وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، ونُشرت في مجلة Psychological Medicine، فإن الإجهاد أثناء فترة الحمل يمكن أن يؤثر على تسارع شيخوخة خلايا الأطفال!
تابع باحثو جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو 110 نساء من ذوات البشرة البيضاء، و112 امرأة من ذوات البشرة السوداء، تتراوح أعمارهن بين 10 و40 عامًا، إضافةً إلى متابعة أول أطفالهن المولودين (متوسط العمر 8 سنوات)، وذلك لفهم تأثيرات الإجهاد على صحة المرأة، بالإضافة إلى دراسة تأثيراته على الأطفال.
كانت النتائج مفاجئة، إذ ارتبط الإجهاد المالي وتدهور الأحوال المادية أثناء فترة الحمل، مثل فقدان الوظيفة وعدم القدرة على دفع الفواتير والضرائب، بالشيخوخة الخلوية المتسارعة عند الأطفال من ذوي البشرة البيضاء وليس السوداء!
قالت مؤلفة الدراسة الرئيسية ستيفاني ماير، الحاصلة على درجة الدكتوراه، والأستاذة المساعدة في الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو معهد ويل لعلوم الأعصاب: «إن دراستنا هي الأولى من نوعها، فقد درست آثار أنواع الإجهاد وتوقيته على هذا الجانب من الصحة للأمهات من ذوات البشرة البيضاء والسوداء وأطفالهن. يمكننا التكهن بأسباب النتائج، لكن الحقيقة هي أننا بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لفهمها».
يمكن قياس العمر الخلوي بطول التيلوميرات، التي تحمي نهايات الكروموسومات لدينا بتشكيل غطاء يشبه إلى حد كبير الطرف البلاستيكي على أربطة الحذاء، يَقصُر طول التيلومير طبيعيًا مع تقدم العمر، ولذلك، تتنبأ التيلوميرات الأقصر بالظهور المبكر لأمراض مثل أمراض القلب والسكري، وكذلك الموت المبكر.
أظهرت الدراسات السابقة، التي شملت في الغالب الأمهات من ذوات البشرة البيضاء، أن الضغوطات والإجهادات السابقة للولادة مرتبطة بتيلوميرات النسل الأقصر، بينما أجريت هذه الدراسة على عدد متساوي من الأمهات من ذوات البشرة البيضاء والسوداء، وفحصت تأثير الضغوطات والإجهاد الذي حدث خلال فترة المراهقة (ما قبل الحمل)، وخلال فترة الحمل، وطوال حياتهن على تيلوميرات أطفالهن.
لم يلاحَظ أي تأثير خلال فترة ما قبل الولادة، بينما شوهد تأثير التيلومير الناجم عن الإجهاد أثناء فترة الحمل عند الأطفال من ذوي البشرة البيضاء فقط، ولم يشاهَد أي تأثير خلال مرحلة المراهقة أو خلال فترة الحياة. أما بالنسبة للضغوط غير المالية، مثل الطلاق، أو وفاة أحد الأحباء، فلم يكن لها أيّ تأثير تيلوميري ملحوظ على الأطفال من أي من العرقين.
في حين أن سبب الاختلاف في نتائج فترة ما قبل الولادة حسب العرق ما زال غير معروف، قدّم الباحثون عدة احتمالات لتفسير ذلك، أحدها أن استراتيجيات المواجهة التي طورتها النساء من ذوات البشرة السوداء قد تقلل من تأثير الإجهاد لدى الأم.
قالت ماير: «يجب أن نستمر في دراسة كيفية انتقال الإجهاد وفهمها، والمرونة في مواجهة الإجهاد لدى الأمهات من ذوات البشرة السوداء، وكذلك في المجتمعات العرقية الأُخرى التي لم تُدرَس جيدًا، وإن فهم كيفية نشوء التباينات والفروقات العرقية في الصحة، وانتقالها عبر الأجيال، هو قضية صحية عامة بالغة الأهمية».
الدعم خلال فترة ما قبل الولادة هو المفتاح الأساسي، وقد أشارت الدكتورة إليسا إيبل، المؤلفة الأولى للدراسة وأستاذة الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو في معهد ويل لعلوم الأعصاب، إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات لفهم ما إذا كان إجهاد الحمل يؤثر على تيلوميرات الأطفال من ذوي البشرة السوداء، وما هي آلية هذا التأثير، وكيف أن مقاييس الإجهاد المستخدمة في هذه الدراسة ربما لم تلتقط الضغوطات الفريدة لدى النساء من ذوات البشرة السوداء، مثل التمييز والتحيّز والعنصرية المؤسسية.
قالت إيبل: «بالنظر إلى التفاوتات الصحية العرقية، ودور التوتر والإجهاد في النتائج الصحية الهامة الأُخرى للحمل، مثل الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، فمن المهم دعم جميع النساء خلال هذه الفترة المهمة، ويجب أن نعمل بجد أكبر لتحديد النساء اللواتي يعانين من مستويات عالية من الإجهاد السام والشدائد والمِحَن الاجتماعية لتوفير تدخلات لا تعالج فقط مشاعر التوتر والاكتئاب، ولكن أيضًا مشكلات وقضايا مثل انعدام الأمن الغذائي، والضغوط المالية، وعدم الاستقرار السكنيّ».
اقرأ أيضًا:
ما علاقة الاحتباس الحراري بزيادة مخاطر الحمل لدى النساء؟
الإجهاد في فترة الحمل له آثار ضارة قد تدوم مدى الحياة
ترجمة: أليسار الحائك علي
تدقيق: بدور مارديني