ربط العلماء في الولايات المتحدة دماغَي مشاركَين بينهما ما يقارب 1.5 كم، متيحين لهما أن يلعبا لعبة مكوّنة من 20 سؤالًا باستخدام أفكارهما فقط.
هذه هي أول تجربة لإثبات أنه من الممكن الربط بين دماغين مباشرة، بما يسمح لشخصٍ ما أن يخمّن بدقة ما يفكر به الشخص الآخر، وهذا أمر هائل.
تضمّنت التجربة لعبة سؤال وجواب. ولكن بدلًا من سؤال الشخصين لبعضهما شخصيًا، وُضِع المشاركَان في مبانٍ منفصلة، ولم يسمح لهما بالحديث أو التواصل باستخدام أي شيء عدا أفكارهما التي تُنقَل بالإنترنت.
وباستخدام هذا النظام، تمكّن المشاركان من تخمين ما الذي كان يفكر به الشريك في 75% من الحالات.
وقد قال قائد البحث أندريا سكوتو (Andrea Stocco) من جامعة واشنطن في خبر صحفي: «تجربة العقل-إلى-العقل هذه هي الأكثر تعقيدًا من بين التجارب التي تمّت على البشر. تستخدم التجربة الخبرات الواعية عبر الإشارات التي تُجرب بصريًا، وهذا يتطلب تعاون شخصين».
خلال التجربة، وُصِل الشخص المجيب بقبعة قراءة كهرباء الدماغ (EEG) والتي سجّلت كل نشاط الدماغ. فيما كان شريكه -“المستعلِم”- يجلس في غرفة تبعد حوالي 1.5كم مع سلك مغناطيسي ملفوف حول رأسه.
في كل شوط يفكّر المجيب في شيء ما (لنفترض كلبًا)، فيضغط عندها المستعلِم على زر سؤال نعم أو لا. مثلًا: هل هذا الشيء حيوان؟ وسيظهر هذا على شاشة أمام الشريك، واعتمادًا على الجواب؛ يركّز الشخص المجيب على ضوء أو ضوئي ليد (LED lights) أمامه.
وحينها يبدأ المرح فعلًا! فعندما ركّز الشخص المجيب على الزر المضيء بـ”نعم”؛ حفّز نمط دماغه السلك المغناطيسي فوق رأس المستعلِم، مظهرًا له هلاوس بصرية تدعى الفوسفين. وعادة ما يأخذ ذلك شكل ضوء فلاش أو خطٍ ضوئي نحيل، وبالتالي يجعل المستعلم يعرف أن الإجابة هي نعم. ضوء الفلاش المشير لـ”لا” يعني لا، ومن هنا استطاعوا طرح المزيد من الأسئلة قبل تحديد ماهية الشيء.
أعاد الباحثون التجربة حوالي 20 جولة -10 ألعاب لوضع معيار حيث لم يكن الربط (من-عقل-لعقل) يعمل و 10 كانت جولات مضبوطة- وقد اتخذت إجراءات صارمة للتأكد من عدم قدرة أحد على الغش.
كان باستطاعة المشاركين أن يخمنا الجواب الصحيح عن الشيء بنسبة 75% من الجولات الحقيقية، مقارنة بـ18% من الجولات المعيارية. ويعتقد الفريق أن العديد من هذه التخمينات الخاطئة كان سببها أن المستعلِم لم يكن قادرًا على تمييز الفوسفين أو الهلاوس البصرية التي أشارت إلى الإجابة “نعم”.
قالت إحدى الباحثين تشـانتيل برات (Chantel Prat): «عليهم أن يفسروا شيئًا ما يرونه بأدمغتهم وهو ما لم يروه من قبل إطلاقًا».
يأمل الفريق بأن يسمح لهم بحثهم يومًا ما بأن ينقلوا الإشارات من دماغ شخص لآخر، مما يساعد في “رفع/تحميل” المعرفة بكفاءة.
حتى أنه قد يساعد الدماغ السليم في تعليم الدماغ الضعيف- فمثلًا، تستطيع التكنولوجيا نقل الإشارات من دماغ شخصٍ سليم إلى دماغ شخص في غيبوبة، أو إلى شخص يعاني من خلل تدهوري مثل مرض الزهايمر.
قالت برات: «تخيل شخصًا يعاني من مرض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) وطالب ذو أعصاب سليمة، عندما يُبدِي الطالب السليم انتباهًا؛ سيتخذ دماغ الطالب المريض حالة انتباه أكبر بشكل تلقائي».
مازال الدرب طويلًا قبل أن نصل لتلك المرحلة، ولكن خلال سنتين منذ تأسيس أول اتصال عقل-إلى-عقل بواسطة نفس الفريق البحثي، وصدفة في عام 2013 كنا قد حققنا تقدمًا محفزًا إلى حد كبير، ونتطلع لرؤية ما سيحدث لاحقًا.