كشف تحليل جديد لبيانات جمعها مقياس الزلازل على المريخ أن الصخور الفضائية تصطدم بالمريخ بتواتر أكثر مما كنا نتوقع، ويبدو أنه قصف النيازك للكوكب الأحمر مبرّح ولا يتوقف أبدًا!

قدّر فريق من العلماء أن المريخ يتعرض تقريبًا لاصطدامات يومية من صخور بحجم كرة السلة تضرب سطحه، بناءً على عدد الهزات الأرضية الناتجة عن الاصطدامات التي اكتشفها مركبة إنسايت على مدار فترة وجودها.

تقول عالمة الكواكب جيرالدين زينهاوزرن -من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ- المشاركة في الدراسة: «هذا المعدل كان أعلى بحوالي خمس مرات من العدد المقدر من الصور المدارية وحدها. وإلى جانب الصور المدارية، تُظهر نتائجنا أن علم الزلازل أداة ممتازة لقياس معدلات الاصطدام».

أمضت مركبة إنسايت أربع سنوات في مراقبة باطن المريخ، ثم توقفت عن العمل في نهاية عام 2022، لكنها أحدثت ثورة في فهمنا للكوكب الأحمر، فكنا نظن سابقًا أن المريخ ربما كان مملًا، ولكن إنسايت كشفت عن ثروة من النشاط التكتوني والمغناطيسي الذي لم يُلاحظ من قبل، وكشفت أيضًا عن تكوين باطن الكوكب.

الشيء الآخر الرئيسي الذي اكتشفه المختبر الحساس هو الهزات الخفيفة الناتجة عن اصطدام الصخور بقشرة المريخ. قدم هذا للعلماء أداة جديدة لتقدير معدل الاصطدامات على المريخ، ما قد يساعد على معايرة فهمنا للتاريخ الجيولوجي للكوكب.

إضافة إلى ذلك، قد يساعدنا معدل تكوين الفوهات على سطح كوكبي على تقدير عمر هذا السطح، فالسطوح التي تحتوي على المزيد من الفوهات تُعد أقدم؛ وتلك التي تحتوي على عدد أقل تُعد أصغر. وإذا عرفنا معدل ظهور هذه الفوهات، بوسعنا تحديد عمر السطح المعني.

توضّح عالمة الكواكب ناتاليا فويتشيكا -من كلية إمبريال في لندن- المشاركة في الدراسة: «باستخدام البيانات الزلزالية لفهم أفضل لكيفية تكرار ضربات النيازك على المريخ وكيف تؤثر هذه الاصطدامات في سطحه، بوسعنا البدء بتجميع جدول زمني للتاريخ الجيولوجي وتطور الكوكب الأحمر. نفكر بالأمر وكأنه ساعة كونية لمساعدتنا على تحديد تواريخ الأسطح المريخية، وربما أسطح كواكب أخرى في النظام الشمسي».

تسقط آلاف الشهب على الأرض سنويًا، لكنها غالبًا ما تتفتت في الغلاف الجوي العلوي ولا نلاحظها على سطح الأرض. يحتوي المريخ على غلاف جوي، لكنه أرق بمئة مرة من غلاف الأرض، ما يعني أن المريخ لا يتمتع بنفس الحماية ضد الاصطدامات، وقد تسقط الصخور من الفضاء دون عوائق تقريبًا.

بالإضافة إلى ذلك، يقع المريخ قريبًا جدًا من حزام الكويكبات بين مداره ومدار كوكب المشتري، لذلك توجد الكثير من الصخور الفضائية المجاورة التي تساهم في معدل الاصطدامات العالي.

اعتمدت التقديرات السابقة لمعدل الاصطدام على المريخ على الصور الفضائية، وتلتقط الأقمار الصناعية في مدار المريخ صورًا مستمرة للسطح، وتسجيل ظهور فوهات جديدة. وهذه وسيلة غير مثالية لعد الاصطدامات وحدها، ولكنها كانت أفضل خيار متاح قبل إنسايت.

تقول زينهاوزرن: «بينما نستطيع رؤية الفوهات الجديدة على التضاريس المسطحة والمغبرة بطريقة أفضل لأنها تبرز حقًا، فإن هذا النوع من التضاريس يغطي أقل من نصف سطح المريخ. لكن مقياس الزلازل الحساس لمركبة إنسايت قد يسمع كل ضربة اصطدام ضمن نطاق المسبار».

دمج الباحثون مجموعتي البيانات، إذ عدّوا الفوهات الجديدة وربطوها باكتشافات إنسايت. سمح لهم هذا بحساب عدد الاصطدامات التي حدثت بالقرب من المسبار خلال سنة واحدة، واستقراء ذلك لمعدل الاصطدامات الكلي.

كشف هذا أن بين 280 و360 اصطدامًا ينتج عنه فوهة يزيد قطرها عن 8 أمتار يحدث على المريخ سنويًا، بمعدل واحد يوميًا تقريبًا. وتظهر فوهات يزيد قطرها عن 30 مترًا نحو مرة واحدة في الشهر.

هذا ليس مهمًا فقط لفهم تاريخ المريخ، بل يوفر أيضًا معلومات قيمة للمساعدة على التحضير لاستكشاف البشر للكوكب الأحمر.

يقول عالم الزلازل والجيوفيزياء دومينيكو جارديني من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ: «هذه أول دراسة من نوعها لتحديد عدد مرات اصطدام النيازك بسطح المريخ باستخدام البيانات الزلزالية، وهو الهدف الأول لمهمة إنسايت على المريخ. تساهم هذه البيانات في التخطيط للبعثات المستقبلية إلى المريخ».

اقرأ أيضًا:

نيازك المريخ التي وصلت إلى الأرض تكشف سرًا بركانيًا قديمًا

العثور على صخرة غريبة على سطح المريخ.. وناسا تبدأ التحقق منها

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: محمد حسان عجك

المصدر