وجدت دراسة جديدة أنه يمكن لظاهرة إل نينو واحدة أن تؤدي بنحو 6 مليون طفل إلى الجوع الشديد، ويصل هذا إلى نحو 3 أضعاف عدد الأطفال الذين أصابهم الجوع بسبب الوباء العالمي، ويعد إثباتًا واضحًا لكيفية تأثير إل نينو مباشرةً على رفاهية الإنسان على نطاق واسع.

يقول الباحث في الصحة العامة جوردون ماكورد من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو: «إنها لمأساة حقيقية أن تتسبب العمليات المناخية التي يمكن التنبؤ بها ببؤس كثير من السكان، حتى في القرن الحادي والعشرين».

تعد إل نينو دورة تسخين طبيعية فوق المحيط الهادئ، تسبب تغييرات جوية واسعة النطاق حول العالم.

تهب الرياح الاستوائية عادةً كل أربع إلى سبع سنوات، من الشرق إلى الغرب عبر المحيط الهادئ، ولكن عندما ترتفع درجة حرارة السطح تضعف هذه الرياح، بل ويمكن أن تنعكس، فتغير بذلك أنماط هطول الأمطار ودرجات الحرارة.

تنعكس العواقب الوخيمة المترتبة على هذه التحولات الهائلة في التيارات الجوية في النظم البيئية في جميع أنحاء العالم، وتسبب موجات جفاف قاسية، وتغذي الأعاصير، وتخنق الحياة البحرية، وتحفز تفشي الأمراض مع آثار اقتصادية وصحية، يمكنها أن تزيد من الصراعات الأهلية، وتزيد وحشيتها مع تغير المناخ.

بحث خبير الاقتصاد البيئي في جامعة سان فرانسيسكو، جيسي أنتيلا هيوز وزملاؤه آثار ظاهرة إل نينو والتذبذب الجنوبي على الأطفال في المناطق المدارية، وحللوا أربعة عقود من السجلات الصحية لأطفال من 51 بلدًا ناميًا، إضافةً إلى متوسط درجة حرارة سطح البحر بين شهري مايو وديسمبر من عام معين، وهذا مؤشر على سنوات حدوث الظاهرة.

ولظاهرة إل نينو آثار معينة على المناطق المدارية؛ لأن درجات الحرارة فيها تقترب من الحد الأقصى الذي يمكن للمحاصيل أن تحتمله، ويزيد عدد الأطفال المعرضين للخطر هناك أيضًا، وصنفت منظمة الصحة العالمية 20% منهم ممن يعانون نقصًا حادًا في الوزن.

كشفت البيانات الخاصة لأكثر من مليون طفل، وتغطي ما يقارب 50% من أطفال العالم دون 5 أعوام عن وجود نمط واضح. وإجمالًا، انخفض وزن الأطفال بوضوح خلال سنوات إل نينو، وبعد سنوات تُرجم ذلك أيضًا إلى توقف النمو الطولي، ما يدل على أن ظروف إل نينو تزامنت مع سوء تغذية الأطفال في معظم المناطق المدروسة.

من أميركا اللاتينية، مرورًا بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب آسيا، لم تختلف الآثار باختلاف المناطق، ولكن هنالك اختلاف في بعض المواقع الرئيسة.

وتلقى الأطفال تغذية أفضل في عدد من البلدان التي شهدت زيادات في هطول الأمطار خلال الظاهرة، كما هو مبين في إحصاءات الطول والوزن.

وليس غريبًا أن يبدو هطول الأمطار كأنه المحرك الأساسي بين إل نينو والنتائج الغذائية عند الأطفال.

يشرح عالم الاقتصاد البيئي في جامعة شيكاغو أمير جينا: «يمكن للعلماء التنبؤ باقتراب إل نينو قبل 6 أشهر، ما يسمح للمجتمع الدولي بالتدخل لمنع أسوأ التأثيرات، وتساعد دراستنا على تحديد حجم هذه التأثيرات على تغذية الأطفال؛ لتوجيه الاستثمارات العالمية العامة في المناطق التي تفتقر
إلى الأمن الغذائي».

وأضافت إل نينو نحو 6 مليون طفل إلى ملايين الأطفال الذين يعانون بالفعل سوءًا في التغذية، وذلك وفق حسابات الفريق.

يقول ماكورد: «بما أن العلماء يمكنهم أن يشيروا إلى الأماكن التي سيصيبها جفاف، أو الأماكن التي ستفيض قبل أشهر من الزمن، يمكن للمجتمع الدولي أن يعمل بصورة استباقية؛ لمنع إصابة العديد من الأطفال بسوء التغذية».

ويشعر أنتيلا هيوز بالقلق من أننا لم نتخذ أي إجراءات بعد لاستباق أحداث إل نينو المتكررة، والتي يمكن التنبؤ بها، نظرًا لأن التحول في المناخ يجعل كل من هذه الأحداث المناخية المحلية والعالمية أقل قابلية للتنبؤ في المستقبل.

وكتب الفريق في ورقتهم البحثية: «يمكن أن يساهم عملنا في تطوير أنظمة الإنذار المبكر للجوع، التي تسمح للجهات الفاعلة بنشر عمليات الدعم الغذائي والإنساني بطريقة استباقية، بدلًا من طرق رد الفعل»، وحث الحكومات والوكالات الإنسانية على إدراج تنبؤات إل نينو في تخطيطها وميزانيتها.

اقرأ أيضًا:

أدلة تثبت تقلب ظاهرة (إل نينو) بشدة في العصر الصناعي

ما هي ظاهرة النينو؟

ترجمة: حلا بوبو

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: حسين جرود

المصدر