ما سمنة الأطفال؟
تُعد سمنة الأطفال مرضًا معقدًا یحدث عندما يزيد وزن الطفل على الحد الطبيعي بالنسبة لعمره وطوله.
من منظور طبي، إن سمنة الأطفال هي أن تساوي مؤشر كتلة الجسم (BMI) أو تزيد على النسبة 95% في مخططات النمو التي حددتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
تختلف العوامل المُحددة لمؤشر كتلة الجسم للأطفال عن البالغين، بالنسبة للأطفال يتأثر مؤشر كتلة الجسم بالعمر -لأن تكوين أجسامهم يتغير مع التقدم بالعمر- والجنس، ويختلف أيضًا بين الأطفال ذكورًا أو إناثًا.
يمكن حساب مؤشر كتلة الجسم للطفل بقسمة وزنه بالكيلو غرام على طوله بالمتر المربع.
مثلًا، إذا كان الطفل يبلغ من العمر 10 سنوات، ووزنه 46.2 كيلوغرامًا وطوله 1.4 مترًا، فإن مؤشر كتلة جسمه سيكون 23.6 كغ / م2، وهذا يزيد على 95% بالنسبة لمؤشر كتلة الجسم للعمر، ما يعني أنه يعاني السمنة.
يستخدم مقدمو الرعاية الصحية مؤشر كتلة الجسم لقياس أنماط النمو والحجم لدى الأطفال.
قد يكون ارتفاع مؤشر كتلة الجسم علامة على ارتفاع نسبة الدهون، ولكنه لا يقيس دهون الجسم بطريقة مباشرة، إذ إنه ينبه مقدم الرعاية الصحية على وجود حجم زائد من الدهون، وبإجراء مزيد من الاختبارات يُحدد ما إذا كانت الدهون الزائدة تمثل مشكلة صحية أو لا.
تحدد القيم المئوية لمؤشر كتلة الجسم المستوى الذي يزيد من احتمال إصابة الطفل بمشكلات صحية متعلقة بالوزن.
لماذا تُعد سمنة الأطفال مشكلة؟
تُعد السمنة لدى الأطفال في الولايات المتحدة مشكلة صحية عامة خطيرة.
وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض، فإن 20% من الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة يعانون السمنة، وقد تستمر هذه المشكلة حتى مرحلة البلوغ.
الأطفال الذين يعانون السمنة أكثر عرضة للإصابة بعديد من الأمراض، ومنها:
- الربو.
- توقف التنفس في أثناء النوم.
- داء السكري من النمط الثاني.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع مستويات الكولسترول.
- الأمراض القلبية.
- السكتة الدماغية.
- الاضطرابات العضلية الهيكلية مثل هشاشة العظام.
- أنواع معينة من السرطان، بما في ذلك سرطان القولون وسرطان الثدي.
- تشحم الكبد.
بالإضافة إلى ذلك، يكون الأطفال المصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بما يأتي:
- التنمر.
- العزلة الاجتماعية.
- قلة الثقة بالنفس.
- الاكتئاب.
ما مدى شيوع السمنة لدى الأطفال؟
وفقًا للإحصائيات الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن سمنة الأطفال ترتفع باستمرار، إذ تُظهِر الإحصائيات الأخيرة أن:
- 13.4% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و5 سنوات يعانون السمنة.
- 20.3% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 سنة يعانون السمنة.
- 21.2% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 سنة يعانون السمنة.
عمومًا، يعاني 19.3٪ من الأطفال أو 14.4 مليون طفل في الولايات المتحدة السمنة.
في مَن تؤثر سمنة الأطفال؟
جميع الأطفال معرضون للإصابة بالسمنة، ولكنها أكثر شيوعًا بين مجموعات معينة.
يؤدي الوضع الاجتماعي والاقتصادي والعرق دورًا في معدلات السمنة لدى الأطفال.
تُشير الإحصائيات الحديثة إلى انخفاض معدلات سمنة الأطفال مع ارتفاع مستوى تعليم الآباء.
بالنسبة للحالة الاجتماعية، فقد لوحظ أنه في المجموعة الأقل دخلًا كان 18.9% من الأطفال والمراهقين يعانون السمنة، مقابل انخفاضها في المجموعة ذات الدخل المرتفع إلى 10.9%.
إضافة إلى ذلك، تشير الإحصائيات إلى أن سمنة الأطفال تؤثر في:
- 25.6% من الأطفال ذوي الأصول الإسبانية.
- 24.2% من الأطفال ذوي البشرة السوداء غير اللاتينيين.
- 16.1% من الأطفال ذوي البشرة البيضاء غير اللاتينيين.
- 8.7% من الأطفال الآسيويين غير اللاتينيين.
ما الذي يسبب السمنة لدى الأطفال؟
سمنة الأطفال ليست كسلًا أو نقصًا في الإرادة، إذ يوجد كثير من العوامل المساهمة في تطويرها.
يحتاج الطفل إلى كمية محددة من السعرات الحرارية للنمو والتطور، ولكن عندما يأخذون سعرات حرارية أكثر مما يستهلكون، فإن أجسامهم تُخزِّن السعرات الحرارية الزائدة على شكل دهون.
يكتسب الأطفال الوزن الزائد للأسباب نفسها التي يعاني البالغون منها، وتشمل أسباب السمنة لدى الأطفال ما يأتي:
- السلوكيات: قد تؤدي السلوكيات العائلية المشتركة مثل عادات الأكل الخاطئة وقلة النشاط إلى السمنة لدى الأطفال. يؤدي توازن السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم مع المستهلكة دورًا في تحديد وزن الطفل.
يؤدي انشغال الآباء في العمل طوال الوقت إلى تناول الأطفال مزيد من الأطعمة والمشروبات الجاهزة الحاوية على نسبة عالية من الدهون والسكريات والسعرات الحرارية.
تحتوي هذه الأطعمة على نسبة قليلة من الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الحيوية الهامة الأخرى.
يؤدي تزايد هوس الأطفال في ألعاب الفيديو والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية إلى إمضاء وقت قليل في الهواء الطلق وقلة النشاط البدني لديهم.
- العوامل الوراثية: قد تزيد العوامل الوراثية من احتمالية إصابة الطفل بالسمنة؛ أي يكون الأطفال الذين يعاني آباؤهم أو إخوتهم السمنة أكثر عرضة للإصابة بها.
أظهرت الدراسات أن جينات مختلفة قد تساهم في زيادة الوزن. مع أن مشكلات الوزن تتوارث في العائلات، فلن يُصاب بها جميع الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي من السمنة.
- العوامل الاجتماعية والاقتصادية: قد يكون للمكان الذي يعيش فيه الطفل تأثيرًا مباشرًا في زيادة خطر إصابته بالسمنة؛ أي أن الأطعمة والمشروبات التي تقدمها المدارس ومراكز الرعاية النهارية للطفل لها أثر كبير في نظامهم الغذائي، وتساهم أيضًا في مقدار النشاط البدني الذي يمارسه الطفل يوميًا.
تشمل العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التي تساهم في سمنة الأطفال ما يأتي:
- التكلفة المرتفعة للغذاء الصحي.
- نظام الدعم الاجتماعي.
- صعوبة الوصول إلى المرافق الترفيهية أو المتنزهات في بيئة السكن المحيطة.
- العوامل الثقافية: تؤثر إعلانات الوجبات الخفيفة غير الصحية التي تظهر باستمرار في التلفاز والطرق في سمنة الأطفال؛ إذ تحتوي هذه الأطعمة على عدد كبير من السعرات الحرارية ودائمًا ما تأتي بأحجام كبيرة.
- عوامل أخرى: تُعد الاضطرابات الهرمونية عامل خطر آخر لسمنة الأطفال. مع ذلك، نادرًا ما تكون الأمراض هي سبب السمنة لدى الأطفال.
يَستبعد الفحص البدني وبعض تحاليل الدم احتمال وجود حالة طبية تسبب السمنة. وقد تزيد بعض الأدوية خطر زيادة وزن الجسم والسمنة.
كيف تُشخص سمنة الأطفال؟
من المهم طلب المساعدة الطبية عند القلق بشأن حالة الطفل.
إذا شَخّص مقدم الرعاية الصحية معاناة الطفل السمنة، فيستطيع المساعدة في وضع خطة صحية لفقدان الوزن.
قد يتحدث مقدم الرعاية الصحية مع الآباء حول خيارات الطعام الصحي والكمية المناسبة من النشاط البدني للطفل، وقد يحوّلونه إلى برنامج مناسب لإدارة الوزن إذا لزم الأمر.
كيف نستطيع مساعدة الطفل الذي يعاني السمنة؟
إن التركيز على صحة الطفل وليس وزنه أهم ما قد نفعله، إذ إنه من المهم جدًا دعم الطفل في رحلته نحو صحة أفضل.
تؤثر أيضًا الطريقة التي نتعامل بها مع مشكلة السمنة عند الطفل في مشاعر الطفل تجاه نفسه؛ أي إن تقبّل الطفل بأي وزن، قد يشعره بالرضا عن نفسه، ويجب تجنب إلقاء اللوم على الطفل أو على الوالدين أو على الآخرين.
من المهم أيضًا التحدث إلى الطفل عن وزنه بطريقة مريحة وسلسلة، إذ يجب إعطاء الطفل الحرية الكاملة لمشاركة مخاوفه. نستطيع مساعدة الطفل بتغيير النشاط البدني وعادات الأكل للعائلة تدريجيًا.
يوجد عديد من الطرائق لإشراك الأسرة بأكملها، ولكن زيادة النشاط البدني أمرٌ مهمٌ جدًا.
يجب الحرص على ممارسة الطفل ساعة واحدة على الأقل من النشاط البدني المنتظم يوميًا، وتتضمن بعض الطرائق لتحقيق ذلك ما يأتي:
- أن يكون الوالدان قدوة للطفل: إن للوالدين أثر مباشر في سمنة الأطفال؛ إذا رأى الطفل أن الوالدين نشيطان ويمارسان الرياضة باستمرار ويستمتعان بها، فقد يكون نشيطًا دائمًا.
- أن يخطط الوالدان للأنشطة العائلية: وذلك يشمل المشي أو ركوب الدراجات أو السباحة.
- الاهتمام باحتياجات الطفل: من المهم مساعدة الطفل على العثور على الأنشطة البدنية التي يستمتع بها، ولا يجد صعوبة في ممارستها.
- تقليل الوقت الذي تقضيه الأسرة في ألعاب الواقع الافتراضي: ينبغي للوالدين أن يبذلا جهدًا لتقليل مقدار الوقت الذي تقضيه الأسرة في ممارسة الأنشطة المنزلية مثل مشاهدة التلفزيون أو ألعاب الفيديو بما لا يزيد على ساعتين يوميًا فقط.
- الاستفادة من الفرص المتاحة مع العائلة لتكون أكثر صحة ونشاطًا.
كيف يمكن تعليم الطفل عادات الأكل الصحية؟
تؤثر عادات الأكل التي يتعلمها الطفل وهو صغير في الحفاظ على نمط حياة صحي عند مرحلة البلوغ. إذا لم يكن الوالدان متأكدين من كيفية اختيار مجموعة متنوعة من الأطعمة للعائلة وإعدادها، فنستطيع الاستعانة باختصاصي تغذية للحصول على نظام صحي.
يجب عدم إرغام الطفل على اتباع نظام غذائي صارم لإنقاص الوزن، بل جعله يتناول ما يرغب من الأطعمة الصحية؛ إذ إنه يصعب على الأطفال اتباع الأنظمة التي تقيد اختياراتهم الغذائية، ما قد يؤدي إلى حدوث ما يسمى اضطرابات الأكل.
تتمثل إحدى طرائق البدء في اتباع عادات الأكل الصحية في تقديم مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات للعائلة، مثل تقديم أنواع عديدة من الفواكه والخضروات مع كل وجبة، بما في ذلك الوجبات الخفيفة وتجنب المشروبات السكرية، مثل: الصودا والشاي المُحلى وعصير الليمون والمشروبات الرياضية، إذ يستهلك الطفل العادي أكثر من 120 سعرة حرارية يوميًا من هذه المشروبات وحدها.
تشمل الأساليب الأخرى التي يمكن اتباعها لمساعدة الطفل ما يأتي:
- اختيار العائلة للأطعمة: يمكن مساعدة الأطفال على تعلم كيفية اتخاذ خياراتهم الغذائية عبر توفير مجموعة متنوعة من الأطعمة الصحية في المنزل.
- إشراك الطفل في شراء الطعام وإعداد الوجبات: قد تساعد هذه الأنشطة في معرفة تفضيلات الطفل الغذائية. أيضًا، قد يكون الأطفال أكثر حماسًا لتناول الأطعمة التي يشاركون في تحضيرها، ما يجعلهم يشعرون بالإنجاز.
- تشجيع الطفل على تناول الطعام ببطء: قد يشعر الطفل بالشبع عندما يأكل ببطء.
- تناول وجبات الطعام معًا كعائلة قدر الإمكان: ينبغي جعل أوقات الوجبات ممتعة بالمحادثة والمشاركة وليس التوبيخ أو الجدال. إذا كانت أوقات الوجبات تتخللها المشكلات، فقد يحاول الطفل تناول الطعام بسرعة لمغادرة الطاولة في أسرع وقت ممكن؛ ما قد يؤدي إلى ربط الأكل بالتوتر.
- وضع خطة للوجبات الخفيفة: قد يؤدي تناول الوجبات الخفيفة المستمرة إلى الإفراط في تناول الطعام، ولكن إذا خُطّط لتناول وجبات خفيفة في أوقات محددة على مدار اليوم، فقد تصبح جزءًا من نظام غذائي صحي.
- الامتناع عن تناول الوجبات أو الوجبات الخفيفة أمام التلفزيون: تناول الطعام فقط في الأماكن المخصصة له مثل غرفة الطعام أو المطبخ. إذا أكل الطفل في أثناء مشاهدة التلفاز فقد يكون من الصعب الانتباه لشعور الشبع، ما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
- عدم مكافأة الطفل بالطعام: عندما تستخدم أطعمة مثل الحلويات كمكافأة، قد يفترض الطفل أن هذه الأطعمة أفضل من الأطعمة الأخرى.
- مراقبة وجبات الطفل خارج المنزل: ينبغي اكتشاف ما إذا كان برنامج الغداء المدرسي للطفل يوفر وجبة متوازنة.
كيف يمكن تجنب السمنة لدى الأطفال؟
لا توجد حلول بسيطة لمعالجة السمنة لدى الأطفال، لكن يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية المساعدة على الوقاية منها بعدة طرائق.
تشمل الطرائق التي نستطيع بها الوقاية من السمنة لدى الأطفال ما يأتي:
- أن يكون الوالدان نموذجًا يُحتذى بهما: يستطيع الوالدان التأثير في السمنة عند الأطفال وذلك باتباع العادات الصحية الجيدة مثل تناول الطعام وممارسة النشاط البدني، ما قد يجعل الأطفال يقلدون الآباء وتغيير عاداتهم نحو العادات الصحية.
- التقليل من تناول السكر: إذا كان عمر الطفل عامين أو أكثر، يجب أن يشكل السكر أقل من 10٪ من السعرات الحرارية اليومية، إذ يجب تجنب المشروبات المليئة بالسكر، وتقديم الماء أو الحليب قليل الدسم بدلاً من ذلك. يجب ألا يتناول الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين أي سكر مضاف في نظامهم الغذائي على الإطلاق.
- التشجيع على النوم بصورة أفضل: يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 12 عامًا من 9 – 12 ساعة نوم يوميًا، بينما يحتاج المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 18 عامًا من 8 – 10 ساعات نوم.
- الاحتفاظ بمواعيد الطفل الصحية: يستطيع مقدم الرعاية الصحية أن يدعم الوالدين والطفل نحو أسلوب حياة صحي.
متى يجب اللجوء إلى مقدم الرعاية الصحية؟
إذا لم تستطع الجهود مساعدة الطفل في الوصول إلى وزن صحي، فيجب طلب المساعدة من مقدم الرعاية الصحية.
إذا كانت صحة الطفل معرضة للخطر ما لم يفقدوا الوزن، فقد يرغب الوالدان في التفكير ببرنامج علاج رسمي.
اقرأ أيضًا:
هل البدانة معدية بين المراهقين؟
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: أسعد الأسعد
مراجعة: عبد المنعم الحسين