يمكن بناء القواعد أو البيوت القمرية المستقبلية من مواد موجودة على القمر، إذ يمكن لرواد الفضاء المستقبليين بناء مبانٍ من تربة القمر والبول!
هذا اقتراح عالمة الكيمياء آنا لينا كيونكسن وزملاؤها، الذين صنعوا الإسمنت من اليوريا (ثاني المواد توفرًا في بول الإنسان) وتربة قمرية صناعية.
عندما يرغب البشر في إقامة طويلة الأمد على كواكب أخرى أو على القمر، يجب عليهم حزم أشياء خفيفة وقليلة معهم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن شحن المواد من الأرض باهظ الثمن. قدرت ناسا تكلفة شحن المواد المرسلة إلى مدار حول الأرض بنحو 10000 دولار للرطل الواحد (الرطل يساوي 453 غرامًا).
يمكن أن يؤدي استغلال الموارد المحلية إلى خفض التكاليف. إذ اقترح الباحثون استخدام التربة القمرية لصنع الإسمنت أو الخرسانة لبناء مساكن لرواد الفضاء. لكن أغلب وصفات صنع الاسمنت تتطلب كمية كبيرة من الماء، وهو نادر على القمر وثقيل جدًا وقد ينفجر في الفضاء.
يمكن طباعة القواعد أو البيوت القمرية المستقبلية باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد من مواد موجودة على القمر، كما هو موضح في الصورة التوضيحية أعلاه.
على الأرض، تؤدي إضافة مادة كيميائية تسمى الملدن الفائق إلى خليط الإسمنت إلى خفض كمية الماء اللازمة بالحفاظ على مزيج أكثر جفافًا من التفتت، مع تركه مرنًا ولينًا إلى حد كاف لاستخدامه في الطابعة ثلاثية الأبعاد. لكن معظم الملدنات الفائقة هي مواد عضوية، وهي الأخرى غير متوفرة على القمر، بحسب الباحثة آنا لينا كيونكسن من جامعة أوستفولد في هالدن النرويج.
ثم خطرت لها فكرة: «كنت أفكر، ما المواد المتوفرة على القمر حاليًا؟ وبوجود البشر فما المواد المتوفرة؟»، وتضيف: «ربما، يمكن أن تتحول فضلات البشر إلى شيء مفيد».
سابقًا، استخدمت كيونكسن اليوريا لجعل خليط البلاستك أقل لزوجة. تكسر اليوريا الأواصر الهيدروجينية بين الجزيئات، ما يقلل الاحتكاك ويسمح للجزيئات بالانزلاق من بعضها بسهولة أكبر. لم تسمع الباحثة كيونكسن أن شخصًا استخدم اليوريا في الإسمنت سابقًا لكنها تظن أنه يستحق المحاولة.
مسحوق السيليكا وأكسيد الألمنيوم -باعتباره بديلًا لتربة القمر- هي المكونات الأساسية في إسمنت كيونكسن. يشبه محتواه الكيميائي الرماد المتطاير، وهو المكون الرئيسي لخليط الإسمنت الشائع والاعتيادي، ولكن مع حبيبات أكبر وأكثر بلورية. خلط الفريق هذا المسحوق مع مسحوق اليوريا الذي اشتروه من شركة توفر المواد الكيميائية، أي أنه غير مقطر ومستخلص من بول حقيقي مع بعض الماء لصنع الإسمنت. وبمقارنة النتيجة مع نوعين من الملدنات الفائقة المستخدمة في البناء على الأرض «كانت اليوريا جيدة للغاية» بحسب كيونكسن.
طبع العلماء هذه الجدران الصغيرة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد من إسمنت يحتوي على اليوريا وعلى تراب قمري اصطناعي. يستطيع رواد الفضاء المستقبليين استخدام مزيج مشابه لبناء مساكنهم الخاصة.
احتفظ خليط الإسمنت بشكله تحت الوزن الخفيف والتغيرات في درجات الحرارة. أخبر الفريق مجلة كلينر بروداكشن في 20 من شهر شباط أن بثْق الإسمنت داخل أنبوب وتكديس عدة طبقات فوق بعضها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، صنع جدارًا صغيرًا وثابتًا.
تخطط كيونكسن إلى اختبار الإسمنت في درجات حرارة حادة تحاكي درجات الحرارة على القمر وفي غرفة مفرغة من الهواء تحاكي افتقار القمر للغلاف الجوي. بعد ذلك، الخطوة القادمة هي رفع مستوى الجدار إلى حجم أكثر واقعية. وتخطط للبحث فيما إذا كان على رواد الفضاء في المستقبل استعمال تنقية لاستخلاص اليوريا من البول واستخدامها، أو إذا كان بإمكانهم استخدام البول مباشرة في الإسمنت.
في الحياة الواقعية، من المحتمل أن يكون صنع إسمنت اليوريا أكثر تعقيدًا من مجرد التبول في دلو، كما تقول عالمة المواد بليندا ريتش من وكالة الفضاء الأوروبية في نوردفيك بهولندا، التي لم تشارك في هذه الدراسة لكنها تعمل مع كيونكسن وزملائها في التجارب الأخرى. لكن عمومًا، يمكن أن يكون صنع الإسمنت باستخدام اليوريا على القمر أمرًا عمليًا، بحسب ريتش، وتقول: «إنها تبدو فكرة سخيفة، ولكن ها نحن هنا، وهي تعمل فعلًا».
اقرأ أيضًا:
كيف يمكنك البناء على القمر ؟ ابدأ بالتربة القمرية
يتطلع الجيش الأمريكي إلى القيمة الاستراتيجية للفضاء الأرضي-قمري
اكتشاف جديد في كيمياء الاسمنت سيعزز من عمله ، فما هو ؟
ترجمة: رفيف داود
تدقيق: حسين جرود
