لا تقتصر تمارين رفع الأثقال على الفائدة الجسدية من زيادةٍ في قوة العضلات وتحسين صحة العظام، فقد أظهرت نتائج جديدة قدرة تمارين القوة على منع أعراض الاكتئاب وكبحها، ونُشرت هذه النتائج عام 2018 في مجلة JAMA Psychiatry بعد تحليل شمولي لثلاثة وثلاثين دراسة مضبوطة ومعشّاة على العلاقة بين تمارين القوة والاكتئاب. وشملت الدراسة أكثر من ألفيّ متطوع ذكورًا وإناثًا من مختلف الأعمار.
وُجد أن تمارين القوة تمنع الإصابة بالاكتئاب وتقلل أعراضه -إن وُجدت- تقليلًا واضحًا، ولاحظ الباحثون أن المشاركين بالدراسة قلّت لديهم أعراض الاكتئاب بعدما انضموا إلى مجموعات تمارين القوة سواء خضعوا لعزل سريري قبل بدء الدراسة أو لا. وعلى ما في الدراسة من تباين في العمر والجنس، واختلافٍ في التطور الجسدي كضخامة العضلات بين المتطوعين، فقد كان التطور النفسي ملحوظًا لديهم جميعًا.
قال بريت جوردون الباحث الرئيسي في الدراسة: «ترتكز الدراسة على عدة عوامل وآليات نفسية وفسيولوجية، التي بدورها توضح العلاقة بين تمارين القوة والاكتئاب، لكنها لا توضح ما يحدث تمامًا، وتكمن الآلية النفسية في ما يتبع التمرين من تحسن الصحة العقلية، والتفاعل الاجتماعي في أثناء التمرين، ويجب إجراء مزيد من الدراسات لمعرفة آلية التغيّر بدقة أكبر».
أكدت دراسات سابقة على أن التمرين التنفسي -الكارديو- مثل ركوب الدراجات والسباحة والركض، يساعد على التخفيف من وطأة الاكتئاب مثل العلاج التقليدي لمصابي الاكتئاب. وقال جوردون: «لم نقارن في هذه الدراسة ما بين تأثير تمارين القوة والأدوية على الاكتئاب، وللحصول على نتائج أدق لمعرفة مدى فاعلية التمارين، تجب مقارنة نتائج الدراسة بطرق علاج الاكتئاب المتّبعة مثل مضادات الاكتئاب، والأدوية الأخرى المُصادق عليها تجريبيًا مثل العلاج المعرفي السلوكي».
أجرت نفس المجموعة من الباحثين تحليلًا عام 2017 مفاده أن تمارين رفع الأثقال تساهم في التخلص من القلق والتوتر، وبهذا نستنتج -إذا أضفنا ما توصلت إليه الدراسة الحالية- أن التمارين الرياضية بأنواعها المختلفة مفيدة للصحة النفسية.
قال فيليب باريتو شوتش الذي قاد دراسة شبيهة قبل هذه الدراسة: «هذه الدراسة منظمة، والتحليل الشمولي الذي تعتمد عليه يوضح أدلة متناسقة لتأثير تمارين القوة على أعراض الاكتئاب، لذلك ينبغي لنا ممارسة التمارين الرياضية والتشجيع على ممارستها أيضًا».
قال جوردون: «أغلب الدراسات التي تعتمد على التحليل الشمولي تفشل في التعمّق في تفاصيل شدّة تمارين القوة التي تجب ممارستها ومدتها ونوعها. أعتقد أن التجارب المستقبلية سوف ترتكز أكثر على عوامل كهذه، حتى يتسنى لنا معرفة «الجرعة» الدقيقة اللازمة من التمرين».
وتنصح منظمة الصحة العالمية البالغين ذوي الأعمار بين 16 و 64 بممارسة تمارين رياضية بمعدل 150 دقيقة أسبوعيًا في حال كان التمرين ذا شدّة معتدلة، و75 دقيقة إذا كان التمرين بكثافة عالية. وقال جوردون: «أفضل ما يمكنني النصح به حاليًا هو ممارسة التمارين الرياضية بمختلف أنواعها مع اتباع الأدلة الإرشادية الخاصة بمنظمة الصحة العالمية، وإذا كنت من هواة رفع الأثقال فمن الأفضل اتباع الأدلة الإرشادية الخاصة بالكلية الأمريكية للطب الرياضي».
اقرأ أيضًا:
رفع الأثقال وخطر الموت.. اقرأ المقال قبل الذهاب إلى النادي
ماذا يمكن أن تفعل رياضة رفع الأثقال لمدة ٢٠ دقيقة بدماغك؟
ترجمة: محمود مرزوق
تدقيق: عون حدّاد