يُعرف سلس البول «Urinary incontinence» بكونه مشكلة شائعة ومُحرجة جدًا تصيب الملايين من الناس خاصة النساء.
ويقصد بمصطلح سلس البول فقدان السيطرة على المثانة بشكل يسمح بتمريرٍ لا إرادي للبول، في حين تتراوح شدة هذه المشكلة من تسرب بسيط للبول عند العطاس أو السعال إلى رغبة ملحة وطارئة بالتبول لدرجة قد لا تجعل المريض يصل إلى دورة المياه في اللحظة المناسبة.
أنواعه:
لا يقتصر سلس البول على نوع واحدٍ فقط، بل توجد أنواع عديدة منه ومنها:
- سلس البول التوتري «Stress incontinence»: يكون تسرب البول في هذه الحالة ناجمًا عن زيادة الضغط داخل أو حول المثانة. ويحدث هذا عند الضحك أو السعال أو العطاس أو رفع الأشياء الثقيلة.
- سلس البول الفيضي «overflow incontinence»: ينتج هذا النوع من سلس البول عند عدم إفراغ المثانة بشكل كامل (احتباس البول المزمن) مما يسبب تسربًا متكررًا للبول.
- سلس البول الكُلي «Total Incontinence»: وهو السلس الناجم عن عدم قدرة المثانة على تخزين البول مطلقًا، مما يؤدي إلى تسرب البول المتكرر أو تمريره باستمرار.
- سلس البول الإلحاحي «urge incontinence»: في هذه الحالة يتسرب البول بشكل يتبع شعور المريض برغبة ملحة ومستعجلة إلى التبول الفوري.
مع التنويه إلى إمكانية إصابة المريض بأكثر من نوعٍ، مثل الإصابة بسلس البول التوتري والإلحاحي في الوقت ذاته.
أسبابه:
لا يمكن اعتبار سلس البول مرضًا بحدّ ذاته، بل يعدّ عرضًا من أعراض مشكلة أكبر، فقد ينتج عن عدة أسباب مختلفة. وتسهيلًا للأمر، سوف نقوم بتقسيم الأسباب التي تجعل من سلس البول مؤقتًا أو مستمرًا.
أسباب سلس البول المؤقت:
تعمل العديد من المشروبات والأطعمة والأدوية كمدراتٍ البول، أي أنها تقوم بتحفيز المثانة وزيادة كمية البول فيها ومثال ذلك: الكحول، والكافيين، والمشروبات الغازية، والمحليات الصناعية، وشراب الذرة، والأطعمة الحارة أو الحلوة أو الحامضة خاصة الحمضيات، والأدوية الخاصة بأمراض القلب وضغط الدم والمسكنات ومرخيات العضلات، وتناول الفيتامينات بكميات كبيرة وخاصة فيتاميني B و C.
كما يمكن أن ينتج سلس البول عن الإصابة بعدوى الجهاز البولي، وتفسير ذلك هو تسبب العدوى بإزعاج المثانة وتحفيزها؛ مما يسبب رغبة ملحة بالتبول وأحيانًا تسرّب البول. ومن علامات وأعراض عدوى الجهاز البولي الأخرى الشعور بالحرقة عند التبول واتصاف البول برائحة كريهة.
– ولكن ما علاقة الإمساك بالأمر؟
يعتبر الإمساك أحد مسببات سلس البول المؤقت، وذلك بسبب اشتراك المثانة والمستقيم بالعديد من الأعصاب المتماثلة بحكم موقعهما المتقارب. إذ يعمل البراز الصلب الموجود في المستقيم على تحفيز تلك الأعصاب وجعلها مفرطة النشاط مؤديًا إلى زيادة الرغبة في التبول.
أسباب سلس البول المستمر:
من أهمها:
- الحمل: قد تؤدي التغيرات الهرمونية التي يسببها الحمل وزيادة وزن الرحم إلى الإصابة بسلس البول التوتري.
- الولادة: نقصد هنا الولادة الطبيعية بشكل خاص والتي يمكن أن تسبب ضعفًا في العضلات اللازمة للتحكم في المثانة، كما يمكن أن تسبب ضررًا في الأعصاب المغذية للمثانة والأنسجة المحيطة، مؤدية إلى هبوط قاع الحوض، وهنا تُدفع المثانة والرحم والمستقيم إلى الأسفل مما قد يؤدي إلى تغيّر موقعها الطبيعي وبروزها من فتحة المهبل.
- التقدم بالعمر: يمكن أن تسهم الشيخوخة في التقليل من قدرة المثانة على التخزين وإضعاف عضلاتها.
- انقطاع الطمث: يعمل هرمون الإستروجين على المحافظة على سلامة وصحة بطانة المثانة والإحليل. وبشكل بديهي وبسبب انخفاض مستوى ذلك الهرمون بعد انقطاع الطمث؛ تتدهور تلك البطانة بشكل يعمل على تفاقم حدوث سلس البول.
- تضخم البروستات: خاصة في الرجال المتقدمين بالعمر.
- الانسداد: وذلك بسبب إعاقة التمرير الطبيعي للبول عبر المسالك البولية ومن أمثلة مسببات الانسداد؛ الأورام والحصى.
- الإضطرابات العصبية: وتشمل كلًا من التصلب اللويحي، ومرض باركنسون، والسكتة الدماغية، وسرطانات الدماغ، وإصابات الحبل الشوكي … إلخ، جميعها تتعارض مع إرسال الإشارات العصبية التي تتحكم في المثانة مسببة سلس للبول.
لكن متى يجب على المريض أن يذهب إلى الطبيب ويطلب الرعاية الطبية؟
استحضار الرعاية الطبية:
يجب عليك الذهاب إلى الطبيب إذا كنت تعاني من أي نوع من أنواع سلس البول آنفة الذِكر، كما لا يجب عليك الشعور بالإحراج من التحدث إلى طبيبك حول المشكلة والأعراض؛ لأنها مشكلة شائعة ومنتشرة بين الكثير من الناس.
أيضًا وبذهابك إلى الطبيب فإنك تكون قد بدأت الخطوة الأولى في السعي وراء إيجاد الحلول المناسبة لعلاج المشكلة.
يتم تشخيص المريض عادة بعد الاستشارة الطبية، حيث يقوم الطبيب بسؤال المريض عن الأعراض المصاحبة، وقد يقوم أيضًا بإجراء فحص الحوض (في النساء) وفحص المستقيم (في الرجال).
كما يمكن أن يقترح الطبيب على المريض بأن يقوم بتدوينٍ يومي لكمية السوائل التي يتناولها وعدد المرات التي يحتاج فيها المريض إلى التبول.
العلاج
لا توجد وسيلة وحيدة لعلاج سلس البول، إلا أن هناك مبدأ قويًا واحدًا هو أنَ الأدوية والجراحة تأتي بعد اتخاذ الخطوات الأولى، لذا يقوم الطبيب في البداية باقتراح بعض الوسائل البسيطة ورؤية دورها في تحسين المشكلة ومنها:
- تغيير نمط الحياة المعتاد: وذلك بتخفيف الوزن (إذا كان زائدًا)، والامتناع عن تناول الكافيين والكحول والأطعمة الحمضية.
- تمارين قاع الحوض: حيث يقوم الطبيب المختص بتعليم المريض كيفية القيام ببعض التمارين التي تعمل على تعزيز عضلات قاع الحوض.
- تدريب المثانة: وهنا أيضًا يُعلّم الطبيب المختص المريض اتباع بعض الوسائل اللازمة، مثل زيادة فترة الانتظار ما بين الرغبة في التبول وتمريرالبول.
- ملاحظة: يمكن أن تُتَبعَ الوسائل السابقة كوسائل وقائية أيضًا لمنع حدوث سلس البول.
الأدوية:
ويأتي هذا الخيار عند استمرار المشكلة بغض النظر عن اتباع الوسائل السابقة ومن هذه الأدوية:
- الأدوية المضادة للكولين «Anticholinergics»: إذ يمكن أن تعمل هذه الأدوية على تهدئة المثانة المفرطة كما أنها مفيدة في حالة سلس البول الإلحاحي.
- أدوية حاصرات ألفا «Alpha blockers».
- دواء ««Mirabegron: ويستخدم هذا الدواء لعلاج سلس البول الإلحاحي حيث يساعد على استرخاء عضلات المثانة وزيادة قدرتها على تخزين كميات أكبر من البول.
- الإستروجين الموضعي: وذلك بتطبيق كمية قليلة من الإستروجين بشكل موضعي مثل مرهم للمهبل أو غيرها من الأشكال، حيث يساعد الإستروجين على تجديد الأنسجة الموجودة في منطقتي الإحليل والمهبل مما قد يقلل من بعض أعراض المشكلة.
الجراحة:
يُطرح هذا الخيار في حال فشل الخيارات السابقة، فيما تعتمد الجراحة المطلوبة على نوع سلس البول الذي يعاني منه المريض، ومثل ذلك عمليات تكبير المثانة أو زراعة جهاز يعمل على تحفيز الأعصاب المغذية والمتحكمة في عضلات المثانة في حالة الإصابة بسلس البول الإلحاحي.
- ترجمة: سيرين خضر
- تدقيق: دانه أبو فرحة
- تحرير: يمام اليوسف
- المصدر الأول
- المصدر الثاني