أثبت مجموعة من الباحثين فعالية جهاز صغير بحجم مشبك الورق في مساعدة مرضى شلل الأطراف العلوية ليتمكنوا من الكتابة على الحاسوب وإرسال البريد الإلكتروني والتسوق عبر الشبكة، وذلك في التجارب الأولية على البشر.
زُرع جهاز Stentrode™ بنجاح في مريضين يعانيان الشلل الشديد نتيجة إصابتهما بداء العصبون الحركي، المعروف أيضًا بالتصلب الجانبي الضموري، وكلاهما لا يستطيع تحريك ذراعيه.
نُشرت نتائج البحث في مجلة Journal of NeuroInterventional Surgery وأكدت أن جهاز Stentrode™ يستطيع نقل النبضات الدماغية لاسلكيًا من الجسم. مكّنت التقنية المرضى من إتمام بعض المهام اليومية التي لم يقدروا على فعلها سابقًا، مثل التعامل مع البنوك على الإنترنت والتسوق عبر الشبكة والكتابة على الحاسوب.
قال البروفيسور بيتر ميتشيل بمستشفى ملبورن الملكي، مدير قسم التدخل العصبي، الباحث الرئيسي في التجارب، إن النتائج واعدة، وشرح أن الجهاز آمن ويمكن زرعه في المرضى واستخدامه. وقال: «للمرة الأولى نجري هذا النمط من العمليات، لذا لا يمكننا الجزم بعدم ظهور مشكلات لاحقًا، لكن على كل حال، لقد سارت الجراحة بأفضل مما تمنينا».
زرع الأستاذ ميتشيل الجهاز في الأوعية الدموية بجانب القشرة الحركية لأدمغة المشاركين، وتمت العملية بإجراء ثقبٍ صغير في الرقبة.
قال البروفيسور ميتشيل: «العملية ليست سهلة، ففي كل جراحة متغيرات تشريحية تعتمد على المريض نفسه. استطاع المريضان مغادرة المستشفى في غضون أيام قليلة بعد الجراحة وتماثلوا للشفاء سريعًا».
قال الأستاذ المساعد توماس أوكزلي، اختصاصي التدخل العصبي، المدير التنفيذي لشركة سينكرون، إن هذه لحظة تقدم هائل في مجال التدخلات الحاسوبية الدماغية.
قال أوكزلي: «بمزيد من الحماس نعلن نجاحنا في ابتكار جهاز تقني لاسلكي قابل للزرع دون حاجة إلى جراحة دماغ مفتوح، يعمل على إعادة شيء من الحرية لذوي الإعاقات الشديدة».
استخدم المريضان الجهاز للتحكم في نظام التشغيل المعتمد على الحاسوب، بوجود متتبع عيني مؤشرًا للتوجيه. هذا يعني أنهما لم يحتاجا إلى فأرة أو لوحة مفاتيح. ثم أجريا تدريبًا بمساعدة تقنيات التعلم الآلي للتحكم في إجراءات النقر بالفأرة، مثل التكبير والتصغير والنقر الأيسر. استطاع المريضان إجراء النقر بمتوسط دقة 92% و93% على الترتيب، وسرعة كتابة تصل إلى 14 و20 حرفًا في الدقيقة مع إلغاء ميزة التنبؤ بالنص.
قال الأستاذ المساعد في جامعة ملبورن نيكولاس أوبي، الرئيس المساعد في مختبر الأوعية الدموية في الجامعة، مؤسس ومسؤول مكتب التكنولوجيا في شركة Synchron، إن التطورات مثيرة للحماس، وقد استعاد أولئك المرضى بعض الحرية في حياتهم.
قال أوبي: «كان أمرًا مذهلًا بحق عندما راقبنا المشاركين يستخدمون النظام للاتصال والتحكم في الحاسوب بواسطة أدمغتهم، من دون مساعدة في منازلهم. نحن نشكر هؤلاء المشاركين الرائعين لعملهم معنا، وقد شرفت وزملائي بتحقيق تغيير في حياتهم. أتمنى أن يتخذ الآخرون نجاحهم إلهامًا.
استقطبنا خلال 8 سنوات العديد من العقول الطبية والهندسية الرائدة من حول العالم لكي نمكن الأشخاص المصابين بالشلل من التحكم في الأجهزة الخارجية بواسطة أفكارهم. ونعلن بكل سرور أننا حققنا المراد».
نوّه الباحثون بأننا ما زلنا على بعد بضع سنين من إتاحة هذه التقنية للاستخدام في أنحاء العالم، وتمكين المصابين بهذه الأمراض من الاستقلال والتحكم في مهامهم اليومية، ولا يزال الفريق متعدد التخصصات يعمل دون كلل لجعل هذا الأمر حقيقةً واقعة.
تلقت التجربة حديثًا منحة بقيمة 1.48 مليون دولار أسترالي من الكومنولث الأسترالي لتوسيع نطاق التجربة، لتشمل مستشفيات في نيو ساوث ويلز وكوينزلاند، على أمل ضم المزيد من المرضى إلى التجارب.
اقرأ أيضًا:
التصلب اللويحي: ما هو، ما أعراضه وأسبابه وما مدى خطورته
وجد العلماء طريقة لتحويل إشارات الدماغ البشري إلى كلام !
ترجمة: ليلى حمدون
تدقيق: أكرم محيي الدين