من المعروف أن شرب الماء يعد أحد أفضل وأسهل الطرق للعناية بالصحة، فالماء يشكل أكثر من 60% من كتلة أجسامنا. لذا، من المنطقي أن يحتاج الأطفال إلى بعض الماء أيضًا، أليس كذلك؟

من المدهش أن هذا ليس هو الحال دائمًا، إذ يجب أن لا يشرب الأطفال ذوو الأعمار الأقل من 6 أشهر الماء، بل إن إعطاء الماء لطفل صغير قد يسبب له بعض المشكلات الكبيرة.

يقول طبيب الأطفال جوانا باكنغهام: «إن الأكاديمية الأمريكية في طب الأطفال تشدد جدًا في توصياتها بأن الأطفال في الأشهر القليلة الأولى من حياتهم يجب أن يتناولوا فقط الحليب رضاعةً طبيعيةً أو صناعية. إذ يحصل الأطفال على كل الترطيب الذي يحتاجونه من الحليب الصناعي وحليب الأم، وما هو أكثر من ذلك قد يكون محفوفًا بالمخاطر».

لماذا لا يستطيع الأطفال الحصول على الماء؟

قد ترغب الأم أن تعطي طفلها رشفة من الماء في الصيف الحار، أو ربما تكون كمية الحليب قليلة نسبيًا وتحاول تمديدها لفترة أطول قليلاً. لذلك تفكر في إضافة كمية من الماء أكثر مما تتطلبه العبوة، ولكنها ليست فكرة جيدة.

يحتوي الحليب البشري أو الحليب الصناعي -عند تحضيره وفقًا للتعليمات الموجودة على العبوة- على الكثير من الماء للحفاظ على صحة الطفل ويتكون حليب الأم من نحو 87% من الماء.

ما لم ينصح الطبيب، فإن إضافة المزيد من الماء إلى المعادلة ليس فقط غير ضروري، بل قد يكون خطيرًا، فمعظم أجسام الأطفال الصغار ليست جاهزة لاستقبال أي مياه إضافية.

ما مخاطر تخفيف الحليب الصناعي أو إعطاء الطفل شربة ماء؟

 الماء يملأ بطون الصغار:

أحد الأسباب التي تجعل الماء مشروبًا مثاليًا لكبار السن هو أنه يوفر الترطيب الذي يحتاجه الجسم دون أي سعرات حرارية إضافية. لكن الأطفال يحتاجون إلى تلك السعرات الحرارية. فهم بحاجة إلى التغذية التي يحصلون عليها من حليب الأم.

عندما تعطي طفلاً ماءً، فإنه يشغل حيزًا ثمينًا في بطنه الصغير. للتوضيح، يبلغ حجم معدة الطفل البالغ من العمر شهرًا واحدًا حجم بيضة تقريبًا، إذن هي تمتلئ بسرعة.

إن إعطاء الطفل الماء يعني مساحةً أقل لحليب الأم والتركيبة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن والبروتينات التي يحتاجها الأطفال للنمو والتطور الصحي.

تقول الدكتورة جوانا باكنغهام: «إن إعطاء الأطفال الماء يخفف من السعرات الحرارية التي يتناولونها. إن زيادة الوزن المناسبة هي مؤشر مهم على صحة الطفل في تلك الأشهر القليلة الأولى ونريدهم أن يحصلوا على تلك السعرات الحرارية».

 خطر التسمم بالمياه:

إن إعطاء الأطفال الماء قد يؤدي إلى التخلص من توازن الصوديوم الدقيق في أجسامهم، وهو ما قد يكون خطيرًا للغاية.

تقول باكنغهام: «عندما يُعطى الطفل الماء، فإنه قد يخفف الصوديوم في مجرى الدم. قد يسبب ذلك حالة تسمى نقص صوديوم الدم، أو ما يسميه البعض التسمم المائي».

ماء يؤدي لحدوث تسمم؟ نعم، هذا شيء حقيقي وخطير جدًا، دعونا نحلل كيف يحدث ذلك.

من بين أمور أخرى، تساعد الكلى على إزالة السوائل الزائدة بترشيحها إلى المثانة ما يؤدي إلى التبول. وهذا يمنع الجسم من فرط حمل المياه.

يبلغ حجم الكلى البالغة حجم ثمرة الأفوكادو الكبيرة تقريبًا، لذا يمكن للكلى البالغة السليمة مواكبة إزالة أي سوائل إضافية نتناولها.

أما كلى الأطفال حديثي الولادة، فيبلغ حجمها حجم حبة العنب تقريبًا. لذلك، من السهل أن تصاب كليتا الطفل بالإرهاق. ولا يتطلب الأمر الكثير حتى يحصل جسم الطفل على كمية من الماء أكبر مما يستطيع تحمله.

عندما يكون جسم الطفل (أو الشخص البالغ) مثقلًا بالمياه، قد تخف لزوجة الدم، فتصبح الأمور خطيرة، لأن الدم المشبع بالمياه يقلل من محتوى الصوديوم في الجسم.

يحدث إثر انخفاض محتوى الصوديوم لدى الطفل كثيرًا بسبب تناول الكثير من الماء، أعراض خطيرة، مثل النوبات وحتى الغيبوبة وتلف الدماغ الدائم.

متى يمكن للأطفال أن يتزودوا بالماء؟

عندما يبلغ الطفل من العمر 6 أشهر، يدعم الأطباء البدء بالقليل من الماء ليكون جزءًا من نظامهم الغذائي. عادة ما يكون هذا هو الوقت الذي قد يبدأ فيه الآباء في تقديم القليل من الماء لأطفالهم لكن يجب أن يكون بكميات صغيرة في كل مرة.

تعد الستة أشهر هي عادة العمر الذي يبدأ فيه الأطفال في تناول بعض الأطعمة الصلبة أيضًا. فيجب البدء ببطء بتقديم القليل من الماء في أثناء تناول الطعام.

الأطفال بين عمر 6 أشهر وعامهم الأول، يمكنهم شرب المزيد من الماء تدريجيًا، حتى يصبح جزءًا طبيعيًا من روتينهم الغذائي.

اقرأ أيضًا:

لماذا يفرك الأطفال أعينهم عندما يكونون متعبين؟

الأجهزة الرقمية تغير أدمغة الأطفال.. فهل الأمر مقلق؟

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر