صوت والده، أصوات السيارات المارة، وصوت المقص يقص شعره: صبي يبلغ من العمر 11 عامًا يسمع لأول مرة في حياته بعد تلقي علاج جيني مبتكر.
أعلن مستشفى الأطفال في فيلادلفيا، الذي أجرى هذا العلاج -وهو الأول من نوعه في الولايات المتحدة- في بيان أن هذا الإنجاز يمثل أملًا للمرضى في جميع أنحاء العالم الذين يعانون فقدان السمع الناجم عن تحورات جينية.
وُلد عصام دام أصمّ بصورة عميقة بسبب تشوه نادر جدًا في جين واحد.
قال الجراح جون جيرميلر، مدير البحوث السريرية لقسم طب الأذن والأنف والحنجرة في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا: «علاج الجينات لفقدان السمع شيء عملنا عليه نحن الأطباء والعلماء في عالم فقدان السمع لأكثر من 20 عامًا، وقد توصلنا إليه أخيرًا».
«في حين أن العلاج الجيني الذي أجريناه على مريضنا كان يهدف إلى تصحيح اختلال في جين واحد نادر جدًا، فإن هذه الدراسات قد تفتح الباب للاستخدام المستقبلي لبعض الجينات الأخرى التي تتجاوز الـ 150 جينًا تسبب فقدان السمع لدى الأطفال».
في حالة مرضى مثل عصام، يعيق وجود جين معيب إنتاج بروتين يدعى أوتوفيرلين، وهو بروتين ضروري لخلايا “الشعيرات” في الأذن الداخلية لتتمكن من تحويل اهتزازات الصوت إلى إشارات كيميائية تُرسل إلى الدماغ.
تعد عيوب جين أوتوفيرلين نادرة للغاية، إذ تشكل نسبة 1-8٪ من حالات فقدان السمع الموجودة منذ الولادة.
في 4 أكتوبر 2023، خضع عصام لعملية جراحية تنطوي على رفع جزئي لطبلة الأذن، ثم حقن فيروس مُعدّل غير ضار لنقل نسخ عامل الأوتوفيرلين العاملة، إلى السائل الداخلي لقوقعة.
نتيجة لذلك، بدأت خلايا الشعيرات بإنتاج البروتين المفقود والعمل بشكل صحيح.
بعد مرور ما يقرب من أربعة أشهر من تلقي العلاج في إحدى أذنيه، تحسنت قدرة السمع لدى عصام إلى درجة يعاني فيها فقط من فقدان السمع الخفيف إلى المعتدل، ووفقًا للبيان، فإنه يسمع الأصوات للمرة الأولى في حياته فعليًا.
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن عصام، الذي وُلد في المغرب وانتقل لاحقًا إلى إسبانيا، قد لا يتعلم الكلام أبدًا، على الرغم من قدرته على السمع، إذ تنغلق نافذة الدماغ لاكتساب الكلام في سن الخامسة تقريبًا.
أرادت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، التي وافقت على الدراسة، أن يبدأ البحث على الأطفال الأكبر سنًا أولاً، وذلك لأسباب تتعلق بالسلامة.
التجربة، التي ترعاها شركة أكوس، إنك، وهي شركة تابعة بالكامل لشركة Eli Lilly and Company، هي واحدة من عدة تجارب قائمة حاليًا أو على وشك البدء في الولايات المتحدة وأوروبا والصين، حيث شُفي عدد قليل من الأطفال الآخرين بحسب التقارير.
قال جيرميلر: «مع معالجة مزيد من المرضى في مراحل عمرية مختلفة بهذه العلاجات الجينية، سيتعلم الباحثون المزيد عن مدى تحسن السمع وما إذا كان بإمكانهم الحفاظ على هذا المستوى من السمع على مر السنين».
اقرأ أيضًا:
فقد السمع (الصمم): الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
إكتشاف الجينات المسؤولة عن نمو الأذن الداخلية يمهد الطريق لاستعادة السمع والتوازن
ترجمة: محمد انبيعه
تدقيق: امين الهسكاني