إن معرفة كيف تصبح مستقلًا، يساعدك على اكتساب الثقة، والتغلب على الاعتمادية.
يمكن النظر إلى الاعتمادية على أنها اعتماد غير صحي على شخص آخر، يبدأ عادةً في مرحلة الطفولة، والسبب الدقيق للاعتمادية غير معروف تمامًا، وقد تنبع الاعتمادية أحيانًا من العناية باحتياجات شخص آخر يعاني مرضًا أو إدمانًا على تعاطي المخدرات.
إذا كنت تظن أنك تعاني علامات الاعتمادية، فهنالك خطوات يمكنك اتخاذها لتنمية علاقة صحية ليس فقط مع نفسك، ولكن أيضًا مع الذين تحبهم.
غالبًا ما يكون التغلب على الاعتمادية صعبًا، ولكن عيش حياة أكثر استقلالية يتطلب الصبر، إذ تتعلم وتكتشف أفضل ما يساندك في رحلتك الجديدة نحو الاستقلالية.
فكر في التوصيات الآتية نقطة انطلاق تساعدك على طول الطريق.
1. وضع الحدود:
أحد تعاريف الاعتمادية يتضمن افتقار الحدود الشخصية الواضحة، وكثيرًا ما يواجه الأفراد المعتمدين على غيرهم صعوبةً في معرفة كيفية الوقوف والتحدث عن أنفسهم والإفصاح عن مشاعرهم أو حتى الاحتجاج، وقد يضحون باحتياجاتهم الشخصية من أجل شخص آخر.
وضع الحدود يسمح لك بأن تقف وتتحدث عن نفسك، ويظهر أنه يمكنك الاستماع إلى احتياجات جسمك الجسدية والعاطفية، ويحدد كيف تتوقع من الآخرين معاملتك واحترامك، بناءً على قيمك الشخصية ومعتقداتك.
ويتطلب بناء حدود صحية والحفاظ عليها ممارسة متسقة، ولكن عندما تحدد الحدود التي ترغب في وضعها مع نفسك ومع الآخرين، قد تصبح أكثر استقلالية وتشعر بالأمان للتعبير عن احتياجاتك.
2. تعلم مهارات التواصل الفعال:
إن تعلم مهارات التواصل الفعال يمكنه مساعدتك في إنشاء حدود صحية.
سواءً أردت إيصال احتياجاتك إلى شريك أو صديق أو حتى فرد من أفراد الأسرة، فإنه يجب وضع حدود في جميع أنواع العلاقات.
إذا كنت شخصًا قليل التواصل أو الكلام، فهنالك احتمال كبير أن لا تُلبّى احتياجاتك، أو قد توافق دائمًا مع ما يقوله أي شخص آخر لتجنب النزاع.
إن ممارسة التواصل الحازم سوف تظهر أنك:
- تدرك احتياجاتك.
- يمكنك إيصال تلك الاحتياجات بوضوح.
- يمكنك وضع حدود واضحة وفرضها.
وللمساعدة على التعبير عن نفسك بثقة أكبر، فكر في إعطاء نفسك وقتًا للتفكير ومراجعة أفكارك قبل التواصل مع الآخرين. ليس بالضرورة أن تكون مدة طويلة، ربما تأخذ فقط ثلاثة أنفاس عميقة لإعطاء نفسك بعض الوقت قبل الرد في أثناء محادثة ما.
3. الانشغال في الأنشطة التي تستمتع بها:
غالبًا ما يفتقر الأفراد المعتمدون إلى الحس بالذات. إذا كنت تسعى إلى أن تكون أكثر استقلالية، ابحث عن الهوايات التي تمتعك ومارسها.
إن العثور على الأنشطة التي تستمتع بها يساعدك على معرفة نفسك واهتماماتك.
قد تشمل الأنشطة والهوايات التي تستمتع بها، مثلًا: (الطبخ، وصنع المخبوزات، كتابة اليوميات، والتلوين أو الرسم، والتمارين، وأخذ حمام للاسترخاء، والمشي في الطبيعة، والقراءة).
ومن الممارسات التي تساعدك على التغلب على الاعتمادية هي التفعيل السلوكي (يشمل استخدام السلوكيات للتأثير في الحالة العاطفية)، الذي كثيرًا ما يستخدم في العلاج السلوكي المعرفي (CBT) للمساعدة على علاج الاكتئاب، ويشير الخبراء أيضًا إلى أنه يساعد على تغيير الهوية والسلوك.
إذا كنت بحاجة إلى مساعدة، فكر في التحدث مع مختص الصحة العقلية لمساعدتك على اكتشاف الأنشطة التي تجلب لك الحس بالبهجة والثقة.
فكر في ممارسة شيء جديد، وأن تكون منفتحًا لتعلم مهارات جديدة. قد يستغرق الأمر بعض الوقت لتجد الأنشطة التي تستمتع بها، ولكن ستجلب لك إحساسًا بالرضى.
4. اقضي وقتًا بمفردك:
من طريق قضاء وقت في العزلة، ستوفر لنفسك عالمًا من الثقة، للتأمل وإعادة شحن النفس.
وقد توصلت دراسة -أجريت في عام 2020- إلى أن العزلة قد تؤثر إيجابيًا في سلامة البالغين الناشئين وصحتهم العقلية عندما تكون متعمدة.
وتقترح مؤلفة الدراسة آنفة الذكر أن قضاء الوقت بعيدًا عن الأصدقاء وغيرهم من الأشخاص، يسمح للفرد بإعادة تنظيم وتجميع النفس، بعيدًا عن ضغوطات الحياة، وتقول إن غياب الضغوط الاجتماعية يسمح للفرد بمراجعة أفكاره ومشاعره وقيمه.
إن قضاء الوقت منعزلًا من شأنه المساعدة على خفض مستويات الاكتئاب، وزيادة احترام الذات، وبناء مهارات أقوى لتنظيم المشاعر.
تساعد العزلة على تطوير هذه المهارات دون الاعتماد على شخص آخر لمعرفة أفكارك وقيمك ومشاعرك.
5. تعلم ما يمكنك السيطرة عليه:
إذا كان لديك ميول اعتمادية، قد يكون من الصعب السماح لشخص آخر باتخاذ قراراته الخاصة. ومن الصعب مشاهدة شخص تهتم لأمره يتخذ قرارات تؤذيه أو تؤذيك.
تذكر أنك لا تستطيع التحكم في سلوك الآخر؛ يمكنك السيطرة فقط على أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك. إن التخلي عن كونك مسؤولًا عن سلامة الآخرين، يكون محررًا جدًا.
6. ابحث عن العلاج إذا لزم الأمر:
لا بأس في أن تجد صعوبةً في الاستقلال. سواءً كنت في علاقة أم لا، وضع الحدود وإيجاد ذاتك وهويتك أمر صعب.
إن وجود ميول اعتمادية لا يعني أن هنالك شيئًا خاطئًا بك، غالبًا ما تنشأ هذه الميول من الاهتمام الزائد بالآخر. المشكلة هي أن ذلك الاهتمام قد يغدو أكثر مما يتحمله الشخص.
تكون العلاقات الاعتمادية مثل قطار ملاهي منتقل صعودًا وهبوطًا، وذلك غالبًا ما يكون صعبًا على الشخص المرتبط مع الآخر.
يستطيع مختص الصحة العقلية مساعدتك على تحسين فهمك لنفسك وللعلاقات وتعليمك المهارات اللازمة لوضع حدود أفضل مع الآخرين، وتحديد أنماط السلوكيات الاعتمادية في علاقاتك مع الآخرين، وأيضًا الوصول إلى أصل هذه السلوكيات.
اقرأ أيضًا:
اضطراب الشخصية الاعتمادية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
قلق الانفصال: كيف تفهمه وتتغلب على خوفك من الهجر العاطفي؟
ترجمة: حميد جمعه
تدقيق: محمد الشعراني
مراجعة: حسين جرود