يصنف معدن الكادميوم كأحد السموم الخمسة الأكثر خطراً، حيث تظهر تأثيراته السميّة بشكل رئيسي على الكلية ٱضافةً لتأثيره على العظام والجهاز القلبي وتأثيره المسرطن، وللأسف لم تتكشف مدى مساوئ هذا المعدن حتى العقود الثلاثة الأخيرة.
يستعمل الكادميوم بشكل رئيسي في عمليات لحام المعادن وكذلك في صناعة الفضيات والزجاج وفي تركيب البطاريات والأصباغ والطلاءات، كما يعد التدخين أحد مصادر التعرض له.
يمكن التعرض للكادميوم بشكل رئيسي عبر استنشاق غباره الناتج عن عمليات التصنيع من قبل العاملين أو جوار المعمل أو الغبار الناتج عن حرق النفايات الحاوية على الكادميوم، كما أن وضع السوائل والأطعمة الحامضة في أوعية معدنية يسبب تحرر الكادميوم من المعدن، لذا لا ينصح بتناول أو تخزين المشروبات الحامضة في أوعية معدنية.
ولعلّ أشهر حوادث التسمم بالكادميوم ما حصل في إحدى قرى اليابان حيث أُصيب كل سكان القرية بمرض غريب تجلّت أعراضه بأمراض كلوية وٱلام عظمية وتقزم، فاعتبره الأطباء مرضاً وراثياً ناتجاً عن خلل جيني، ولم تكن سميّة الكادميوم مُكتشفة بعد، وبعد 40 عاماً أُثبت وجود معمل قريب كان يطرح مخلفاته الحاوية على الكادميوم في المياه المستخدمة لسقاية أراضي القرية، أُطلق على المرض Itay-Itay والتي تشير إلى الألم لشدة ما يقاسيه المتسممون بهذا المعدن.
التعرّض الهضمي لهذا المعدن قليل لأن امتصاصه ضعيف ولا يتجاوز5%، ويذكر أن جسم الأنثى يمتص الكادميوم أكثر من الرجل، وفي حال السمية المزمنة فإنّه بعد امتصاصه يُختزن بشكل رئيسي في الكلية ثم في العظام ليمارس تأثيراته المدمرة خلال 10 سنوات يبقى فيها ضمن الأنسجة، أمّا في حال التعرض الحاد لكمية كبيرة منه دفعةً وحده فإنه يدمر الكبد بشكل رئيسي وبسرعة،
وما يزيد الأمر سوءاً عدم احتواء جسم الإنسان لٱلية محددة للتخلّص منه بل يطرح كما هو وببطئٍ شديد جداً.
وأيضاً من الأمور التي تزيد الأمر سوءاً الٱليات التي يستخدمها الجسم لمقاومة السمية بهذا المعدن حيث يتم ربطه بنواقل معيّنة ليتم نقله إلى الكلية لمحاولة إطراحه، وبالتالي يحقق ذلك حمايةً للكبد وباقي الأعضاء ولكن بالمقابل يزيد من سرعة تدمير الكلية ( مكان التأثير الأساسي للكادميوم).
يجب ألاّ ننسى تأثيره على الرئتين، حيث يسبب تخريش الأنسجة وتدمير الخلايا فيهما عقب استنشاقه، أمّا المعالجة فتتم بشكل رئيسي بمحاولة تقليل التعرّض للسم بإبعاد المريض عن مصدر السم وغسل معدته، ثم تصحيح الأعراض كأن نقدم للمريض مزيداً من الأوكسجين في حال تعرضه لمشاكل رئوية أو استخدام أجهزة غسل الكلى في حال المشاكل الكلوية الشديدة، هذا ولا ينبغي استخدام المعالجات المخلّبة المستخدمة عادةً لعلاج التسمم بالمعادن حيث تسرّع من وصول الكادميوم للكلية وتسرّع تدميرها.
لقراءة الجزء الأول عن الزرنيخ الذهاب الى الرابط التالي: الجزء الأول
