستيكية.
واقترحت الدكتورة بينيدي أيضًا اختيار أوراق الشاي بدلًا من استخدام أكياس الشاي، والاعتماد أكثر على مياه الصنبور المصفاة واستخدام الأواني الزجاجية في الميكروويف.
أشارت الدكتورة ستابلتون إلى أنه رغم نتائج دراستها، ونظرًا لضرورة شرب الماء، فلا بأس باستخدام القارورات البلاستيكية عند الضرورة لأن مضاعفات التجفاف أخطر بكثير من ضرر النانو بلاستيك.
اقرأ أيضًا:
هل من الآمن إعادة استخدام عبوات المياه البلاستيكية؟
احذروا عبوات الرضاعة البلاستيكية، فهي مصدر لملايين الجزيئات الضارة التي قد يشربها الأطفال يوميًا
ترجمة: إيمان مشماشي
تدقيق: لين الشيخ عبيد