مرت تسع سنوات تقريبًا منذ انطلقت مركبة أمريكية تحمل رواد فضاء إلى المدار، لكن هذا الشهر تهدف كل من سبيس إكس وناسا إلى تغيير ذلك في رحلة تجريبية غير مسبوقة يجري الإعداد لها منذ ست سنوات. من المقرر انطلاق رائدي ناسا بوب بينكن ودوغ هيرلي إلى محطة الفضاء الدولية من فلوريدا على متن الكبسولة (كرو دراغون) التابعة لسبيس إكس في 27 أيار\مايو. كانت المرة الأخيرة لدخول مركبة فضائية أمريكية مأهولة إلى المختبر المداري سنة 2011، ومنذ ذلك الحين يستخدم رواد فضاء ناسا مركبات (سويوز) الروسية.
خلال مدة عمل محطة الفضاء الدولية التي بلغت 20 عامًا، ظلت الولايات المتحدة تفتقر إلى مركبات مأهولة قادرة على الوصول إلى المختبر المداري نحو نصف تلك الفترة.
رائدا فضاء ناسا بوب بينكن (على اليسار) ودوغ هيرلي سيكونان أول رائدين للمركبة (كرو دراغون) خلال المهمة (ديمو-2) المقرر انطلاقها قريبًا. في هذه الصورة يمشيان عبر ذراع الوصول إلى المركبة في التدريب النهائي للإطلاق، خلال التحضيرات لاختبار الإخلاء
قال مدير ناسا جيم بريدنستين خلال مؤتمر صحفي عُقد في 1 أيار\مايو: «نحن في حاجة إلى التأكد من بقاء محطة الفضاء مأهولةً بالطواقم، وهذا هو ما يدور حوله الطاقم التجاري. إنه جيل جديد وحقبة جديدة من رحلات الفضاء البشرية».
بدأ العمل على الإطلاق المُزمَع في آخر شهر أيار\مايو منذ عام 2014، عندما وقعت ناسا عقودًا مع سبيس إكس وبوينغ في إطار برنامج الطاقم التجاري للوكالة، لكن التأخير المستمر عرقل البرنامج، ولم تنجح أي من الشركتين في إطلاق ركاب بشريين حتى الآن.
أجبر التقدم البطيء وكالة ناسا على مواصلة شراء مقاعد (سويوز) الروسية حتى نيسان\أبريل 2020، بعد تأخر كل من سبيس إكس وبوينغ في الإطلاق سنة 2019.
قال بريدنستين أنه يتوقع إتمام صفقة لمقاعد (سويوز) في تشرين الأول\أكتوبر في غضون أيام، وأن الوكالة قد تتطلع إلى شراء مقعد آخر في ربيع 2021. أما في الوقت الحالي فإن رائد فضاء واحد فقط من ناسا هو كريس كاسيدي موجود على متن المحطة، لكن القسم الأمريكي بالمحطة يتطلب أربعة أفراد لتحقيق الإنتاجية العلمية المستهدفة.
وصرح كيرك شيريمان مدير برنامج محطة الفضاء الدولية في مركز جونسون للفضاء التابع لناسا: «كريس رائد فضاء رائع، إنه يعمل بجد، لكن العمل المطلوب أكثر مما يستطيع شخص واحد فعله».
المركبة الفضائية كرو دراغون الخاصة بالمهمة ديمو-2 تصل إلى موضع الانطلاق في فلوريدا في 13 شباط\فبراير 2020
يضيف شيريمان: «إن هذا الإطلاق هو خطوتنا التالية نحو زيادة الوجود الأمريكي -ومن ثم البشري- على متن المختبر، وذلك أمر بالغ الأهمية، فنحن مهتمون كثيرًا بإتاحة المزيد من الوقت للطاقم وزيادة الإنتاجية. هذا البحث القيم الذي سيجري على متن محطة الفضاء الدولية لا يمكن إجراؤه في أي مكان آخر».
لمحاولة توفير أطول وقت ممكن للطاقم في هذه الرحلة التجريبية، ستُقيَّم مدة المهمة بعد الإطلاق، وسيُبنى القرار على أساس تقدم سبيس إكس في إنهاء عملها على الكبسولة في أول مهمة مكتملة لفريقها، التي ستحمل الرواد: مايكل هوبكنز وفيكتور جلوفر- جونيور وشانون ووكر والرائد الياباني سويشي نوغوتشي.
وأضاف شيريمان: «هدفنا إتاحة المزيد من الوقت لبينكن وهيرلي، حتى تصبح المركبة (كرو-1) جاهزة للإقلاع، فليس بوسعنا اعتماد (كرو دراغون) للرحلات البشرية حتى هبوط (ديمو-2)، ولا يمكن بدء المهام المستقبلية قبل التأكد من نجاح هذه المهمة».
يؤكد ذلك أهمية الرحلة (ديمو-2) بوصفها رحلةً تجريبية، ورغم البحوث العلمية التي تأمل ناسا أن يقوم بها رواد الفضاء في المدار، فإن الهدف الرئيسي هو تجربة مركبة جديدة لم يسبق استخدامها في رحلة فضائية، ما يجعلها عملية نادرة في تاريخ رحلات الفضاء.
وقال بريدنستين: «عندما نتذكر ميركوري وجيميني وأبولو ثم مكوك الفضاء، هذه هي فعليًا المرات الأربع في التاريخ التي سافر فيها البشر على متن مركبة فضائية جديدة تمامًا، والآن نقوم بذلك للمرة الخامسة، إضافةً إلى أنه مر وقت طويل منذ فعلنا ذلك، لكن هكذا تجري الأمور، إنها بالفعل رحلة تجريبية».
إضافةً إلى كونها الرحلة العالمية التاسعة لمركبة فضاء مأهولة جديدة كليًّا، تشعر سبيس إكس بالضغط أيضًا.
قالت جوين شوتويل، رئيس شركة سبيس إكس وكبير مسؤولي العمليات: «أشعر بقلق بالغ، وسأظل كذلك حتى وصول بوب ودوغ بأمان إلى محطة الفضاء الدولية، لكن حتى ذلك الحين ما زال أمامنا عمل علينا القيام به».
مشيرةً بذلك إلى مهمة محددة تحتاج سبيس إكس إلى معالجتها قبل الإطلاق، وهو الاختبار النهائي للمظلات التي تم تنفيذها خلال المؤتمر. على كل من سبيس إكس وناسا أيضًا إتمام العديد من مراجعات الاستعداد للطيران قبل الموافقة على إطلاق الطاقم، ومع ذلك بوسع سبيس إكس الاعتماد على خبرتها الممتدة 10 سنوات في زيارة محطة الفضاء عبر 21 مركبة غير مأهولة.
وقالت كاثي لودرز مديرة برنامج الطاقم التجاري في مركز كنيدي للفضاء التابع لناسا: «إنه أحد الأيام المشوقة والصعبة التي تنتظرنا. يعمل فريق جوين وفريقي بجد على تجهيز المركبات والتأكد من وضوح التحليل وبيانات الاختبار والتقييمات عبر كل مراجعاتنا، والتحقق من أننا جاهزون للمهمة. لكن لا التأخير ولا المهام ستفسد علينا الإثارة. لا أستطيع أن أصف كم أن ذلك اليوم مثير لنا، وقد كنا بانتظاره منذ وقت طويل».
اقرأ أيضًا:
شركة يابانية تقول أنها ستسخدم أحد صواريخ (SpaceX) للهبوط على القمر!
سبيس إكس على وشك إطلاق مهمتها التاريخية المأهولة (دراغون)
ترجمة: أسامة ونوس
تدقيق: عمار إبراهيم
مراجعة: أكرم محيي الدين
