ارتفعت حرارة الأرض العام الماضي بمقدار 0.2 زيادة عمّا تنبأت به نماذج التوقع الذكية، قد تبدو الزيادة صغيرة، لكنها زيادة غير مفسرة كونها تشمل الكوكب بأكمله.

قال غافين شميدت عالم المناخ في ناسا لمجلة Nature: «من التواضع الاعتراف أنه لم يربك عام قدرات علماء المناخ التنبؤية أكثر من عام 2023».

ويكمل: «حصل شذوذ درجات الحرارة في عام 2023 فجأةً، ما كشف عن فجوة معرفية غير مسبوقة للمرة الأولى منذ نحو 40 عامًا، عندما بدأت بيانات الأقمار الصناعية تقدم لمصممي النماذج نظرةً فريدة في الوقت الفعلي لنظام المناخ الأرضي».

يحذر شميدت من مواجهة أمر مجهول في حالة عدم استقرار هذا الشذوذ غير المفسر بحلول أغسطس، وذلك تماشيًا مع تقلبات ظاهرة النينيو السابقة.

للفهم أكثر، ظاهرة النينيو هي ظاهرة مناخية تحدث في المحيط الهادئ وتؤثر في الطقس العالمي. تتميز بارتفاع درجة حرارة المياه في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي، وعادة ما تحدث كل بضع سنوات وتستمر عدة أشهر. تنتج عنها تغيرات في أنماط الطقس مثل الجفاف في بعض المناطق والفيضانات في مناطق أخرى. وتُعد جزءًا من دورة مناخية أكبر تُعرف بتذبذب النينيو الجنوبي (ENSO)، التي تشمل أيضًا النينا وهي الظاهرة المعاكسة التي تتميز بتبريد المياه في المحيط الهادئ.

طُرحت عدة نظريات للحرارة الزائدة بما يتجاوز ما هو متوقع من ظاهرة النينيو والمعدلات المعروفة لزيادة ثاني أكسيد الكربون، وتشمل النظريات انخفاض الهباء الجوي الذي يبرد السطح بعد تغييرات الأنظمة في عام 2020، وزيادة بخار الماء الذي يحتجز الحرارة الناتج عن ثوران بركان هونجا تونجا هونجا هاباي في عام 2022، وذروة نشاط الدورة الشمسية التي ترسل المزيد من الحرارة إلى الأرض.

لا تفسر هذه الظواهر مجتمعة زيادة الحرارة الإضافية الملاحظة.

تزداد المخاوف من افتقادنا شيئًا مهمًا في فهم أنظمة مناخ الأرض، الذي من شأنه تفسير معدل الاحترار المتسارع، مثل احتمال خطأ في تحديد تاريخ بداية تأثير البشرية في المناخ.

قد تفسر احتمالية تقدمنا على المعدل سبب تغيرات المناخ الشديدة، بما في ذلك الفيضانات القاتلة والحرائق والعواصف.

يضيف شميدت: «كون الكوكب يزداد دفئًا بمرور الوقت يغير كيفية عمل نظام المناخ، وذلك أبكر بكثير مما توقعه العلماء، ومع ذلك قد يكون الازدياد المفاجئ في الحرارة مجرد شذوذ قصير الأمد أو خلل في البيانات».

يحذر عالم مناخ الأرض زيك هاوسفاثر في بيركلي في تحليل لمجلة Carbon Brief: «يوجد خطر من الخلط بين تقلبات المناخ قصيرة الأمد والتغييرات طويلة الأمد».

مع ذلك، يلاحظ هاوسفاثر أيضًا وجود بعض العلامات المبكرة التي تشير إلى أن الموضوع أكبر من مجرد شذوذ مؤقت، بما في ذلك الاحترار المتسارع المسجل في حرارة المحيطات وقياسات الأقمار الصناعية، لعدم توازن الطاقة في الأرض.

علاوةً على ذلك، لا توجد أي علامة على تغيير مسار هذه الزيادة الحادة في مؤشرات المناخ، فوصلنا إلى الشهر العاشر على التوالي من الحرارة القياسية العالمية، ومر 12 شهرًا على تعهد اتفاق باريس بالحفاظ على متوسط درجة الحرارة العالمية أقل من 1.5 درجة مئوية من المتوقع.

يحقق الباحثون ويناقشون الأرقام في الوقت الذي نختبر ونشهد العواقب الحقيقية لهذه الحرارة الزائدة في كل مكان.

يعاني ثلاثة أرباع الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا حاليًا مستويات عالية إلى قصوى من الابيضاض، وهو أحد أكبر الحواجز المرجانية في العالم. تموت الحيوانات جماعيًا ويعاني البشر الجوع بسبب تغيرات المناخ التي تؤدي إلى المجاعة في أفريقيا.

هذه فقط البداية، وبعض الأماكن تزداد فيها الحرارة أكثر بكثير من أماكن أخرى. تعد معالجة هذه الشكوك الكبيرة المحتملة في نمذجة المناخ أمرًا مهمًا، لكن إحراز تقدم كبير في وقف انبعاثات الغازات الدفيئة التي تدفع الجزء الأكبر من الاحتباس الحراري العالمي له الأولوية الكبرى.

اقرأ أيضًا:

رسميًا، سجل يوليو 2023 أعلى درجات الحرارة على الأرض منذ بدء تسجيل الإحصاءات

درجات الحرارة العالية أثرت في كل شبر من كوكب الأرض سنة 2023

ترجمة: مريم ميهوب

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر