بدأ الصدع الكبير في شرق أفريقيا بتمزيق قارة أفريقيا ثاني كبرى القارات إلى قسمين؛ إذ يتكون من شبكة من الوديان التي تمتد بطول يصل إلى نحو 3500 كيلومتر، بدءًا من البحر الأحمر وصولًا إلى موزمبيق وفقًا للجمعية الجيولوجية في لندن.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنفصل القارة الأفريقية بالكامل؟
للإجابة عن السؤال سنلقي نظرة على التركيبة التكتونية للصفائح القارية التي تكوّن الأجزاء الخارجية من سطح الأرض التي قد تتصادم مع بعضها مكونة جبالًا، أو قد تؤدي إلى انفصالها مكونة أحواضًا شاسعة بينها.
وفقًا لمرصد الأرض التابع لناسا، تنطلق الصفيحة التكتونية الصومالية باتجاه الشرق من الجزء الأكبر والأقدم من القارة -الصفيحة التكتونية النوبية- على طول الصدع الهائل في شرق أفريقيا.
تنفصل الصفيحتان الصومالية والنوبية أيضًا عن الصفيحة العربية في الشمال؛ إذ لاحظت الجمعية الجيولوجية في لندن أن هذه الصفائح تتقاطع في منطقة عفار في إثيوبيا، ما يؤدي إلى تكوّن صدع على شكل حرف Y.
بدأ صدع شرق أفريقيا بالتكون منذ نحو 35 مليون عام بين شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي في الجزء الشرقي من القارة.
ووفقًا لما قالته سينثيا إبنجر، رئيسة قسم الجيولوجيا في جامعة تولين في نيو أورلينز، والمستشارة العلمية لمكتب الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الأمريكية لموقع لايف ساينس، فإن هذا الصدع امتد جنوبًا بمرور الوقت ووصل إلى شمال كينيا قبل 25 مليون سنة.
يتكون الصدع من مجموعتين متوازيتين من الكسور في قشرة الأرض؛ إذ لاحظت الجمعية الجيولوجية في لندن أن الصدع الشرقي يمر من خلال إثيوبيا وكينيا، في حين يمتد الصدع الغربي على شكل قوس بدءًا من أوغندا وصولًا إلى مالاوي؛ إذ يكون الفرع الشرقي جافًا، في حين يمتد الفرع الغربي على حدود الغابات المطيرة في الكونغو وذلك وفقًا لمرصد الأرض التابع لناسا.
وأضافت إبنجر أن وجود الصدوع الشرقية والغربية، إضافة إلى اكتشاف المناطق البحرية من الزلازل والبراكين تشير إلى أن أفريقيا تتباعد ببطء على طول خطوط عدة بمعدّل يصل إلى أكثر من 6.35 ملم سنويًا.
بحسب بيان كين ماكدونالد، الأستاذ الفخري المتميز في علوم الأرض في جامعة كاليفورنيا في مقاطعة سانتا باربرا لموقع لايف ساينس قال فيه: «إن عملية تكوّن الصدع بطيئة للغاية مقارنة بمعدل نمو أظافر القدم».
وفقًا للجمعية الجيولوجية في لندن، يُعزى سبب تكوّن صدع شرق أفريقيا على الأرجح بسبب الحرارة المتدفقة من الغلاف الموري (الجزء الأكثر سخونة، والأضعف، والجزء العلوي من وشاح الأرض) بين كينيا وإثيوبيا؛ إذ تسببت الحرارة في تمدد القشرة العلوية وارتفاعها، ما أدى إلى تمدد الصخور القارية الهشة وتصدعها.
إضافةً إلى ذلك، أشار مرصد الأرض التابع لناسا إلى أن ذلك أدى إلى نشاط بركاني كبير بما في ذلك تكوّن جبل كليمنجارو أعلى جبل في أفريقيا.
في حال تم انقسام قارة أفريقيا بالفعل، ستتكوّن نظريات عدة لكيفية حدوث الانفصال؛ إحدى تلك النظريات أن معظم الصفيحة الصومالية ستنفصل عن بقية القارة الأفريقية، إضافة إلى تكوّن بحر بينهما.
قالت إبنجر: «إن الكتلة الأرضية الجديدة ستشمل كلًا من الصومال وإريتيريا وجيبوتي والأجزاء الشرقية من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا وموزمبيق، إضافة إلى أن احتمالًا آخر يرجح انفصال شرق تنزانيا فقط عن موزمبيق».
وأضافت إبنجر في حال انفصال القارة الأفريقية: «إن الصدع في أثيوبيا وكينيا قد ينقسم ليكوّن صحنًا صوماليًا في غضون مليون إلى خمسة ملايين سنة قادمة».
على الرغم من ذلك، بحسب مراجعة أجرتها مجلة الجمعية الجيولوجية الأمريكية (GSA Today) في عام 2022، قد لا تنقسم أفريقيا إلى قسمين، فقد أوضحت إبنجر إن القوى الجيولوجية التي تدفع الصدع قد تكون بطيئة للغاية في عملية الفصل بين الصفيحتين الصومالية والنوبية؛ إذ إن أحد الأمثلة البارزة لعملية تكوّن الصدع الفاشلة كانت في مكان آخر من العالم وهو صدع منتصف القارة الذي ينحني لمسافة تقدر بنحو 3000 كيلومتر باتجاه الغرب الأوسط الأعلى لأمريكا الشمالية.
وتشير إبنجر في بيانها قائلة: «إن الانقسامات الفاشلة تكوّن كتل اليابسة القارية في جميع أنحاء العالم».
يعد الفرع الشرقي من صدع شرق أفريقيا صدعًا فاشلًا في تكوّنه وفقًا للجمعية الجيولوجية في لندن، في حين ما يزال الفرع الغربي نشطًا.
بالعودة إلى ماكدونالد يقول: «ما زلنا لا نعرف ما إذا كان هذا الانفصال سيستمر على نفس الوتيرة الحالية لفتح حوض مشابه لحوض البحر الأحمر، أو إلى أكبر من ذلك بكثير، مكوّنًا محيطًا مشابهًا للمحيط الأطلسي لكن بنسخة مصغرة، أو قد يتسارع الانفصال إلى أكبر من ذلك، أو قد يتوقف عن الانفصال».
اقرأ أيضًا:
انقسام افريقيا مجرد بداية لتغيرات أرضية هائلة
ما هو مصير قارة أفريقيا في المستقبل ؟
ترجمة: محمد راوح عرجله
تدقيق: ريمي سليمان