أظهر اكتشاف صادم أن الهيليوم، أحد أخف العناصر في الكون، يمكنه الارتباط بالحديد تحت ضغط عال لتكوين هليد الحديد، ما قد يجعلنا نعيد النظر في التركيبة الكيميائية لأعماق الأرض.
يشير ذلك إلى احتمال وجود الهيليوم في نواة الأرض، إذ يبلغ الحديد أقصى درجات الضغط، ووفقًا للفيزيائي هاروكي تاكيزاوا وفريقه من جامعة طوكيو، فقد يكون لب الأرض الكثيف مستودعًا ضخمًا للهيليوم الأولي.
يوجد الهيليوم على الأرض في نظيرين مستقرين: الهيليوم 4، وهو الأوفر بنسبة 99.99986%، ويتكون من بروتونين ونيوترونين، والهيليوم 3، النادر بنسبة 0.000137%، يحوي بروتونين ونيوترونًا واحدًا فقط.
ينتج الهيليوم 4 عن التحلل الإشعاعي لليورانيوم والثوريوم، في حين يرجع وجود الهيليوم 3 إلى لحظات ما بعد الانفجار العظيم، وينتج جزئيًا من اضمحلال التريتيوم، وقد رصد الهيليوم 3 في الغازات المنبعثة في أثناء ثوران البراكين، ما يرجح احتباسه في الوشاح منذ تشكل الأرض.
يقترح الباحثون مصدرًا آخر له، إذ صرح الفيزيائي كي هيروسي من جامعة طوكيو بأنه درس العمليات الجيولوجية العميقة زمنًا، وأن تجاربه تحاكي ضغط الأرض وحرارتها القصوى باستخدام سندان ماسي مسخن بالليزر.
في تلك التجارب، سحق الحديد والهيليوم تحت ضغط 5 – 55 جيجا باسكال، ودرجة حرارة 1000 – 3000 كلفن، وهي حرارة كافية لصهر الإيريديوم المستخدم في شمعات إشعال محرك السيارة لمقاومته الحرارية.
أظهرت الدراسات السابقة ارتباط الهيليوم بالحديد بنسب ضئيلة لا تتجاوز بضعة أجزاء من المليون، في حين سجلت تجربة الفريق نسبة 3.3%، أي أعلى بـ 5000 ضعف، يرجع ذلك إلى ضبط ظروف القياس لمنع تسرب الهيليوم.
أوضح هيروسي أن الهيليوم سريع التسرب، ويظهر ذلك في انكماش البالونات المملوءة به، لذلك قيس في برودة شديدة لمنع هروبه، ما مكّن رصده في الحديد.
تؤكد النتائج أن الهيليوم الخامل كيميائيًا قد يتفاعل في ظروف قاسية، ولعل الأرض امتصته خلال تكوينها، فاتّحد بالحديد ليُحتجز في النواة في أثناء التمايز الكوكبي، وقد حدث ذلك غالبًا في نواتي القمر والمريخ أيضًا.
إذا ثبتت هذه الفرضية، فقد يكون الهيليوم الأولي في النواة، لا الوشاح، هو مصدر الهيليوم 3 المكتشف في الغازات البركانية.
لا يقتصر الأمر على الهيليوم، فالهيدروجين أيضًا يمتلك نظائر أولية، ما قد يشير إلى دوره في تكون المياه الأرضية.
تتطلب هذه الفرضيات مزيدًا من البحث، وقد تفتح آفاقًا جديدة لفهم تكوين الأرض والكواكب الأخرى.
اقرأ أيضًا:
شواطئ على المريخ: الكوكب الأحمر كان مغطى بالمحيطات!
قد يكون للقمر الإضافي المؤقت للأرض أصل غير متوقع
ترجمة: ورد أيمن رعوان
تدقيق: نور حمود