رقاقة صغيرة لاصقة قد تنقذ حياتك يومًا!
لا يزال التّقدم العلمي يُبهرنا كل يوم بالاكتشافات الجديدة في شتّى المجالات، فالباحثون لا يتوقّفون عند نقطةٍ معيّنةٍ لسعيهم نحو كلّ ما هو جديد، ولذلك كل يوم هناك اكتشاف جديدٌ آخر قد يساهم في تسهيل متطلّبات عيشنا مستقبلًا، أو يساعدُ في إنقاذِ حياة الآلاف من الأشخاص.
يصابُ سنويًّا الملايينُ حول العالم بالنّوبة القلبية أو ما يُعرف بالذّبحة القلبية؛ وهي حالة طبّية مرضية تنتجُ عن انقطاعٍ في إمداد الأوكسجين اللّازم للعضلة القلبيّة نتيجة لانسدادٍ في الشّريان. تُعتبر النّوبة القلبيّة طبيًّا حالةً طارئةً مهدِّدةً للحياةِ تستدعي الرّعاية الطّبية الفورية.
تولّد النّوبة القلبيّة نسيجًا متضرّرًا في عضلة القلب المصابة يبطء ويخلخل انتشار النّبضات الكهربائية المارة من خلاله والضّرورية لضبطِ النّبضات القلبيّة بشكل سلس. يُعرف باختلال النَّظْم القلبيّ، ممّا يؤدّي إلى اضطرابٍ خطيرٍ قد يكونُ مُميتًا أحيانًا إنْ لم يُعالَج.
وهنا يأتي دورُ الرُّقاقة التي طوّرها الباحثون في الكلّية الأمبريالية للعلوم والتّكنلوجيا والطّب في لندن، بريطانيا، بالتّعاون مع جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية، الأمرُ الذي سيُقلّل من المُضاعفات الخطيرة لدى المرضى بعد إصابتهم بالنّوبة القلبيّة.
ولتصبح الأمورُ أكثر وضوحًا يجبُ أن نَعرف بأن قلوبنا تنبض نتيجةً لمرور شحناتٍ كهربائيةٍ خلالها تُولّدُ من تجمعات خلوية موجودة في جدار الأذين الأيمن، على شكل عقدة خلوية تُعرف بالعُقدة الجيبيّة الأذينية، وتعتبر المُنَظّمَ الطّبيعيّ لنبضات القلب لدينا. فعندما تُرسِل هذه العقدة إشارةً كهربائية، تتقلصُ التّجاويف القلبية (الأذينين والبطينين) حسبَ التّرتيب، ممّا يسمح بتدفّق الدّم من القلب إلى الجسم. ولكن كما ذكرنا سابقًا، عندما يُصابُ أحدهم بنوبة قلبية، فإنّ الأنسجة المتضرّرة ستحدّ من انتشارية هذه النّبضات الكهربائية، مما سيؤدي إلى اضطراب في النّبض القلبي ومشاكلَ أخرى.
وقد صُنِعَت هذه الرّقاقة من مركّب الكيتوسان الموجود في قشرة السرطان، مع مركّب البوليالانين الذي يعمل كبوليمر موصل للكهربائية، بالإضافة إلى حمض الفيتيك لدعم التّوصيل الكهربائي بشكل أكبر.
ونظرًا لكونها رُقاقةً لاصقةً لا تحتاج إلى خياطة لتثبيتها بالنّسيج القلبي، عبر تعريضها لشعاع ليزر أخضر فقط (مما يقلّل الأضرار النّاتجة عن الخياطة ويُساهم في حركتها بشكل أسهل وأكثر ارتباطًا بالقلب)، كما تمتاز بمحافظتها على قدرتها في التّوصيل الكهربائي لمدة أسبوعين في الظروف الفسلجية داخل الجسم. مما يمنحها الأفضلية على التقنيات الأخرى المستخدمة والتي تستمر ليوم واحد تقريبًا.
وبتجربة هذه الرقاقة على الجرذان، وجدَ الباحثون أنها تعمل كجسر لتوصيل النبضات الكهربائية بشكل سليم عبر النّسيج المتضرّر، ممّا سيقلّل من المضاعافات الخطيرة بعد النّوبات القلبية.
ولكن لا تزال هذه الرّقاقة قيد التّجربة وتحتاجُ للمزيدِ من الدّراسة. فهذه التّقنية ستساهم في توسيع معرفتنا بكيفية تفاعل المواد الموصلة مع النّسيج القلبي وكيفية تأثيرها على التوصيل الكهربائي في القلب، بالإضافة الى ازدياد فهمنا للتّغيرات الفسلجية المرتبطة بالنّوبات القلبية.
ترجمة: مصطفى الشوك
تدقيق: إسماعيل الحسناويّ
المصدر