ييشير مصطلح سرطان الحلق عمومًا إلى السرطان الذي يؤثر في جزء واحد أو أكثر من الحلق، عادةً ما يكون الحبال الصوتية أو في منطقة الحنجرة الوسطى، وتُستخدم الجراحة لعلاج سرطان ويعتمد نوعها على نوع سرطان الحلق وموقعه وما إذا كان قد انتشر.
هل سرطان الحلق شائع؟
توجد عدة أنواع من سرطان الحلق وأشهرها سرطان القصبة الصوتية والسرطان الفموي البلعومي اللذان يختلفان كما يلي:
- سرطان الحنجرة: يؤثر في الصندوق الصوتي، وهو شائع عند الرجال أكثر من النساء، وعادةً ما يصيب الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 55 عامًا. وفي عام 2022، كان من المتوقع تشخيص نحو 54 ألف شخص، ويعيش 46-72% من المصابين خمس سنوات بعد التشخيص.
- السرطان الفموي البلعومي: يؤثر في الجزء الأوسط من الحنجرة الواقع مباشرة خلف الفم، ويُصاب به عدد من الرجال بضعف عدد النساء، عادةً ما يصيب الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 63 عامًا، وفي عام 2022، كان من المتوقع تشخيص نحو 12 ألف شخص، ويعيش 50% تقريبًا من المصابين خمس سنوات بعد التشخيص.
بينما تشمل أنواع سرطان الحلق الأخرى:
- سرطان البلعوم السفلي: الذي يؤثر في الجزء الواقع أعلى المري والقصبة الهوائية.
- السرطان البلعومي الأنفي: وهو نادر يؤثر في الجزء الواقع خلف الأنف.
- سرطان الحنجرة العلوي: يبدأ هذا السرطان في الجزء العلوي من صندوق الصوت، وقد يؤثر في اللهاة (الغضروف الذي يمنع دخول الطعام إلى القصبة الهوائية)، ويبدأ نحو 35% من سرطانات الحنجرة في الحنجرة العلوية.
- سرطان لسان المزمار: الذي يصيب الحبال الصوتية التي تقع في الجزء الأوسط من صندوق الصوت، يبدأ أكثر من نصف سرطانات القصبة الصوتية هنا أيضًا.
- سرطان تحت المزمار: يظهر هذا السرطان أسفل الحبال الصوتية في الجزء السفلي من صندوق الصوت، ويبدأ نحو 5% من سرطانات الحنجرة هنا.
ما أعراض سرطان الحلق؟
يختلف تأثير سرطان الحنجرة بحسب موقع كما رأينا، وتتضمن بعض الأعراض الشائعة:
- التهابًا حلقيًا يستمر أكثر من أسبوعين.
- ألمًا أو صعوبةً في ابتلاع الطعام.
- تغيرًا في الصوت (كالخشونة) يستمر لأكثر من أسبوعين.
- تكتلات في الجزء الخلفي من الحلق أو الفم.
- تكتلات في العنق ومنها الجزء الخلفي من العنق.
- ألمًا في الأذن يستمر لأكثر من أسبوعين.
لا يعني وجود هذه الأعراض بالضرورة الإصابة بسرطان الحنجرة، فغالبًا ما تكون هذه الأعراض علامات لحالات أقل خطورة، لكن يجب التحدث مع مقدم الرعاية الصحية لمعرفة السبب الكامن وراء ذلك، وهو المصدر الأفضل للمعلومات حول سرطان الحنجرة، لأن الكثير من أعراض سرطان الحنجرة مشابهة لحالات أخرى أقل خطورة.
ما السبب الرئيسي لسرطان الحلق؟
يحدث سرطان الحنجرة عندما يتسبب شيء ما في تغيير المكونات الوراثية للخلايا في الحنجرة، ما يحول الخلايا الحنجرية الصحية إلى خلايا سرطانية تنمو وتتكاثر.
يدرس الباحثون سبب هذا التغيير، لكنهم ربطوا سرطان الحنجرة ببعض الأنشطة والحالات الطبية التي تزيد من خطر الإصابة بأي نوع من أنواع سرطان الحنجرة:
- استهلاك التبغ: وذلك بالتدخين (حاليًا أو في السابق) أو استخدام منتجات التبغ (كمضغه وشمّه)، ويُعد أكبر عامل خطر للإصابة بسرطان الرأس والعنق ومنها سرطان الحلق.
- استهلاك الكحول بكثرة: ربط الباحثون بين سرطان الحنجرة والسرطان الفموي البلعومي بتناول كميات متكررة وكبيرة من الكحول.
- العدوى المنقولة جنسيًا: ما يسمى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، إذ يبدو أن بعض أنواع هذا الفيروس (HPV الحنجري) قد تسبب السرطان الفموي البلعومي. ويعاني تقريباً 1% من الرجال والنساء من العدوى بفيروس HPV الذي يسبب سرطان الحلق، إذ يتعرض معظم البالغين لفيروس HPV في وقت ما من حياتهم، لكن أجسام بعض الأشخاص لا تستطيع التخلص تمامًا من الفيروس وما زال العلماء يبحثون عن سبب ذلك.
تشخيص سرطان الحلق
يستخدم مقدمو الرعاية الصحية اختبارات كثيرة لتشخيص سرطان الحنجرة والسرطان الفموي البلعومي، وتشمل:
- الفحص البدني: ويتضمن السؤال حول الأعراض وأية أنشطة قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الحنجرة.
- تنظير الحنجرة: ويتضمن استخدام منظار لفحص الحنجرة بمزيد من التفصيل، بالإضافة إلى المنطقة الواقعة خلف الأنف.
- تنظير البلعوم: يُجري مقدم الرعاية الصحية هذا الاختبار لتشخيص السرطان الفموي البلعومي.
- فحص الأشعة المقطعية: لإنشاء صور مفصلة للحنجرة لتشخيص سرطان الحنجرة والسرطان الفموي البلعومي.
- فحص الرنين المغناطيسي (MRI): لإنشاء صور مفصلة للحنجرة باستخدام الأمواج الراديوية والمغناطيس.
- فحص البوزيترون (PET): يُستخدم للبحث عن علامات على انتشار السرطان.
- خزعة بالمنظار: وذلك للحصول على عينات من الأنسجة.
علاج سرطان الحلق
تختلف العلاجات المستخدمة بحسب أشكال سرطان الحنجرة الأكثر شيوعًا، وتتضمن الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج بالأشعة لجعل العلاج أكثر فعالية وتقليل الآثار الجانبية، ويوصي مقدم الرعاية الصحية بالإقلاع عن منتجات التبغ قبل بدء العلاجات.
- الجراحة: تهدف إلى إزالة أكبر قدر ممكن من السرطان مع الحفاظ على صندوق الصوت والقدرة على التحدث وابتلاع الطعام.
- العلاج بالأشعة: وذلك للأورام الصغيرة قبل الجراحة أو بعدها.
- العلاج الكيميائي: قد يُجمع مع علاج الأشعة، وقد يُستخدم أيضًا قبل الجراحة أو بعدها.
- العلاج المستهدف: يركز العلاج المستهدف على البروتينات الموجودة في خلايا السرطان التي تساعد هذه الخلايا على النمو والانقسام، يقتل هذا العلاج خلايا السرطان أو يبطئ نموها.
- العلاج المناعي: الذي يحث استجابة جهاز المناعة لمحاربة السرطان.
هل يمكن تقليل خطر الإصابة بسرطان الحلق؟
لا توجد طريقة مؤكدة لتجنب سرطان الحلق، لكن الأشخاص الذين يستخدمون التبغ بانتظام، ويشربون كميات كبيرة من الكحول بانتظام أو المصابون بعدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، يكونون أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض.
وعليه، لتقليل خطر الإصابة يُنصح باتباع هذه الإرشادات:
- عدم التدخين السجائر أو استخدام أي من منتجات التبغ.
- استهلاك الكحول على نحو معتدل.
- الحصول على لقاح HPV، وتجنب العدوى بفيروس HPV.
- تطوير عادات غذائية صحية، فقد ربط الباحثون بين سرطان الحنجرة وسوء التغذية والسمنة ونقص الفيتامين. لذا قد يساعد النظام الغذائي الغني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتين النباتي في تقليل خطر الإصابة.
التوقعات
قد يكون مقدمو الرعاية الصحية قادرين على علاج سرطان الحلق الذي لم ينتشر إلى الأنسجة المجاورة أو العقد اللمفاوية. إذ يُعرّف السرطان الذي لم ينتشر بأنه سرطان موضعي (localized).
بين 52% و 83% من الأشخاص الذين يعانون من جميع أنواع سرطان الحنجرة الموضعي، يعيشون خمس سنوات بعد التشخيص. ونحو 62% من الأشخاص الذين شخصوا بسرطان البلعوم الموضعي يبقون على قيد الحياة بعد خمس سنوات من التشخيص أيضًا.
التعايش مع المرض
بعد علاج سرطان الحنجرة قد يحتاج المريض إلى مساعدة في التعامل مع تأثيرات العلاج على المدى الطويل، فقد يؤثر مثلًا علاج الأشعة والجراحة على القدرة على الابتلاع والتحدث أو السمع.
قد يعود سرطان الحنجرة أو البلعوم، ولذلك توجد متابعة كل عدة أشهر في السنة التي تلي العلاج للتأكد من الصحة العامة البحث عن علامات السرطان أو تطور نوع آخر من أنواع السرطان.
غالبًا ما يتضمن علاج سرطان الحلق جراحةً قد تؤثر في جودة الحياة بعد انتهاء العلاج بالحاجة إلى مساعدة في الأنشطة اليومية الأساسية مثل الأكل والتحدث، ويعلم مقدمو الرعاية الصحية هذه الآثار جيدًا ولا غضض في طلب المساعدة منهم إذ توجد برامج قد تساعد على التكيف مع طريقة جديدة للعيش.
أمل جديد لمرضى السرطان: علاج قائم على الخلايا التائية القاتلة
اكتشاف طريقة جديدة غير متوقعة تنتشر بها خلايا السرطان
ترجمة: عقيل الحسن
تدقيق: منال توفيق الضللي
مراجعة: محمد حسان عجك