هل كان سطح كوكب الزهرة مغطى بالمحيطات السائلة ذات يوم؟ تشير دراسة جديدة إلى أن الأمر لم يكن كذلك، ما قد يضعف احتمال أن مناخ الكوكب كان في ما مضى دافئًا ورطبًا لدرجة تسمح بنشأة الحياة عليه.
اليوم، مناخ كوكب الزهرة غير مستقر على الإطلاق، فالكوكب مغطى بالكامل بالغيوم، وسطحه شديد السخونة، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري التي جعلت درجة حرارة الكوكب مماثلة لدرجة انصهار الرصاص، أي أكثر 370 درجة مئوية.
اعتقد بعض العلماء أن كوكب الزهرة كان صالحًا للحياة في وقت مبكر من حياة المجموعة الشمسية، فلكوكب الزهرة تقريبًا نفس حجم وكتلة الأرض، حتى أنه يتكون مثلها من صفائح تكتونية، وكانت الشمس أقل سطوعًا مما هي عليه الآن، ما جعل كوكب الزهرة -رغم قربه من الشمس- ضمن النطاق الصالح لنشأة الحياة، أو الذي يسمح بتواجد الماء السائل على سطح الكوكب الصخري.
لكن مع تزايد حرارة الشمس، أصبح الزهرة خارج النطاق الصالح للحياة، إذ تسببت الحرارة في تبخر المحيطات وإطلاق بخار الماء إلى الغلاف الجوي، وهو أحد الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، أي أنه يؤدي إلى احتفاظ الكوكب بحرارته وعدم السماح بإطلاقها خارج الغلاف الجوي.
بدأ الغلاف الجوي دورة من ارتفاع درجة الحرارة، إذ ارتفعت درجات الحرارة نتيجةً لتجمع بخار الماء به، ما تسبب في تبخر المزيد من مياه المحيط، وبالتالي ارتفاع درجة الحرارة أكثر فأكثر، وهكذا.
في سبتمبر الماضي، أصدر باحثون من معهد جودارد لدراسات الفضاء Goddard Institute for Space Studies التابع لناسا، محاكاة لسيناريوهات عدة، تواجد فيها الماء السائل على سطح الكوكب لملايين السنين، قبل حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري التي أدت إلى تبخره.
لكن في حين افترضت الدراسة السابقة وجود بيئة دافئة ورطبة استنادًا إلى كيمياء الغلاف الجوي، وطبيعة المناطق المرتفعة من الزهرة، تشير الدراسة الجديدة إلى أن مثل تلك المحيطات المائية لم تكن موجودة في المقام الأول، وأن المناطق المرتفعة من الكوكب تكونت من الحمم البركانية وليس من الماء.
جاء هذا التوقع استنادًا إلى تكوين صخور المرتفعات، فقد اعتقد العلماء سابقًا أن مرتفعات الزهرة -مثل مثيلاتها على الأرض- مكونة أساسًا من الصخور الجرانيتية، التي تحتاج إلى الكثير من الماء لتتكون.
لكن مسحًا لهضبة أوفدا ريجيو المرتفعة Ovda Regio highlands plateau بكوكب الزهرة -أُعيد صياغته بواسطة بيانات الرادار التي جمعتها مهمة ماجلان التابعة لناسا، والتي درست الزهرة بين عامي 1989 و1994- أوضح أن نوع التدفق أكثر تطابقًا مع صخور البازلت.
صرح عضو الفريق آلان تريمان Allan Treiman، العالم برابطة بحوث الفضاء التابعة لمعهد بحوث القمر والكواكب: «نحن لا نعلم سوى القليل عن سطح الزهرة، لكن إذا كانت مرتفعات أوفدا ريجيو مكونة أساسًا من صخور البازلت مثل معظم الكوكب، فمن المحتمل أنها قد انضغطت للارتفاع الحالي بواسطة قوى داخلية، بنفس الطريقة التي تتكون بها الجبال من الصفائح التكتونية للأرض».
نُشرت هذه الدراسة في مجلة البحوث الجيوفيزيائية: الكواكب.
اقرأ أيضًا:
هل يمكن استصلاح كوكب الزهرة والعيش عليه؟
ترجمة: آية قاسم
تدقيق: أكرم محيي الدين