اختُرع طوق باتبس الحيوي للكلاب لمراقبة مستويات الضغط العصبي لديهم، ما قد ينبئنا بقدوم الزلازل، إذا ساعد بإثبات صحة قدرة الكلاب على الشعور بالهزات الأرضية قبل قدومها من البشر، إذ تشير التقارير إلى إبداء الكلاب وبعض الحيوانات الأخرى سلوكًا مختلفًا قبل وقوع الهزة الأرضية، ومن هنا يطمح الطوق الجديد لدراسة تلك الغريزة والاستفادة منها.

في البداية سعى مبتكرو قلادة بيتبيس لقياس البيانات الحيوية للكلب للوقاية من الأمراض. ولكن مع قياس قلادة بيتبيس لنبض القلب، وتقلبات معدل ضربات القلب، ودرجة الحرارة، والتنفس، اكتشفوا أنهم يستطيعون أيضًا التحقق من مستوى الإجهاد لدى الكلب، إذ تُرسل هذه البيانات إلى بيتبيس في الزمن الحقيقي، ما قد ينعكس بتطبيقات مباشرة قد تساعدنا على استشعار الهزات الأرضية قبل وصولها لنا بطاقةٍ كاملة.

قال رئيس العلماء والمؤسس المشارك لبيتبيس اساف داغان: «الفكرة تكمن في إمكانيتنا على استشعار سلوك الحيوانات وقلقهم، ثم نستخدم أنظمة متقدمة من نماذج الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي للوصول إلى علاقة بين البيانات الجيوفيزيائية مثل ظواهر الاهتزازات الأرضية باختلاف شداتها».

يوجد في البيرو حاليًا مشروع باسم التنبيهات الحيوانية، إذ تمر المواقع الجغرافية هناك بما يقارب 90% من كامل النشاط الزلزالي حول العالم، وطلب بيتبيس من مختلف ملاك الحيوانات الأليفة في المنطقة المشاركة في هذه الدراسة.

يقول داغان أن بالاعتماد على البيانات التي سيتلقونها من هذه الكلاب، من المرجح أن تستطيع الخوارزمية الكشف عن نمط معين وتتوقع قدوم الهزة الأرضية. وقال أيضًا إنهم يجب أن يختبروها في منطقة حيث لا توجد أية هزات أرضية.

الطوق الحيوي بيتبيس قد يساعدنا على الشعور بالاهتزازات الأرضية لا التنبؤ بها، إذ تقول عالمة جيولوجيا الزلازل ويندي بوهون إن من الحكمة استخدام كلمة مختلفة عن التنبؤ بما إنها تبدو مضللة، فهي توحي بأن الحيوانات تمتلك قدرات روحية خارقة لا أنها حساسة.

وتقول: «لم أر أبدًا دراسة مقنعة تظهر أن الحيوانات تستطيع التنبؤ بالزلازل، أو أن الحيوانات تعلم أن زلزالًا سيحدث قبل حدوثه. لا يوجد حاليًا دليل على وجود مؤشرات مبكرة على النشاط الزلزالي».

تشير الدراسات إلى أن طوق بيتبيس قد يعمل فعلًا، فقد أشارت دراسة عام 2021 أن 49% من الكلاب شعروا بالقلق قبل يوم واحد من زلزال بقوة 6.8 في شمال غرب المحيط الهادئ، ولربما قد لاحظوا أو استشعروا الهزات الأرضية المبكرة أو حركة الصفائح التكتونية.

يُظهر الزلزال في مدينة هايتشنغ في الصين أن إشعارات بالأسابيع أو الساعات قد تساعد على إنقاذ الأرواح، ففي 1975 عملت السلطات على إخلاء المدينة قبل زلزال بقوة 7.3 لأن «عشرات من الثعابين تزحف من بيوتها رغم درجات الحرارة المتجمدة»، ما دفعهم -إلى جانب علامات أخرى- لاتخاذ إجراءات احترازية.

لاحظ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي التي -تمتلك قواعد بيانات كبيرة- سلوكًا غير طبيعي للحيوانات قبل ساعات من زلزال بقوة 7.8 أودى بحياة أكثر من 21000 شخص في تركيا.

قد تتأثر الحيوانات بموجات (P) للزلزال، لذلك قد تكون مراقبتها في المناطق المعرضة للزلازل إجراء أمان قابل للتطبيق تستخدمه السلطات للتخطيط وفقًا لذلك. وهكذا قد يمنحنا طوق بيتبيس الجيولوجي أيامًا أو حتى أسابيع.

توجد بالفعل تقارير ودراسات حول سلوك الحيوانات غير الطبيعي قبل وقوع زلزال. وأقدم إشارة إلى تغير واضح في سلوك الحيوانات تعود إلى عام 373 قبل الميلاد في اليونان. وقد شهد باحثون مختلفون تغيرًا في السلوك عند مختلف الحيوانات، حتى في النمل من أسابيع إلى ثوانٍ قبل وقوع زلزال. ولكن مع ذلك تبقى هذه الظاهرة غير مثبتة.

لكن عالم الزلازل بوهون يعتقد بقدرة الحيوانات على استشعار الموجات الرئيسية أو (P) للزلزال. نعلم أن التنبؤات في هذه الحالة غير محتملة، ولكن إذا استطعنا أن نثبت أن الحيوانات قادرة على إدراك أن زلزالًا قد بدأ بالفعل، فبوسعنا الاستفادة من حواسها لإنقاذ الأرواح.

هذا ما تسعى بيتبيس لدراسته مع طوقها، ستراقب مجموعة من الكلاب في البيرو. إنها ليست نموذجًا تنبؤيًا، بل جهاز إنذار محتمل قد يساعدنا على التقدم المسبق عندما يأتي زلزال بالفعل. وقد يكون من الحكمة الثقة بأصدقائنا الحيوانات.

اقرأ أيضًا:

هل تستطيع الحيوانات فعلًا استشعار الزلازل قبل حدوثها؟

هل يمكن للحيوانات التنبؤ بالزلازل والكوارث الطبيعية؟

ترجمة: زين العابدين بدّور

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر