وُصفت الحشرات بأنها غذاء المستقبل، لأن تناولها قد يُحقق فوائد كثيرة أهمها الاستدامة البيئية، بتجنب استنزاف الموارد الطبيعية والحفاظ على التوازن البيئي.
تُعد الحشرات مصدرًا غنيًا بالبروتين، وتستهلك تربيتها موارد أقل بكثير مقارنةً بمتطلبات تربية الماشية. مثلًا، بإطعام الديدان نحو كيلوغرامين من الغذاء، سنحصل بالمقابل على كيلوغرام من البروتين الصالح للأكل. للحصول على هذه الكمية من البروتين من اللحم البقري، نحتاج إلى 25 كيلوغرامًا من العشب، وعشرة أضعاف المساحة، وسينتج 18 ضعفًا من كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري. يرجع ذلك إلى معدل التحويل الأعلى للحشرات، إذ إن قرابة 90٪ من كتلة جسم الحشرة صالح للأكل، مقابل 40٪ فقط من البقرة.
في ورقة بحثية جديدة، اقترح العلماء أن التحول إلى نظام غذائي يتضمن الحشرات قد يكون له تأثيرات إيجابية إضافية على كيفية زراعة المحاصيل.
يناقش المؤلفون أن استخدام النفايات الناتجة من تناول الحشرات غذاءً للبشر وعلفًا للحيوانات، قد يعود بفوائد كبيرة على زراعة المحاصيل، ويؤمن الاستدامة البيئية.
المخلفات الثانوية الناتجة من مزارع الحشرات، قد تزود المزارعين بمكونات عضوية تؤثر في ميكروبيوم التربة بطريقة تُعزز صحة النباتات ونموها.
كتب المؤلفون :«نستطيع تعديل نوعية التربة العضوية بإضافة مصدر جديد للبروتينات الحيوانية، أي استخدام أنواع معينة من الحشرات لإنتاج الطعام والعلف، مثل خنفساء الدقيق والصرصور المنزلي والكتماء المعتمة والذبابة المنزلية».
ينتج عن تناول الحشرات منتجان ثانويان:
- السُلاخة: بقايا الهيكل الخارجي للحشرة بعد عملية الانسلاخ.
- الفضلات: براز الحشرات وغذاؤها غير المُستهلك.
هذان المنتجان الثانويان بدائل محتملة للأسمدة التقليدية ومبيدات الآفات.
كتب المؤلفون :«يُعد الكيتين أحد المكونات المهمة في بقايا الحشرات، وهو عديد سكاريد أميني عالي الوزن الجزيئي، يوجد في جدران الخلايا الفطرية والهيكل الخارجي للعديد من القشريات، وقد أثبتت الدراسات أن إجراء تعديل في التربة بجعلها غنية بالكيتين يُعزز من نمو النبات».
يقول المؤلف المشارك مارسيل ديك، عالم الأحياء النباتية من جامعة فاغينجين في هولندا: «بإضافة السلاخة إلى التربة، تزداد أعداد البكتيريا المفيدة بها».
إضافةً إلى ذلك، قد تؤدي إضافة مخلفات الحشرات إلى التربة إلى تعزيز نمو النبات، نظرًا إلى أن فضلات الحشرات غنية بالنيتروجين، وهو عنصر مهم لنمو النبات، لكنه نادر في معظم أنواع التُربة، وغالبًا ما يُضاف في صورة سماد صناعي.
كتب الباحثون: «ثبت أن إضافة مخلفات الحشرات إلى التربة تجعلها غنية بالنيتروجين والعناصر الأخرى المهمة للنباتات، التي تزيد من محتواها من العناصر الغذائية المهمة. يؤثر كل من الكيتين ومخلفات الحشرات المعدلة في تكوين ميكروبيوم التربة، الذي يُعد عاملًا مهمًا في تعزيز نمو النبات».
ذكر الباحثون أيضًا أن السلاخة قد تُستخدم وسيلةً لمكافحة الآفات. إذ إن بكتيريا التربة المفيدة التي تستقلب الكيتين من السلاخة لا تعزز نمو النبات فحسب، بل تغير فيزيولوجيا النبات جاذبةً الحشرات الملقحة، أو الحشرات التي تُعد أعداءً طبيعيين للآفات.
يقول ديك: «الأمر يبدو كما لو أن النباتات تطلب المساعدة، بتجنيد الحشرات حراسًا شخصيين».
يرى الباحثون أن استخدام مخلفات الحشرات في زراعة المحاصيل قد يكون خطوة نحو نظام غذائي دائري يقضي على النفايات تقريبًا. إذ تتغذى الحشرات على النفايات الناتجة من زراعة المحاصيل أو إنتاج الغذاء، ثم تُزود الحشرات الإنسان بالطعام، ثم تغلق الدائرة باستخدام بقايا هذه الحشرات في تعزيز نمو المحاصيل.
يقول ديك: «تتمثل الخطوة التالية في جذب المزيد من الناس إلى فكرة أكل الحشرات، التي تُعد في أنحاء كثيرة من العالم عنصرًا غذائيًا أساسيًا بالفعل».
يُعد استهلاك الجراد شائعًا في الكثير من البلدان الإفريقية، إذ تُجمع الحشرات في وقت مبكر من اليوم قبل أن تنشط ليلًا، ثم تُغلى وتُنظف وتُملح. في جمهورية كونغو الديمقراطية، تتوافر اليرقات على مدار العام في الأسواق، ويُقلى النمل الأبيض أو يُجفف في الشمس ويُطحن مع الدقيق.
يضيف ديك: «لقد جربت تناول الصراصير والديدان والجراد. يحتاج الكثير من الناس إلى اعتياد أكل الحشرات، لقد أكلت العديد من أنواع الحشرات في أنحاء مختلفة العالم، وأرى أنها وجبة رائعة».
اقرأ أيضًا:
هناك أدلة متزايدة على أن الحشرات تشعر بالألم مثلنا تمامًا!
الشمبانزي تستخدم الحشرات لتسكين آلام بعضها، في سلوك لم يسجل من قبل
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: أكرم محيي الدين