رحبوا بأول طفل في العالم مولود من ثلاثة آباء، لعائلة أردنية


يؤكد تقرير حصري أصدرته جيسيكا هامزلو (Jessica Hamzelou) من دورية (New Scientist) ولادة طفل يتشارك الحمض النووي مع ثلاثة آباء منذ خمسة أشهر، بعد إجراء الأطباء الأميركيين عملية تبرّع بالميتوكوندريا (عضيات خلوية) في المكسيك.

وعلى الرغم من أن الفكرة مثيرة للجدل وتبدو وكأنها مؤهلة لإنتاج فيلم خيال علمي، إلا أنه كان للباحثين سبب وجيه لمحاولتهم القيام بهذه العملية.

فباستخدام الحمض النووي من البويضة المانحة، تمكّنوا من تجاوز مرض وراثي مميت تحمله والدة الطفل.

في عام 2005، تمكّن زوجان أردنيان (مجهولا الاسم) من إنجاب أول طفل لهما بعد حدوث أربع حالات إجهاض مفجعة.

ولكن كان هنالك مشكلة، فقد كانت ابنتهما الرضيعة مصابة بمتلازمة لي (Leigh syndrome) وهو مرض وراثي ينتقل عبر الحمض النووي للميتوكوندريا، فانتقل مركز القوة الخلوية مباشرةً من الأم إلى الطفلة.

وقد سبّب لها هذا المرض ضعفًا وشللًا وضمورًا عصبيًا والموت في نهاية المطاف.

توفيت طفلتهما الأولى وهي في السادسة من عمرها، كما توفي طفلهما الثاني عن عمرٍ لم يتجاوز ثمانية أشهر.

كان الزوجان يائسان لإنجاب طفل يتمتع بصحة جيدة، فاتصلوا بالطبيب الأمريكي جون تشانغ (John Zhang) في مركز الأمل للخصوبة (the New Hope Fertility Center) في مدينة نيويورك، والذي كان يبحث آنذاك في إيجاد حلول لأمراض الميتوكوندريا عبر منهج جديد أسماه (تقنية الثلاثة آباء) أو التبرّع بالميتوكوندريا.

هناك طريقتان لإجراء هذه العملية.

في الأولى والتي تعرف بنقل طليعة النواة (pronuclear transfer)، إذ يتم تلقيح بويضة الأم والبويضة المانحة بنطاف الأب.

بعد ذلك، تتم إزالة النوى من كل من البويضات الملقحة ويتم التخلص من النواة المانحة.

ثم يتم إدخال النواة الأم داخل البويضة المانحة.

فيكون للجنين الناتج الحمض النووي من الأم والحمض النووي الميتوكوندري من المتبرّع.

التقنية الثانية، والتي اختارها تشانغ وزملاؤه نتيجة اعتراض المرضى على عملية التخلّص من الأجنة لأسباب دينية، تسمى النقل النووي المغزلي
(spindle nuclear transfer). في هذه التقنية، استبدل فريق العمل نواة البويضة المانحة بنواة بويضة الأم ثم قاموا بتلقيحها.

وقاموا بتأدية هذه التقنية على خمس بويضات، لكن واحدة فقط منها تطوّرت بشكل طبيعي.

فقام الفريق بزرع الجنين الناتج في رحم الأم التي حملته ببطنها حتى موعد المخاض.

الآن، يبدو الطفل، البالغ من العمر خمسة أشهر، بصحة جيدة. لا تحمل الميتوكوندريا الخاصة به سوى 1% من الطفرات التي تسبب متلازمة لي، وهي أقل بكثير من 18% التي تعتبر العتبة الدنيا لإنتاج الأعراض.

تعدّ هذه التقنية غير قانونية حاليًا في الولايات المتحدة، لذلك فقد أجراها تشانغ وزملاؤه في المكسيك، حيث لا توجد قوانين تمنع إنجاب أطفال من ثلاثة آباء.

في شهر شباط، قدمت لجنة من الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم والهندسة والطب تقريرًا يفيد بأن اختبار هذه التقنية يعد أمرًا أخلاقيًا، إلا أن إدارة الأغذية والعقاقير لم توافق بعد على اختبار التبرّع بالميتوكوندريا في الولايات المتحدة.

في شباط عام 2015، أصدر البرلمان البريطاني مرسومًا يسمح بإجراء هذه التقنية، وبحسب تقارير جيمس راش (James Rush التابعة لصحيفة The independent)
، يمكن لهذا الأمر أن يساعد أكثر من 2,400 امرأة.

على الرغم من أنه لم يتم حتى الآن القيام به في هذا البلد.

وهناك تقنية مماثلة تدعى بالنقل السيتوبلازمي (الهيولي) (cytoplasmic transfer)، تمت محاولتها في فترة التسعينات.

ولكن بعد حوالي 100 إجراء، حظرتها إدارة الأغذية والعقاقير بسبب المخاوف من تشوهات وراثية ناتجة عن حقن سيتوبلازما البويضة المانحة بالبويضة المضيفة.

على الرغم من أن تشانغ وفريقه تجاهلوا قانون الولايات المتحدة عن طريق قيامهم بأداء هذه التقنية في المكسيك، فإن سيان هاردينغ (Sian Harding)، وهي أستاذة في علم أدوية القلب في الكلية الامبريالية للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن، استعرضت أخلاقيات التشريع في المملكة المتحدة، وتقول أن أساليب الفريق كانت سليمة أخلاقيًا. «إنها جيدة وحتى أفضل مما سنقوم به في المملكة المتحدة»، هكذا قالت لجيسيكا هامزلو، مشيرًة إلى أن الفريق لم يقم بقتل أي من الأجنة؛ بل أنتج طفلًا ذكرًا سليمًا لتقليل فرصة انتقال التحورات الممرضة في الحمض النووي للميتوكوندريا إلى جيل آخر.


إعداد: ديانا نعوس
تدقيق: دانه أبو فرحة

المصدر