لا تسلك الموجات الصوتية طريقًا مباشرًا إلى آذاننا، فهي أيضًا ترتد عن كل ماهو موجود بجانبنا كالجدران مثلاً، وهذا هو السبب في أن تجربة الاستماع إلى عزف فرقة موسيقية في كاتدرائية مختلف عن الاستماع في نادي موسيقي صغير.
يطور العلماء الآن تقنية “لإخفاء” تأثير المواد على المجالات الصوتية، بحيث لا يبدو أن الموجات الصوتية تصطدم بها أو تنعكس عنها، في الواقع يمكن جعل هذه المواد شفافة بالنسبة لهذه الأمواج الصوتية.
يحدث ذلك باستخدام حلقة خارجية من الميكروفونات، تُستخدم مستشعراتٍ صوتية، وحلقة داخلية من مكبرات الصوت تُستخدم مصادرَ صوتية.
ومن خلال تحليل الموجات الصوتية التي تلتقطها الميكروفونات، يوجه الكمبيوترالسماعات لضبط المجال الصوتي على الفور، بحيث يتصرف كما لو أن الكائن الذي تم إخفاؤه لم يكن موجودًا.
وهذا رسم بياني يوضح كيف يعمل إخفاء الهوية على انعكاسات الموجات الصوتية بشكل فعال، بينما ينتج التصوير الهولوغرافي أوهامًا صوتية غير موجودة في الواقع.
ويوضح العلماء في ورقتهم البحثية: «أن هذا يفتح اتجاهات بحثية لم يكن من الممكن الوصول إليها سابقًا ويسهل تطبيقها عمليًا، بما في ذلك الصوتيات المعمارية والتعليم والتخفي».
إن فكرة إخفاء الأشياء صوتيًا في حد ذاتها ليست جديدة، فقد تمت تجربتها أيضًا مع ما يُعرف بالمواد الخارقة المصَمَّمة لامتصاص جميع الموجات الصوتية عند وصولها إلى سطحها.
ومع ذلك فإن هذا أسلوب سلبي وغير مرن إلى حد ما، فهو يعمل فقط عبر نطاق محدود من الترددات.
يوجد الكثير من التنوع في جعل الأشياء تختفي بهذا الأسلوب الجديد في الوقت الفعلي، ويمكنها أيضًا العمل حتى في الاتجاه الآخر، لجعل الأمر يبدو كما لو أن جسمًا غير موجود يشغل مساحة في الغرفة، كالتصوير ثلاثي الأبعاد.
هذا يسمى مصفوفات البوابة القابلة للبرمجة (FPGA)، وهي دوائر مُتكاملة يمكن ترميزها حسب الطلب، يمكنها ضمان أن مخرجات مصدر الصوت قادرة على الاستجابة لمخرجات مكبرات الصوت بدون أي تأخير على الإطلاق.
تمكن الباحثون حتى الآن من تشغيل نظام التخفي لأشياء ثنائية الأبعاد يصل حجمها إلى 12 سم، ومع التعمّق في الدراسات يتوقع الفريق قدرته على توسيع نطاق التقنيات للعمل مع أشياء ثلاثية الأبعاد بحجم أكبر بكثير. ويمكنها العمل بالفعل عبر نطاق تردد واسع.
يقول عالم الجيوفيزياء يوهان روبرتسون من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ: «إن منشآتنا تُتيح لنا معالجة المجال الصوتي على مدى تردد يزيد عن ثلاثة ونصف أوكتافات صوتية».
هذه التقنية يمكن استخدامها بشكل جيد في أي مجال يتم فيه تسجيل الموجات الصوتية وتحليلها، التي تغطي مجموعة كاملة من التطبيقات العلمية كدراسة الهياكل تحت الأرض.
يأمل الباحثون لاحقًا في الحصول على نظام مثل هذا يعمل تحت الماء أيضًا حيث تختلف الصوتيات بشكل كبير.
كذلك يمكن الاستفادة من مختلف عمليات مسح الموجات الصوتية عندما يلزم إخفاء الكائنات الموجودة أو وضع الأشياء الافتراضية.
قال عالم الجيولوجيا الرياضي أندرو كورتيس من جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة: «إن هذا البحث الجديد هو دليل آخر على الصبر الكبير للعديد من العلماء، عندما طوّروا الأساس الأوّلي للعباءة الصوتية قبل عدة سنوات».
أضاف كورتيس: «بدأ هذا التعاون قبل خمسة عشر عامًا عندما تم تطوير النظرية الأساسية، وهذا يوضح طبيعة طول مدة المشاريع العلمية».
نُشر البحث في مجلة Science Advances.
اقرأ أيضًا:
حدد الفيزيائيون مؤخرًا الحد الأعلى لسرعة الصوت في الكون
هل تؤثر سرعة الرياح في سرعة انتقال الموجات الصوتية عبرها؟
ترجمة: طاهر كلبيت
تدقيق: آلاء رضا