إن الحركة المرورية في مدار الأرض تزداد ازدحامًا. في الفضاء، لا وجود لقوانين الطرق، ومع عدد الأقمار الصناعية النشطة في مداراتها والآخذة بالتزايد خلال السنوات المقبلة؛ يزداد قلق الخبراء من خطر الاصطدام. يوم الاثنين، أُجبرت وكالة الفضاء الأوروبية ESA على إبعاد قمر المراقبة خاصتها جانبًا لإفساح المجال لأحد الأقمار الصناعية لشركة سبيس إكس في مجموعة ستارلينك.
مناورات الاصطدام شائعة جدًا؛ قامت بذلك وكالة الفضاء الأوروبية 28 مرةً في السنة الماضية. لكن عادةً تحدث هذه الوقائع بسبب الأقمار الصناعية الخارجة عن السيطرة أو الشظايا الناتجة عن الاصطدامات السابقة.
إلا أن أقمار ستارلينك الصناعية نشطة الآن، ما يعني أنها مستمرة باستقبال الإشارات من الأرض. وعندما اتصلت وكالة الفضاء الأوروبية بوكالة ستارلينك بشأن زيادة الاقتراب التدريجي للأقمار، ردت الشركة بتقرير أن ليست لديهم نية لتحييد أقمارهم الصناعية عن الطريق.
كان القمر الصناعي التابع للوكالة والخاص برصد الأرض Aeolus، في هذه المنطقة منذ تسعة أشهر، وصاروخ ستارلينك 44 كان قادمًا جديدًا؛ ما زاد من احتمالية التصادم كل يوم، فقررت وكالة الفضاء اتخاذ إجراء ما.
وفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية ESA، لأول مرة يضطر أحد أقمارها الصناعية لإطلاق نيرانه الدفاعية لتفادي اصطدام وشيك مع مجموعة صواريخ عملاقة؛ أسطول يضم مئات أو آلاف المركبات الفضائية.
ويقول بيان صادر عن وكالة الفضاء أنه خلال وقت المناورة، كانت فرص الاصطدام حوالي 1000/1، أي أعلى بعشر مرات من العتبة المسموح بها في تعليمات السلامة.
تدعي شركة SpaceX بأن لديها خلل في نظام التصفح عند الطلب؛ ما منع المسؤولين من رؤية هذا التحديث، لكن إن فعلوا ذلك، فسوف يقومون بتحريك الأقمار الصناعية لشركة سبيس إكس إن دعت الحاجة.
يقول هولغر كراغ Holger Krag، رئيس أمن الفضاء في وكالة الفضاء الأوروبية ESA: «يبين هذا المثال أنه في حال غياب قواعد المرور وبروتوكولات الاتصال، فإن تفادي الاصطدام يعتمد كليًا على منهجية متطلبات التشغيل».
«واليوم يجري هذا التفاوض عبر رسائل البريد الإلكتروني؛ إذ يعد ذلك إجراءً تقليديًا غير قابل للتطبيق مع زيادة عدد الأقمار الصناعية في الفضاء ما يعني المزيد من الازدحام الفضائي».
إن شركة SpaceX ليست الشركة الوحيدة التي تطلق مئات الأقمار الصناعية الجديدة في الفضاء، إلا أنها الشركة الأكثر طموحًا. وفي حال نجاحها، فربما ستكون منظومة ستارلينك في يوم من الأيام عبارةً عن أسطول كامل مؤلف من 12000 قمر صناعي، لتؤمِّن خدمة الإنترنت عالي السرعة حول العالم. وبنفس الوقت، تطلق شركات أخرى مثل OneWeb وKuiper مجموعة أقمار صناعية رئيسية في منافسة السباق الفضائي.
اليوم، هناك ما يزيد عن 5000 جسم يدور حول الأرض، ويعمل منها 2000 قمر. وخبراء الحطام الفضائي في وكالة الفضاء ESA قلقون عما ستفعله تلك المجموعات الحطامية لحركة المرور إذا لم تطبق القواعد.
وتناقشوا بأنه كلما زاد عدد احتمالات الاصطدام بسرعة، تطلبت القدرة على إدارة هذه الوقائع مجهودًا أكبر من الدماغ البشري؛ إذ أن النظام اليدوي الذي نستخدمه حاليًا لن يكون قادرًا على الحفاظ على العدد الكامل من الأقمار الصناعية لتدور بمدارها حول الأرض.
ويشرح كراغ قائلًا: «لم يكن أحد على خطأ هنا، لكن يوضح هذا المثال الحاجة الملحة لإدارة مناسبة لحركة المرور الفضائي، بوجود بروتوكولات اتصال واضحة وأكثر آلية».
«وهكذا كانت تعمل مراقبة الحركة الجوية لعدة عقود، والآن يحتاج مشغلو حركة الفضاء إلى الاتحاد مع بعضهم لتحديد التنسيق الآلي للمناورة».
وتقول وكالة الفضاء الأوروبية ESA أنها تقوم الآن بإنشاء نظام تفادي الاصطدام الآلي لتقييم إمكانية وقوع اصطدام والحصول على النتائج المرجوة بشكل أسرع من قبل. وحسب مناقشاتهم، فإن حفظ السلام في مجال مدار الأرض يتطلب أكثر من ذلك، إذ سيتطلب تعاونًا أيضًا.
وقال كراغ لموقع Forbes: «ما أريده هو وجود طريقة منظمة لإدارة حركة المرور الفضائية. ويجب أن تكون واضحةً عندما تتعرض لموقف يجب عليك أن تتخذ إجراءً للتعامل معه». «ولا يمكن أن يحدث ذلك عندما يكون لدينا 10000 قمر صناعي في الفضاء وهناك مشغلون يكتبون الرسائل الإلكترونية بشأن ما عليك فعله. وذلك ليس ما أتصوره عن الطيران الفضائي الحديث».
اقرأ أيضًا:
لماذا لا نرى الأقمار الصناعية ، والحطام المداري وغيرها في الصور الملتقطة للأرض من الفضاء الخارجي ؟
ما هي الأقمار الصناعية وكيف تعمل؟
ترجمة: فارس بلول.
تدقيق: أحلام مرشد.