يوجد تأثير غريب على أدمغة البشر يسببه طفيلي أوّلي يوجد في القطط، والذي يمكن أن يحوّل هؤلاء البشر في وجود الظروف المناسبة إلى إيلون ماسك (Elon Musk) القادم (صاحب شركة Space X).
المقوسات الغوندية (Toxoplasma gondii) مشهورة بتلاعبها بأدمغة الفئران التي تصيبها، حيث تفقدها القدرة على تقييم الخطر.
هناك بعض الأدلة الحالية التي تشير لتأثير متشابه على أدمغتنا وعلى الرغم من أنّه طفيف لكنه يستحق نظرة أقرب لدراسته.
البحث الذي أدارته جامعة كولورادو قام بالتمعّن في قاعدات البيانات متحرّيًا عدد مرات الإصابة بالمقوسات الغوندية ونشاط روّاد الأعمال في العالم.
كما أجرت الجامعة فحصًا للعاب الطلاب ورجال الأعمال لتتبع تاريخ إصابتهم بالمقوسة الغوندية.
كان فريق العمل يبحث عن علاقة بين شخصيات رجال الأعمال الذي يقومون بالمجازفة وينتهزون الفرص؛ وإصابة سابقة بالطفيلي الذي يتلاعب بالدماغ.
وهذا تمامًا ما وجدوه.
1500 طالب تقريبًا من الذين أعطوا نتيجة إيجابية في اختبار التعرّض للمقوسات الغوندية كانوا 1.4 مرة أرجح بأن يصبحوا رجال أعمال مهمين. كما كانوا 1.7 مرة أرجح أن يكون لديهم تشديد على الإدارة وريادة الأعمال.
أمّا بالنسبة لـ197 رجل أعمال الذين أعطوا نتيجة إيجابية فكانوا 1.8 مرة أرجح أن يؤسسوا عملهم الخاص في يوم ما.
كما أظهرت قواعد البيانات على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بمعدلات الإصابة على مدى الـ25 سنة الأخيرة نمطًا مثيرًا للاهتمام، كان هناك نمط ثابت بحيث يمكن استخدام معدل الإصابة للتنبؤ برجال الأعمال المستقبليين والذين لديهم خوف أقل من الفشل.
بدايةً، يمكن أن نفترض أنّ المقوسات قد تسبّب تغيرات غريبة في الدماغ، إذ من المحتمل أن تقلّل من الحواجز الموجودة التي تجعل الشخص الطبيعي حذرًا ومتخوفًا من مخاطر صرف المال والوقت على مشروع أو مجازفة جديدة.
ففي النهاية هذا العامل الممرض المجهريّ الذي ينتقل عبر القطط يمكن أن يحوّل الفأر الجبان العادي إلى فأر لا يبدي أي علامة نفور من رائحة القطط ويجعله ينسى أين هو موجود الآن.
ويعتقد أنّ هذه الصفة تطورت لدى الطفيلي لتساعده بالانتقال بين القطط عبر مصدر طعامها.
هذا يطرح تساؤلًا إذا كان هناك تأثير عصبي مشابه على البشر.
فهو بالتأكيد يسبب تدمير جهازنا المناعي، ويعيد تشكيل الاستجابة الالتهابية لدينا كي ينجو داخل أجسادنا.
لكن ماذا يحدث في أدمغتنا؟
فمن جهة نحن لسنا طعامًا للقطط.
لكن من جهة ثانية الفئران غالبًا ما تستخدم كنماذج مصغّرة للبيولوجيا البشرية، فتطوير أعراض مشابهة لدينا ليس أمر مستحيل التخيّل.
تنشر بعض الدراسات أنّ الإصابة بالمقوسات يمكن أن تجعل بعض الأشخاص أكثر عدائية.
لكن الأرقام غير مقنعة، والدراسات الأخرى فشلت في إيجاد صلات بين الحالة الفيزيولوجية وسمات الشخصية وبين الإصابة بالمرض.
هذه المقاربة الجديدة تقترح وجود شيء صعب الملاحظة يجري في الخفاء، فهو تأثير بسيط وليس مهمًا لدرجة إحداث حالة فيزيولوجية مهمة لكنه يكفي لدفع البشر للتخلي عن حذرهم.
هذه ليست أول دراسة تبحث عن علامات طفيفة لتأثير الطفيلي الخفيف على الأشخاص.
كما لاحظت دراسات أخرى علاقة بين معدلات الإصابة والعصابية على سبيل المثال.
ووجدت دراسات أخرى علاقة سلبية بين الإصابة بالمقوسات والأداء الاقتصادي، مقترحين أنّ ما يجعل بعض الناس مستعدين للمخاطرة يمكن أن يزيد من عدم الأمان والقدرة الضعيفة على الثقة، ما يضعف المؤسسات عوضًا عن مساعدتها على النمو.
تطبق التحذيرات المعتادة الخاصّة بالعلاقات المتبادلة هنا، وإنّه من المهم عدم أخذ مجموع البحوث معًا لاستخلاص النتائج.
لا أحد يقترح أن تخرج لتشتري قطة لأولادك على أمل أن تعديهم بالمهارات اللازمة للسيطرة على وادي السيليكون.
وعلى كل حال تقدم الدراسة منظورًا مثيرًا للاهتمام كيف يمكن أن يكون للوبائيات تأثير صغير لكن قوي على الفيزيولوجيا التي تبني حضارتنا.
وربّما أظهر هذا لماذا تستحق القطط هذا الاهتمام الكبير على الإنترنت.
- ترجمة: زياد الشاعر.
- تدقيق: دانه أبو فرحة.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر