ينحدر الإنسان والشّامبانزي من سلفٍ مشترك عاش قبل قرابة الـ 6-7 ملايين سنة ,إلا أن عدد الكروموزومات في القرود العليا هي 48 بينما هي 46 فقط في الإنسان . والسبب في ذلك هو أنه في مرحلة ما بعد إنفصال الإنسان عن هذا السلف المشترك حدث هناك إلتحام بين إثنان من الكروموزومات.
جميع الفحوصات والمقارنات والدراسات أثبتت أن الكروموزوم 2 في الإنسان هو نتيجة إلتحام بين كروموزومين 12 و 13 الموجودان اليوم في الشمبانزي.
تلاحم الكروموزومات أو إعادة تركيب الكروموزومات (chromosome translocation) يحدث عادة عند تكوين الخلايا الجنسية (كالبويضات و الحيوانات المنوية) أحد هذه الأليات الهامة يسمى إلتحام روبيرتسونيان (robertsonian fusion) وهو يحدث بمعدل 1 من بين كل 1000 مولود في الإنسان بين الكروموزومات التالية (13,14,15,21,22) وعادة ما يؤدي الى خفض عدد الكروموزومات الى 45 .
كثير من الناس لديها صعوبة في تقبل إمكانية تغير عدد الكروموزومات وثبات هذا التغير. حيث أن أول ما يتبادر في أذهانهم هو متلازمة داون (الطفل المنغولي) أو المشاكل الأخرى من موت الجنين أو قلة الخصوبة التي تحدث في حالة نقص أو زيادة عدد الكروموزومات.
غير أنه في واقع الأمر معظم الحاملين لهذا الإلتحام يتمتعون بصحة جيدة ويعيشون فترات عمرية طبيعية على الرغم من إمتلاكهم ل 45 كروموزوم فقط.
السببب في ذلك هو أن عملية الإلتحام لا تؤدي الى فقدان أي معلومات جينية هامة . كل ما يحدث هو مجرد إعادة ترتيب لوضعية هذه الكروموزومات.
المشكلة تكون عندما يحاول هؤلاء الإنجاب مع شخص يحمل 46 كروموزوم.
هنا تصبح فرصة إنجابهم لأطفال يعانون مشاكل صحية هي 8/6 ولكن تبقى هناك فرصة 6/1 لإنجاب طفل طبيعي تماما لديه 46 و فرصة 6/1 لإنجاب طفل طبيعي حامل لهذا الإلتحام 45 كروموزوما.
فى مقال نشر مؤخرا, تم التعرف على رجل صيني يبلغ من العمر 25 عاما يمتلك 44 كروموزوما فقط وهو يتمتع بصحة كاملة لا يختلف عن غيره من البشر الأصحاء.
فيا ترى كيف حصل هذا الرجل على هذا العدد من الكروموزومات؟
ما حدث في حالة هذا الرجل هو أن أبويه كانوا أقرباء (يمتلكون نفس الإلتحام الروبيرتسنيان) 45-45 (كروموزوم) إذ تبين لاحقا أنه ينتمي من عائلة تكثر لديها حالات تلاحم الروبريتسونيان .
في مثل هذه الحالة تكون فرصة الإنجاب الطبيعي 8 من 36. ستة منهم يمتلكون 45 كروموزوم (يحملون هذا الإلتحام) واحد يمتلك 46 (طبيعي) واحد يمتلك 44 كروموزوم. وهذه هي الطريقة التي جاء فيها هذا الرجل.
لو قرر هذا الرجل فيما بعد الزواج بإمرأة عادية (46 كروموزوم) فهو لن يصادف أي مشاكل في فرص الإنجاب كما حدث مع والديه حيث أن جميع ابناؤه سيمتلكون 45 كروموزوم (يرجى العودة للرسومات التوضيحية في المصادر في الأسفل)
هذا المثال الحي يبين بشكل فعلي وقاطع بأن تغير عدد الكروموزومات ممكن جدا وهو على الأغلب ما يُفسّر الحقيقة بأن البشر يحملون 46 كروموزوم.
كما ان الحظ لابد وأن لعب دورا في إنتشارهذه الطفرة.
صحيح أن الطريقة التي إنتشرت فيها هذه الطفرة في الماضي لا يمكن معرفتها. ولكن هناك سيناريوهات محتملة لحدوثها كإنتشار هذه الطفرة في مجتمع صغير ومعزول جغرافيا ثم تلاه محو لمعظم البشر خارج هذا المجتمع من ذوي 48 كروموزوم نتيجة وباء معين على سبيل المثال.
خصوصا وان الإنسانية كانت بالفعل على وشك الإنقراض قبل 75,000 سنة تقريبا.
. العلماء يدرسون منذ زمن دور هذا النوع من الالتحامات الكروموزومية في ظهور أصناف جديدة كما حدث في (فأر المنزل) و (جرذ القطن) و (الخروف الداجن) حيث انها جميعا تمتلك هذا النوع من التلاحمات الكروموزومية .
ليس هذا وحسب هناك عدة دراسات أخرى تبين أمثلة لثديات يمتلكون هذه الإلتحامات ولكنها لم تؤثر نهائيا في معدل الخصوبة!!!
كما في الماعز البرازيلي وفأر المستنقعات