طب الأسنان الشرعي هو استخدام علوم طب الأسنان جزءًا من التحقيقات القانونية، يُستخدم طب الأسنان الشرعي غالبًا لتحديد هوية الجثة استنادًا إلى تسجيلات متعلقة بالأسنان، أو لتحديد هوية الجاني عبر المقارنة بين تسجيلات الأسنان، وعلامة العضة التي تُركت على جسد الضحية، وقد يستخدم طب الأسنان الشرعي لفحص الأسنان، وتقديم أدلة على عمر الشخص، ونظامه الغذائي.
بدايات طب الأسنان الشرعي:
كان أول استخدام لطب الأسنان الشرعي في أثناء حكم الإمبراطورية الرومانية، في قضية لوليا باولينا في روما عام 49 ميلادي.
كانت جوليا أغريبينا زوجة الإمبراطور كلوديوس، امرأةً غيورةً تخشى من المطلقة الثرية التي تدعى جوليا باولينا أن تهدد زواجها، فأصدرت جوليا مرسومًا بقتل منافستها، وطلبت من جنودها إعادة رأس لوليا باولينا للتدليل على موتها.
كانت الملامح مشوهةً عندما وصل الرأس، لدرجة أن جوليا لم تتمكن من إثبات الوفاة إلا بالتعرف على الخصائص المميزة لأسنان لوليا، فأصبح ذلك أول مثال معروف لاستخدام طب الأسنان في تحديد الهوية.
ضرس العقل ولغز الدوفين المفقود:
مثال آخر: وِضع لويس السابع عشر الابن المشؤوم للملك لويس السادس عشر، وماري أنطوانيت في السجن، عندما قُطع رأس الملك، والملكة خلال الثورة الفرنسية، وتوفي في عمر 10 أعوام، ودُفن في قبر غير مميز، وبعد أكثر من 100 عام، اكتُشف تابوت في مقبرة في باريس، وظن الكثيرون أنها تحتوي جثة لويس، واستُدعي رجل يُدعى: الدكتور إيميل ماجيتوت لفحص الجثة، وتحديد عمر الرفات، وقد وجد إيميل أن عظام الفك لم يبق فيها أسنان مؤقتة (لبنية)، وأن ضرس العقل قد بزغ فوق العظم، ما دفعه إلى استنتاج أن هذه الجثة لم تكن للأمير البالغ من العمر 10 أعوام، وقد نُشرت النتائج عام 1897، وأصبحت أول استخدام مُسجل رسميًا لطب الأسنان الشرعي.
طبيب أسنان في النهار، رجل وطني في الليل
كان بول ريفير عنصرًا رئيسيًا في الثورة الأمريكية، واشتهر (برحلته في منتصف الليل) لتحذير المستعمرين أن البريطانيين قادمون، وقد كان بول عن غير قصد أول شخص ممارس لطب الأسنان الشرعي في أمريكا، فعندما كان شابًا تدرب بول على صياغة الفضة قبل أَن يدرس تحت إشراف جراح أسنان إنكليزي يدعى جون بيكر، الذي علمه صنع الأسنان الاصطناعية، وخلال الحرب الثورية طُلب من بول التعرف على جثة اللواء جوزيف وارن، نفس الرجل الذي أرسله في رحلته الشهيرة مؤخرًا، وعندما وصل بول كانت جثة جوزيف قد تحللت بشدة، ولم يستطع التفريق بينه، وبين الجنود القتلى، حتى اكتشف بول أن أحد القتلى كان يضع طقم أسنان، وهي الأسنان الاصطناعية التي صنعها بول لجوزيف قبل سنوات، وأصبح اكتشاف بول ريفير أول حالة تعرف على أحد أفراد الخدمة العسكرية باستخدام بقايا الأسنان.
أخذ قضمة من الجريمة
قد يكون الرجوع إلى سجلات طب الأسنان للتعرف على الجثث، الاستخدام الأكثر شهرةً لطب الأسنان الشرعي، مع أنه يكون مفيدًا جدًا في التعرف على الأشخاص بفضل علامات العض الخاصة بهم، ومن أشهر الأمثلة: إدانة القاتل المتسلل تيد باندي، الذي ترك أثرًا مميزًا على أحد ضحاياه، فقد كانت أسنان تيد معوجة، ومكسرة، وكانت مطابقة عضته مع الانطباعات الموجودة على الجثة سهلةً، وأدى هذا الدليل إلى إدانته بالقتل، وأُعدم لاحقًا.
لعب طب الأسنان الشرعي دورًا هامًا في عدد لا يُحصى من التحقيقات الجنائية، ولعلوم طب الأسنان الشرعي تاريخ غني ينافس أكثر سلاسل المباحث إقناعًا في العصر الحديث.
اقرأ أيضًا:
تاريخ الطب: الطب في عصور ما قبل التاريخ
تاريخ الطب: الطب الإغريقي القديم وكيف نظر الإغريق للطب
ترجمة: مريم محي الدين
تدقيق: ميرفت الضاهر
مراجعة: عون حدّاد