يعرف هرمون الأوكسيتوسين باسم هرمون الحب ولكن قد لا تكون تلك وظيفته الوحيدة، بل يشارك الأوكسيتوسين في الاستجابة للجهد والنوم وفي العلاقات الاجتماعية، وهو أكثر من مجرد هرمون يفرز في العلاقات العاطفية بين الأحباء أو بين الأم وطفلها.

قالت الطبيبة ديبورا لي، اختصاصية الصحة الجنسية والإنجابية: «ينتج الأوكسيتوسين في منطقة ما تحت المهاد أو التي تعرف بالوطاء، ولكنه يخزن في الفص الخلفي للغدة النخامية المسؤولة عن إفرازه إلى مجرى الدم».

توجد مستقبلات الأوكسيتوسين على سطوح الخلايا في جميع أنحاء الجسم، ما يجعل له العديد من التأثيرات المختلفة. وإليكم 6 وظائف للأوكسيتوسين، لم تعرفوها من قبل!

1. التعلق والترابط:

عايرت دراسة أجريت عام 2012 مستويات الأوكسيتوسين في بلازما الدم لـ 163 شابًا، منهم 120 شخص في علاقة حب (أي 60 ثنائيًا) بعد ثلاثة أشهر من ارتباطهم، و 43 عازبًا غير مرتبط، فتبين وجود مستويات أعلى بكثير من الأوكسيتوسين عند الأشخاص المرتبطين مقارنة بالعازبين، وأن مستويات الأوكسيتوسين بقيت مرتفعة حتى بعد ستة أشهر من علاقتهم.

وأضافت لي، أنه من المعروف أن مستويات الأوكسيتوسين ترتفع في المراحل الأولى من العلاقة، إذ تنشط مناطق معينة من الدماغ غنية بمستقبلات الأوكسيتوسين مثل الجهاز الشمي، منطقة الحوف، ما تحت المهاد، الحصين، وجذع الدماغ.

2. تخفيف آلام الشدة والإجهاد:

وجدت دراسة أجريت عام 2021، أن مستويات الأوكسيتوسين بدأت في الارتفاع قبل أسبوع من ارتفاع مستويات الكورتيزول لدى النساء في سن الدراسة كلما اقتربن من فترة الامتحانات النهائية.

وقالت لي، إن زيادة الأوكسيتوسين هذه قد تعمل على تعزيز الدقة المعرفية وتساعد على تخفيف الآثار السلبية للكورتيزول، وقد يكون له دور في الإجهاد عبر التدخل في استحابة الجهاز العصبي الودي.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ثبت أن الأوكسيتوسين يساعد الناس على تحمل أفضل للألم، وأن المسكنات ومضادات الاكتئاب وغيرها من الأدوية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي، تركز على الأوكسيتوسين وتستفيد من خواصه المخففة للألم.

3. المخاض والرضاعة الطبيعية:

وهو أفضل دور مفهوم للأوكسيتوسين، إذ يطلق الأوكسيتوسين بكميات كبيرة في أثناء المخاض، عندما يتقلص الرحم ويتوسع عنقه سامحًا للوليد بالمرور عبر المهبل. يستخدم الأطباء الأوكسيتوسين الصنعي، المعروف أيضًا باسمه التجاري بيتوسين، لحث المخاض عند تأخر الولادة منذ أوائل عام 1900.

قالت لي: «في أثناء المخاض، يؤدي ضغط رأس الطفل عند تقدمه نحو عنق الرحم إلى إطلاق نبضات عصبية تحفز منطقة ما تحت المهاد أو (الوطاء) والغدة النخامية لإطلاق الأوكسيتوسين».

يحدث تلقيم راجع إيجابي للإفراز، أي أنه كلما زادت قوة وتواتر تقلصات الرحم، زاد ترقق عنق الرحم وتوسعه، وأُطلق المزيد من الأوكسيتوسين.

وحتى بعد الولادة، يستمر الهرمون في تحفيز تقلصات الرحم التي بدورها تقلل من النزيف، بالإضافة لإفرازه في وقت الرضاعة عند تحفيز فم الطفل لثدي الأم.

4. الإثارة الجنسية:

تؤدي الغدد الصماء مع الأوكسيتوسين إلى جانب هرمون التستوستيرون دورًا رئيسيًا في الإثارة الجنسية عند البشر.

قالت لي: «إن إطلاق الأوكسيتوسين هو أحد الأسباب الرئيسية التي نشعر بسببها بالرغبة في ممارسة الجنس».

وأن اللمس الخفيف والمداعبة والتواصل البصري يرفع مستويات الأوكسيتوسين، ويكفي النظر إلى الشريك العاطفي حتى يزيد إطلاق الهرمون. وكلما كانت العلاقة أكثر إيجابية ومتانة مع الشريك، زاد إطلاق الأوكسيتوسين، ما لا شك فيه أنه ضروري للإثارة الجنسية.

في النساء، يؤدي الأوكسيتوسين دورًا في الإثارة الجنسية أيضًا، إذ ترتفع مستويات الأوكسيتوسين لديهن بعد أقل من دقيقة من الوصول إلى النشوة الجنسية.
أما عند الرجال، يزداد الأوكسيتوسين في أثناء الإثارة ويبلغ ذروته عند الوصول للنشوة. ووجدت دراسة أجريت عام 2008 أنه يمكن استخدام الأوكسيتوسين لعلاج فقدان الرغبة أو تأخر الوصول إلى النشوة الجنسية لدى الرجال، وأن إعطاء الأوكسيتوسين رذاذًا عبر الأنف ساعد هؤلاء الرجال على القذف.

5. الترابط الاجتماعي:

عُرفت علاقة الأوكسيتوسين بالسلوك الاجتماعي للبشر، من دراسات مخبرية أجريت على الفئران، المعروفة أنها لا تهتم بأي ذرية أخرى غير نسلها، ولكن عندما أعطيت الأوكسيتوسين، أصبحت فجأة حنونة وأظهرت سلوك الأم نحو الصغار من الإناث الأخريات.

أيضًا ترتبط الفئران مع رفيقة واحدة مدى الحياة وهي أكثر الأنواع أحادية الزواج على هذا الكوكب، لكن مع المزيد من الأوكسيتوسين يُعكس سلوك الترابط الوثيق هذا.

قد تكون مستويات الأوكسيتوسين الطبيعية أقل لدى المصابين بالتوحد، وهو اضطراب يتميز بصعوبات في التواصل والعلاقات الاجتماعية، إذ وجدت تجربة عشوائية من عام 2016 أن الاستجابة الاجتماعية لمرضى التوحد تحسنت حين تلقوا الأوكسيتوسين عبر الأنف.

6. الكرم:

قد يبدو من الغريب أن تتعلق صفات مثل الكرم والإيثار بالاستجابة الهرمونية، لكن أظهرت الأبحاث أن اختلاف مستويات الأوكسيتوسين قد يؤثر على كيفية تعاطفنا مع الآخرين.

وفي ورقة بحثية منشورة عام 2007 درست العلاقة بين الأوكسيتوسين والكرم، وبحثت حول كرم البشر مع بعضهم البعض، وكيف يساعدون الغرباء عنهم تمامًا بالتبرع بالمال والوقت وحتى الدم، ذلك على الرغم من عدم وجود منافع مباشرة تعود عليهم من المساعدة.

في الدراسة، توزع المشاركون إلى مجموعتين، أعطيت الأولى 10 دولارات وأوكسيتوسين، أما الثانية أخذت دواءًا وهميًا و 10 دولارات أيضًا.
أولئك الذين أخذوا الأوكسيتوسين تبرعوا بأكثر من 10 دولارات بنسبة 21% مقارنة بأولئك الذين تناولوا دواء وهميًا و 10 دولارات، ما يشير إلى أن وجود المزيد من الأوكسيتوسين في أجسامنا قد يجعلنا أكثر سخاء.

اقرأ أيضًا:

هرمون الحب الأوكسيتوسين قد يساعد في تعزيز صحة القلب بعد النوبة القلبية

صحيح أم خطأ؟: الأوكسيتوسين هو “هرمون الحب”

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر