ما الذي حدث لسعادين فوكوشيما بعد التسرب الاشعاعي
بعد حادثة التسرب التي لحقت بمفاعلات الطاقة النووية بفوكوشيما، وُجد أن السعادين التي تعيش في الغابة القريبة من موقع الحادث تمتلك عدد أقل من الكريات الدموية – قياسا بالمستوى الطبيعي -، حسب دراسة جديدة. ما قد يعنيه هذا للقاطنين القريبين، أو على الأقل الذين كانوا كذلك، من المفاعل النووي يظل أمر غير واضح.
بفعل القرابة بين سعادين “المكاك اليابانية” والإنسان، يرجح أن تكون آثار تعرض الإنسان للإشعاعات مماثلة لتلك عند هذه القردة، استنادا إلى الباحثين. السعادين رغم ذلك غير مريضة، لكن المعدل المنخفض لخلايا الدم عندها قد تجعلها أقل مناعة ضد الأمراض.
غير أن بعض الباحثين أوردوا في جريدة الـ Guardian رفضهم لهذا البحث. “للأسف، ما هذه إلا ورقة بحثية أخرى لا تمتلك أدلة كافية لتميز الآثار الحقيقية وارتباطها بشكل قطعي بصحة الإنسان.” قالَ غيلاردين توماس وهو باحث بيولوجيا في جامعة امبريال في لندن، و قد درس السرطان عند أولئك القاطنين قرب تشرنوبيل.
إن الدراسات التي اهتمت بانعكاسات تسرب مفاعل تشرنوبيل الروسي على كلا البشر والحيوان كانت هي الأخرى موضع جدل. لماذا هكذا دراسات تثير مثل هذا الاختلاف؟ أهو إهمال علماء تشرنوبيل؟ أم أن بعض العلماء كانوا قلقين من ‘إفزاع’ الرأي العام حول أخطار المفاعلات النووية؟
إنه لمن المؤكد أن المجتمع حينما يفكر في دعم مشاريع الطاقة النووية أو رفضها عليه الأخذ في عين الاعتبار عدة عوامل. باعتبارها هي فقط، مثل هذه دراسات كهذه قد تسلط الضوء على أخطار المفاعلات النووية على البيئة. لكن يجب أن نعرف أن نسبة فشل المفاعلات النووية – لسببٍ أو لآخر – منفصلة عن هكذا دراسات، قد تصل إلى نفس النتيجة بعد دراسة المخاطر، أو قد لا تفعل.
إن الاختيارات و الأفعال الذكية التي تلي فشل أحد المفاعلات النووية، قد نساهم في صد النتائج الكارثية كتلك التي حصلت لمكاك فوكوشيما، إن التقرير المنشر من طرف منظمة الصحة العالمية السنة الفارطة أورد أن سكان اليابان من غير المحتمل أن يصابوا بالسرطان نتيجة “كارثة فوكوشيما”، يعود الفضل في الغالب إلى الحكومة التي حظرت كل أنواع الغذاء الذي ينمو في منطقة الحادثة في حين أن قردة المكاك من ناحية أخرى، قد أمضت طيلة الشتاء في التغذي على لحاء الأشجار والحشرات المتعرضة للإشعاعات.
حسنا، لنقل أنك تهتم بما حدث للسعادين، فهي ظريفة على كل حال، إنها تنتمي إلى فصيلة “Macaca fuscata” وهي منتشرة على طول اليابان، إذ أنها تقريبا رمز وطني ياباني، ولعل أشهر تجمعات المكاك تلك التي تقضي وقتها في الاسترخاء في الينابيع الحارة جنبا إلى جنب مع البشر، إذن ماذا عن تلك التي تعيش قرب موقع الكارثة؟
بالمقارنة بين” مكاك شيموكتا” – حوالي 400 كيلومتر من “فوكوشيما” – و تلك التي تعيش في نطاق 70 كيلومتر من موقع الحادثة سنلاحظ الآتي:
*احتوت عضلات “مكاك فوكوشيما” على نسبة من الإشعاعات في حين خلا ” مكاك شيموكيتا” من أي منها.
*كانت نسبة كريات الدم الحمراء والبيضاء منخفضة عند تلك القاطنة في “فوكوشيما” مقارنة مع تلك في “شيموكيتا”، كما أن نسبة الهيموجلوبين كانت أقل.
*كلا المجموعتين كانت لهما نفس نسبة الصفائح الدموية – المسؤولة عن تجلط الدم عند حدوث نزيف أو جرح – كما كان لكلتا المجموعتين نفس النسبة من الدهون.
هذه المعلومات متأتية من 92 سعدانا قام البيطريون بفحصها بين إبريل 2012 ومارس 2013 (وقد حدثت الكارثة في مارس 2011). وقد كان ثلثا القردة المفحوصة من “فوكوشيما” في حين البقية من ” شيموكتا”.
لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أنه من المستحيل تأكيد أن الفرق بين قرود مكاك “فوكوشيما” و “شيموكتا” كان سببه المباشر حادثة التسريب، في دراسة صغيرة نشرت في 1967 وجد أن سعادين المكاك في كل أنحاء اليابان لها نفس نسبة خلايا دم متماثلة، و عليه فالسعادين المدروس عليها أن تكون ذات نسبة متماثلة، لكن يجب الانتباه لأن الباحثين لم يدرسوا قردة “فوكوشيما” قبل الحادثة، وهذا طبيعي، إذ إن اخذ عينات من دم مجموعة من قردة المكاك في “فوكوشيما” قبل الحادث كان ابعد ما يكون عن بصيرة أي عالم أو باحث.
كانت تغطية العلماء في الجارديان أكثر حول هذا النقاش؛ “هل كان تعرض المكاك للإشعاعات سببا في انخفاض معدل الخلايا في دمها؟” إن بعض الناقدين يقولون أن إحتمالات أخرى قد تكون سببًا في ذلك. في حين يؤكد فريق البحث أنه لا يجد أي تفسير آخر للمعضلة.
اعداد: Haythem Bardi