سكري الحمل هو نوع من مرض السكري الذي ينشأ مع الحمل أو يُشخَّص في أثنائه، وهو ينطوي على ارتفاع مستويات سكر الدم على غرار أنواع السكري الأخرى.

سكري الحمل اضطراب مؤقت في معظم الحالات، وينشأ عادةً في الثلث الثاني من الحمل ثم يختفي بعد الولادة؛ لكن توصي معاهد الصحة الأمريكية بمتابعة النساء اللاتي يتعرضن إلى الإصابة بسكري الحمل حتى بعد الولادة، نظرًا إلى أنهن أكثر عرضةً إلى الإصابة به في المستقبل.

وجدت دراسة أجراها مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في عام 2014 أن نسبة إصابة النساء الحوامل بسكري الحمل في الولايات المتحدة تتراوح بين 4-9%.

فضلًا عن ذلك، تقول منظمة مارش أوف دايمز الأمريكية إن احتمالية الإصابة به تزداد لدى بعض الفئات العرقية، مثل الأفارقة واللاتينيين والهنود والآسيويين وشعوب البحر الكاريبي.

أعراض سكري الحمل

تقول معاهد الصحة الأمريكية: عادةً لا تعاني النساء المصابات بسكري الحمل أي أعراض، لكن إذا ظهرت لديهن بعض الأعراض، فهي غالبًا طفيفة وليست خطيرة، وهي مرتبطة غالبًا مع ارتفاع سكري الدم أعلى من مستواه الطبيعي، مثل الإرهاق وكثرة التبول والعطش المفرط.

أسباب سكري الحمل

يقول طبيب النساء والولادة كريستوفر غلانتز من مركز جامعة روتشستر الطبي: «يؤدي الحمل إلى بعض التغيرات في جسم المرأة لإيصال قدر أكبر من السكر إلى الجنين، ويتمثل أحد هذه التغيرات في بعض هرمونات المشيمة التي تتداخل مع عمل هرمون الإنسولين لدى الأم، الذي يساعد بدوره على إدخال السكر من الدم إلى خلايا الجسم».

«نتيجة لذلك، يتراجع أداء الإنسولين ويرتفع مستوى السكر في الدم، ولكن في الأحوال الطبيعية يسحب الجنين هذا السكر الزائد من دم الأم ويؤدي إلى انخفاضه».

«بيد أن المشيمة لدى بعض النساء تنتج كميةً أكبر من الهرمونات المضادة للإنسولين، ما يؤدي إلى تراكم السكر في دم الأم، وعند وصوله إلى مستويات أعلى من الطبيعي، تُصنف الحالة على أنها سكري حمل».

«في بعض الحالات، قد ينجم سكري الحمل عن تفاقم حالة ما قبل السكري، التي قد تنتج بدورها بسبب السمنة أو زيادة الوزن. إلى جانب أنه قد تصاب بعض الحوامل بداء السكري قبل الحمل ثم تُكشف إصابتها بالمرض في أثنائه وتُصنف حالتها على أنها سكري حمل».

علاوةً على ذلك، قد تؤدي تغيرات مستوى هرمون الإستروجين والبروجستيرون في الحمل إلى الإخلال بتوازن سكر الغلوكوز والإنسولين في الجسم.

عوامل الخطر

تتضمن مخاطر الإصابة بسكري الحمل العوامل التالية:

  •  زيادة الوزن أو السمنة.
  •  الإصابة بحالة ما قبل السكري.
  •  ولادة طفل يزن أكثر من 4 كيلوغرامات مسبقًا.
  •  إصابة أحد أفراد العائلة المقربين بالنمط الثاني من السكري.
  •  الإصابة بسكري الحمل في حمل سابق.

تشخيص سكري الحمل

يطلب الأطباء فحوصات سكري الحمل عادةً بين الأسبوع 24 والأسبوع 28 من الحمل، لكن قد تُفحص بعض النساء في وقت أبكر من ذلك إذا كانت أكثر عرضةً إلى الإصابة بسكري الحمل.

تخضع الأم أولًا لاختبار كشف مستوى الغلوكوز، وتشرب فيه محلولًا سكريًا، ثم يُفحص مستوى سكر دمها بعد ساعة. إذا تبين أن مستوى سكر دمها أعلى من الطبيعي، تخضع الأم في هذه الحالة لاختبار آخر يسمى اختبار تحمل الغلوكوز.

في اختبار تحمل الغلوكوز، ينبغي على الأم الصيام طوال الليل قبل العودة إلى الطبيب، تُسحب بعدئذ عينة من دمها قبل البدء في الاختبار، ثم تشرب محلولًا سكريًا مركزًا وتُسحب منها عينات أخرى كل 60 دقيقة على مدى ساعتين أو ثلاث ساعات بعد شرب المحلول. يهدف هذا الاختبار إلى كشف التغيرات التي تطرأ على مستوى سكر الدم والإنسولين مع مرور الزمن.

في حال شُخصت الأم بسكري الحمل، ستضطر إلى إعادة اختبار تحمل الغلوكوز بعد الولادة بفترة تتراوح بين 6 إلى 12 أسبوعًا، ثم تعيده مجددًا كل ثلاث سنوات لرصد أي اضطراب في تعامل الجسم مع الغلوكوز بعد سكري الحمل.

عواقب سكري الحمل

يؤدي ارتفاع مستوى الغلوكوز عن الطبيعي في دم الأم إلى انتقال كمية أكبر إلى الجنين، ما يسبب بدوره فرط النمو، وعند إهمال سكري الحمل وتركه دون علاج، تزداد احتمالية ولادة جنين ضخم الحجم يزيد وزنه عن 4 كيلوغرامات، ما يزيد عرضة الأم إلى الإصابات في أثناء الولادة، وقد تحتاج أيضًا إلى إجراء عملية قيصرية.

يقول غلانتز: «يستحسن عادةً أن يكون الرضيع متوسطًا في معظم المعايير، ولكن هذا قد لا يشمل وزنه عند الولادة».

يتعرض الطفل حديث الولادة في هذه الحالة إلى خطر الإصابة بانخفاض سكر الدم ومتلازمة الضائقة التنفسية واليرقان، إضافةً إلى أن احتمالية إصابته بالسمنة والسكري وبعض الاضطرابات الأخرى تزداد في المستقبل.

حتى في حال اختفاء سكري الحمل بعد الولادة، يظل خطر إصابة الأم بسكري النمط الثاني مرتفعًا ويقدّر بقرابة 60% وفقًا لكليفلاند كلينك. لذا ينبغي فحص الأمهات المصابات بسكري الحمل بانتظام بعد الولادة والتأكد من اتباع نظام غذائي صحي وتحسين نمط حياتهن.

علاج سكري الحمل

تتمثل الخطوة الأولى لمعالجة سكري الحمل في تحويل الحالة إلى اختصاصي تغذية لمحاولة ضبط سكر دمها بتحسين نظامها الغذائي وممارسة بعض التمارين الرياضية بانتظام.

إذا فشلت السبل المبدئية في ضبط سكر الدم لدى الأم، قد يتحتم عليها تناول بعض الأدوية الخافضة لسكر الدم، وقد تحتاج في بعض الحالات إلى حقن إنسولين يومية.

الوقاية من سكري الدم

بإمكان النساء اللاتي يعتزمن الحمل تقليل خطر إصابتهن بسكري الحمل عبر فقدان الوزن الزائد وممارسة المزيد من النشاط البدني قبل حدوث الحمل، فليس من المستحسن أن تحاول المرأة فقدان الوزن في أثناء الحمل، نظرًا إلى أن اكتساب بعض الوزن يعد ضروريًا لإبقاء حملها صحي.

في المقابل، يؤدي فرط اكتساب الوزن إلى زيادة خطر إصابة الأم بسكري الحمل، لذا يُنصح أن تراجع الأمهات الحوامل طبيبهن لمعرفة مقدار الوزن المسموح اكتسابه في أثناء الحمل.

أشارت دراسة أخرى نُشرت في عام 2018 إلى أن بإمكان النساء اللاتي يعانين زيادة الوزن أو السمنة تخفيف زيادة وزنهن في الحمل بأمان بعد استشارة اختصاصي تغذية والاستعانة بتطبيق ذكي على الهاتف المحمول. بيد أننا بحاجة إلى دراسات أكبر للتأكد من أن هذا النهج يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز صحة الحمل عمومًا.

بإمكان الأمهات اللاتي تعرضن بالفعل إلى الإصابة بسكري الحمل تقليل خطر إصابتهن بالنمط الثاني من مرض السكري باتباع نظام غذائي صحي غني بالألياف ومنخفض الدهون والسعرات الحرارية، إلى جانب الحفاظ على نشاطهن البدني.

في هذا الصدد، وجدت دراسة نُشرت في عام 2014 أن خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري لدى المصابات بسكري الحمل اللاتي مارسن تمارين رياضية أكثر بعد الحمل أقل من نظيراتهن بنسبة 47%.

اقرأ أيضًا:

عملقة الجنين وتأثيرها في الحمل

ولادة طفل يزن 7.8 كيلوغرام! ما العوامل التي تزيد خطر ولادة طفل عملاق؟

خسارة الوزن تخفض احتمال إصابتك بأمراض القلب والسكري

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر