قفزة رياضيّة جذريّة للغاية، كادت أن تنتهي في المهملات.
تمّ منح إحدى أكثر الجوائز المعتبرة في الرياضيّات للرياضي الكندي روبرت لانجلاندس (Robert Langlands)، كتقدير للنظريّة الثورية التي كادت أن تنتهي في المهملات – كما يقول صاحبها.
وقد عبّر لانجلاندس، الذي تمّ إعلان استلامه لجائزة أبيل 2018 مؤخّرًا، عن أفكاره الأوّليّة حول النظريّة الرياضيّة الموحّدة الكبرى في رسالة مكوّنة من سبعة عشر صفحة أرسلها لزميله الفرنسيّ أندريه ويل عام 1967.
ويظهر أنّه في ذاك الوقت، لم يكن لانجلاندس صاحب الثلاثين عامًا متأكّد كلّيًّا إن كانت رؤياه الطموحة لجذب الحقول الرياضيّة المختلفة سويًّا، تستحقّ الورقة التي كتبت عنها.
وقد كتب لانجلاندس:«لم تتوفّر الفرصة لي أن أعيد التفكير في هذه الأسئلة بشكل جدّي، ولم أعد أسألها سوى كاستمرار لمحادثة عرضيّة.»
«إن كنت تنوي أن تقوم بقراءة الورقة لغرض التفكّر فقط، فأنا أقدّر ذلك.
ولكن إن لم يكن الحال كذلك، فإنّي على يقين أنّك ستكون قد وقعت على سلّة من النفايات في متناولك.»
وكحال الحظّ والتاريخ، فقد كان ويل متقبّلًا للأفكار اللامعة التي اقترحها لانجلاندس: اقتراح وجود رابط ما بين نظريّة الأعداد والتحليل التآلفي، حقلين رياضيّين مختلفين لم يربطهما الباحثون من قبل.
لقد تمّ تداول تلك الرسالة – أو بالأحرى تمّ تداول الرؤِيا التي تحويها، بين الرياضيّين لما يقارب النصف قرن منذ ذلك الوقت، وقد تعاون العديد من الباحثين لاستكشاف النظريّة الموحّدة كجزء من برنامج لانجلاندس، الذي يعدّ، إلى حدّ بعيد، أكبر برنامج من نوعه في البحث الرياضي المعاصر.
وقد انتقى البرنامج، الذي قام بنفسه بتحديث الأسس النظريّة لعدد من التّخمينات والنظريّات الرياضيّة الحائزة على الجوائز، بانتقاء لانجلاندس للحصول على جائزة أبيل، التي تقدّمها الأكاديميّة النرويجيّة للعلوم والرسائل بشكل سنويّ.
وقد هزم لانجلاندس أكثر من مئة مرشّح محتمل أمام لجنة تحكيم تقوم بالنّقد العلميّ في هذا المجال.
وقد قال الرياضيّ صن يونغ أليس تشانغ (Sun-Yung Alice Chang) من جامعة برنستون والذي كان في اللجنة، جريدة نيويورك تايمز: «إنّه صاحب رؤيا.»
وسيتمّ تقديم الجائزة بشكل رسمي من قبل جلالة الملك هارالد الخامس في الثاني والعشرين من شهر أيّار في حفل توزيع للجوائز في أوسلو حيث سيتلقّى لانجلاندس، الذي يتخّذ الآن مكتبًا له في برنستون يعود لألبرت أينشتاين، جائزة ماليّة تقارب 775000 دولار أميريكي.
ليس هذا بمسعى سيّئ نحو الأسطورة البالغة من العمر 81 عامًا، الذي لم يستطيع في يوم من الأيّام إلّا أن يشكّك في مدوّناته الضخمة الرابطة التي حلم بها.
وقام بالشرح في رسالته الي تعود لعام 1967: «بعد أن كتبتها، اكتشفت أنّي بالكاد كنت متأكّدًا من جملة واحدة فيها.»
وبعد خمسين عامًا، يبدو أنّ الرجل لم يخسر أيًّا من تواضعه.
وقد أخبر وكالة ذا ستار (The Star) بعد أن تمّ إعلامه بأنّه قد ربح جائزة أبيل: « لا أعرف ماذا يمكنني أن أقول كردّ على الجائزة.»
«لقد كان عليّ أن أطلب مهلة نصف ساعة من السيّد الذي قام بالاتصال لأستطيع التفكير في الأمر.»
- ترجمة: منال جابر.
- تدقيق: م. قيس شعبية.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر