يومًا ما، عوضًا عن أخذ حبة دواء أو حقنة، ربما ستتمكن من استخدام أحد التطبيقات على جهازك المحمول!
يقول لويس أولوا (Luis Ulloa): «في المستقبل، أعتقد أننا سنستخدم هواتفنا الخلوية لكي نتحكم بوظائف أعضائنا».
دعونا نفكر في الأمر قليلًا، لنفترض أنك مصاب بداء السكري وتحاول السيطرة على مستويات الإنسولين في جسمك، وعوضًا عن تناول حبة الدواء أو أخذ حقنة الإنسولين، فإنك تقوم بالضغط على أحد تطبيقات هاتفك الخلوي والذي يُنبه البنكرياس بضرورة إعادة مستويات السكر في الدم لمستوياته الطبيعية.
هل يبدو ذلك غير قابل للتطبيق؟ حسنًا، يبدو أن هذه ليست وجهة نظر لويس أولوا –وهو مختص في علم المناعة في كلية الطب في نيوجرسي– وفقاً لورقته البحثية التي نُشرت مؤخرًا في مجلة (Trends in Molecular Medicine).
يقول أولوا: «جسمنا يشبه غرف المنزل كثيرًا»، ويتابع قائلًا: «ولكي تستطيع الرؤية عندما تدخل إلى غرفة مظلمة، ستحتاج للكهرباء من أجل الإنارة.
جسمنا يشبه هذه الغرفة، كما أنه يملك شبكة كهربائية يمكن استخدامها للتحكم بكيفية عمله».
وفي دراسة نُشرت في عام 2014، اكتشف أولوا وزملاؤه أن نقل النبضات الكهربائية القصيرة إلى الفئران عبر العلاج بوخز الإبر في منطقة العصب المبهم الذي يربط كلًا من الرقبة والقلب والرئتين والبطن بالدماغ أدى إلى تحفيزه لدى الأشخاص المصابين بتسمم الدم، وهو عدوى مُهدِّدة للحياة تسبب مقتل ما يقارب 750 ألف أمريكي كل عام، وليس هناك علاج دوائي لهذه العدوى المميتة، والتي تُعتبر من الأسباب الرئيسية للموت في وحدات العناية المركزة (ICU).
ويُشير هذا البحث الجديد إلى أن البيانات المتوفرة حول عمليات التحفيز العصبي واسعة المدى بدءًا من وخز الإبر التقليدي وصولاً إلى الوخز بالإبر الكهربائية (electroacupuncture) الأكثر حداثةً بالإضافة إلى التعديل العصبي (neuromodulation)، وهي عملية تتضمن زراعة أجهزة كهربائية لتسكين الألم المزمن واضطرابات منطقة الحوض ومرض باركنسون، ويمكن أن تكون مفيدة لمعالجة الأمراض الالتهابية كالروماتيزم بالإضافة إلى العدوى المميتة كتسمم الدم.
وقد صرح أولوا أن هذه الدراسات حول تحفيز العصب يوفر منافع علاجية في علاج كل من التهاب الكولون والسكري والبدانة والتهاب البنكرياس والشلل، بالإضافة إلى العدوى المُهدِّدة للحياة.
إن الطب الكهربائي الحيوي (Bioelectronic medicine) –وهو نسخة جديدة ومتقدمة من الوخز بالإبر الكهربائية– يهدف لمعالجة الأمراض المزمنة باستخدام الإشارات الكهربائية في الجسم بواسطة زرع أجهزة مُصغّرة للتأكد من أن أعضاء الجسم تعمل بالشكل الصحيح.
يقول أولوا: «كل ما عليك فعله هو النظر إلى جهاز تنظيم ضربات القلب وكيف سمح للأشخاص المصابين بعدم انتظام ضربات القلب بالعيش لفترة أطول».
ويتابع قائلًا: «نعتقد أن هذا النوع من الطب يمكن أن يُطبق على كامل الجسم».
وبحسب رأي أولوا، فإن العلماء في يومنا الحالي بحاجة إلى مقارنة البيانات الخاصة بجميع عمليات تحفيز الأعصاب هذه مع الدراسات الحديثة التي أُجريت باستخدام النماذج التجريبية والحيوانية.
وهذا يعني إدراك المنافع السريرية للعمليات المتنوعة بما فيها الوخز بالإبر، والتي تعتبر مثيرة للتساؤل من قبل بعض الأطباء حول فعاليتها.
بالنسبة لأولوا فإن النتيجة السريرية للوخز بالإبر تعتمد على خبرة الطبيب وعلى دقة الإبر المستخدمة.
وهناك حاجة لإجراء المزيد من الدراسات بحسب رأيه، وذلك من أجل تحديد كيفية قيام هذه العملية –بحسب الدراسات السريرية– بتحسين عملية الشفاء بعد العملية، وهشاشة العظام والشقيقة وآلام المفاصل والسكتة الدماغية واضطراب ما بعد الصدمة والإدمان على الأدوية.
إن كلًا من جمعية الألم الأمريكية والمركز الوطني للطب البديل والمُكمِّل والمعهد الوطني للصحة بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية WHO، جميعهم يؤيدون استخدام الوخز بالإبر الكهربائية.
يقول أولوا: «يُستخدم الوخز بالإبر من قبل 15 مليون أمريكي، ومن الصعب عدم ملاحظة التطبيقات السريرية لهذه الطريقة».
وسيقود إجراء المزيد من الدراسات حول تقنيات تحفيز الأعصاب إلى إيجاد علاجات جديدة ومُطوَّرة للأمراض الجسدية والنفسية وفقًا لأولوا، إذ يقول: «كان المعتقد السائد يدور حول تناول حبة دواء عندما نمرض»، ويتابع قائلًا: «وفي المستقبل، أعتقد أننا سنستخدم هواتفنا الخلوية لكي نتحكم بوظائف أعضائنا».
- ترجمة: زينب النيّال
- تدقيق: جعفر الجزيري
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر