على حد علمنا، الأرض هي الكوكب الوحيد الذي يستطيع استضافة الحياة في هذا الكون، لذلك عندما نبحث عن الكواكب الخارجية (خارج نظامنا الشمسي) القابلة لاستضافة الحياة، فإننا نبحث غالبًا عن كوكب صخري يدور حول نجم يشبه شمسنا ، على مسافة ليست بالحارة أو الباردة جدًا، أي في نطاق يسمح بوجود الماء السائل على سطحه.
للكشف عن مدى احتمال وجود حياة أخرى في مجرتنا درب التبانة، فيجب أن يبدأ البحث بوضع تقدير معقول لعدد الكواكب الخارجية التي تحقق الشروط (كواكب شبيهة بالأرض من ناحية الشكل والبنية والبعد عن نجمه).
الآن ومع وفرة المعلومات حول الكواكب الخارجية، وضع علماء تقديرًا جديدًا يصل إلى 6 مليارات كوكب، تدور حول نجوم شبيهة بالشمس في مجرة درب التبانة.
تقول ميشيل كونيموتو، عالمة الفلك بجامعة كولومبيا البريطانية، التي اكتشفت حديثًا 17 كوكبًا خارجيًا ضخمًا اعتمادًا على بيانات كيبلر: «تضع الحسابات حدًا أقصى بوجود 0.18 كوكب شبيه بالأرض لكل نجم من النوع (جي). إن تقدير مدى انتشار الكواكب باختلاف أنواعها حول نجوم مختلفة يضع قيودًا مهمة على نظريات تشكل الكواكب والتطور، ويُساعد على تحسين مهمات اكتشاف الكواكب الخارجية مستقبلًا».
إن عدد الكواكب المُكتشَفة خارج نظامنا الشمسي في تزايد مرتفع تزامنًا مع تطور وسائلنا التكنولوجية، فقد وصل العدد إلى 4164 كوكبًا خارجيًا. لكن يبقى هذا العدد مجرد قطرة في بحر مقارنةً بعدد الكواكب المحتملة في هذا الكون الشاسع، ويُقدّر العلماء وجود 100-400 مليار نجم في مجرتنا، نحو 7% من تلك النجوم شبيهةٌ بشمسنا، أي من نجوم النسق الأساسي النوع (جي).
لكن أكثر الكواكب المُكتشفة حتى الآن هي كُتل ضخمة من الغاز أو الجليد، مثل المشتري ونبتون. ولأنه يَصعُب علينا جدًا الحصول على رؤية مباشرة للكواكب التي تبعد عنا مسافات هائلة، فإننا نبحث عن تأثيرها في النجوم التي تدور حولها، لكن إيجاد الكواكب الصخرية الصغيرة، كالأرض والمريخ، أصعب من غيرها كونها لا تترك تأثيرًا قويا يمكن رصده، ناهيك بضعف إشارتها نسبةً إلى الضوضاء.
لذلك من المحتمل وجود المزيد من الكواكب الشبيهة بالأرض في مجرتنا، ولتقدير عدد هذه الكواكب غير المكتشفة، واعتمادًا على تقنية تُسمى «النمذجة التقدمية»، صمم فريق من الباحثين محاكاة للبيانات انطلاقًا من معايير نموذجية، وطبقوها على 200 ألف نجم رصدتها مركبة (كيبلر) المخصصة لرصد الكواكب بين عامي 2009 و2018.
تقول كونيموتو: «بدأت بحثي بإنشاء محاكاة لمجموعة كاملة من الكواكب حول النجوم التي اكتشفها كيبلر، وضعت علامة «مُكتشف» أو «مفقود» على كل كوكب اعتمادًا على مدى احتمال العثور عليه من طريق خوارزمية البحث عن الكواكب، ثم قارنت بين الكواكب المُكتشفة وسجل الكواكب الخاص بي، فإذا أسفرت المحاكاة عن تطابق وثيق، كان ذلك دليلا جيدًا على صحة التقديرات الأولية للتعداد الحقيقي للكواكب التي تدور حول تلك النجوم».
بناءً على ما سبق، استطاعت كونيموتو وزميلها عالم الفلك جيمي ماثيوز، أن يُقدرا عدد الكواكب المشابهة للأرض في مجرة درب التبانة، وأن يُحدِدوا كتلها، التي تتراوح بين 0.75 و1.5 مثل كتلة الأرض. هذه الكواكب تدور حول نجوم من النوع (جي)، على بُعد 0.99-1.7 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية: المسافة ما بين الشمس والأرض).
أظهرت الحسابات وجود 6 مليارات كوكب حدًا أقصى، بناءً على الحد الأقصى لعدد النجوم من النوع (جي) في مجرتنا، وهو رقم يصعُب جدًا تحديده.
قد يكون العدد الحقيقي أقل، ولا نضمن أن تلك الكواكب صالحة للحياة، فالمريخ -الذي يبعد عن الشمس 1.5 وحدة فلكية- خالٍ من الحياة، ولا توجد حتى الحشائش على سطحه.
لكن هذا العدد الجديد يُقدم أداةً جديدة يمكن توظيفها في بحثنا عن هذا النوع من الكواكب الخارجية، وفي محاولتنا لفهم وجودنا في هذا الركن العتيق والكبير من الكون.
اقرأ أيضًا:
ازدياد فرص العثور على كواكب يافعة تشبه كوكب الأرض
اكتشاف أشبه كوكبين بالأرض على مسافة 12.5 سنة ضوئية
الكواكب الشبيهة بالأرض – كم يبلغ عددها وكيف نصل إليها ؟
ترجمة: رضوان بو جريدة
تدقيق: أكرم محيي الدين