رأي بيل ناي في تغيير المناخ، الأجيال القادمة، واستكشاف الفضاء
إن كل ما يشغل بيل ناي Bill Nye هذه الأيام هو حصد الطاقة: طاقة الشمس، طاقة الاستكشاف البشري، طاقة التغيّر المناخي، وطاقة الناس.
يقول بيل ناي الملقّب بـ”رجل العلم”: “العلم هو أفضل فكرة خطرت للبشر على الإطلاق”. ادعاء جريء لكنه ليس غريبًا على “رجل العلم” بيل ناي.
ربما يكون قد بدأ مسيرته المهنية كمدرّس معتوه يحب الأطفال مشاهدته، لكنه، وفي هذه الأيام، عبارة عن مفرقعات نارية أكثر إشراقاً وأعلى صوتاً للعلوم “المثيرة للجدل”. وتم وضع إشارتي تنصيص حول “المثيرة للجدل” ليس لأن ما يقوله ناي هو مثير للجدل علميًا، إنما هو مثير للجدل سياسيًا وإعلاميًا.
وفي العقد الأخير، أصبح ناي مناضلا متحمساً لجمعية الدراسات الكوكبية ولحركة التصرّف حول التغير المناخي. وللغوص في مزيد من التفاصيل، قام موقع IFLScience بالتحدث معه في مقابلة حول تغير المناخ، الجيل القادم، واستكشاف الفضاء.
قوة تغير المناخ:
لقد تناول هذا الموضوع في كتابه الجديد “غير قابل للإيقاف Unstoppable”. وقال ناي: “افتراضي يقوم على أن التغير المناخي هو أخطر مشكلة لدينا اليوم، كما أنها مشكلة شاقة للغاية، وأحد أسباب صعوبتها هو وجود عدد كبير من الناكرين الذين يتم سماعهم علنًا مما يجعل المشكلة مستعصية الحل”.
إذا كان هذا هو العذر، فإن ناي قد قرر فعل أفضل ما يفعله، وهو جعل الأمر قابلًا للفهم. حيث قام بتوضيبها بشكل مباشر، بسيط، ومثير للقلق، فقال: “تغير المناخ آتِ، وهو آتِ إليك”.
ورغم أن هذه العبارة تبدو كشئ يقوله شخص متشائم، إلا أنه في صميم الكتاب متفائل، حيث أنه يدعو الجمهور للمساعدة لأنه يعتقد أنه: “إذا اتفقنا للعمل على حل هذه المشكلة، سنحقق ذلك”.
هذا لا يعني أنها ستكون سهلة الحل. هنالك عقبات واضحة أمام مكافحة تغير المناخ، ليس أقلها هو السياسة والعوائق السياسية. وكونك قادر على تشخيص المشكلة فحسب، لا يعني أنك تستطيع حلها. فهنالك مشكلة حصد كميات هائلة من الطاقة، اختراع وسائل نقل صديقة للبيئة، تخفيف المساهمات الزراعية لظاهرة الاحتباس الحراري، وهلم جرا …
كما ظهر شغفه للعمل من أجل مكافحة تغير المناخ أيضاً في أعماله من أجل الفضاء الكوكبي. مثال على ذلك مشروع شراع الضوء LightSail، وهي مركبة فضائية صغيرة مربوطة إلى متن صاروخ، رفعت في مدار أرضي منخفض، ومن ثم دُفعت عبر فوتونات صادرة من الشمس.
قوة الناس:
إذا استطعنا تسخير طاقة الشمس على الأرض، لماذا لا نسخرها أيضاً في الفضاء؟ هذا السؤال قد تم طرحه في البداية من قِبَل كارل ساجان، مؤسس المجتمع الكوكبي، وتمت متابعته من قبل المهنيين المحترفين داخل المنظمة.
كان مشروع LightSail قادمًا إلينا منذ فترة طويلة، على أقل تقدير. مُحَزَّم وجاهز للاستخدام لمدة سنتين تقريباً، وبقيت الأشرعة الشمسية مخزنة حتى أوائل هذا العام. وحصد الصندوق المالي الخاص بهذا المشروع على أكثر من 23000 داعم ساهموا بأكثر من مليون دولار من أجل الإبحار الشمسي، بيان قوي من قِبَل الناس والجماهير، الذين سيساعدون على إطلاق المهمة الأولية في عام 2016.
وقد قال ناي: “معرفة ما إذا كان سيتم نشره كان سؤال كبيرًا حقاً، وهل ستعمل الكاميرات والمقاييس عن بعد بشكل صحيح؟”، مشيراً إلى الرحلة التجريبية التي كانت في حزيران عام 2015. “لذلك استخدمناها على أنها رحلة تجريبية لإظهار أن هذا من شأنه أن يعمل.
الغاية من هذا المشروع هي استخدام الأشعة الشمسية لانزلاق والطوفان عبر الفضاء بطريقة مشابهة لكيفية تسخير البحارة لقوة الرياح من أجل الإبحار. بطبيعة الحال، فإن الشمس لن تقوم بدفع المركبة الفضائية بنفس مقدار القوة التي يفجرها المحيط عند هبوب الريح.
بدلاً من ذلك، قوة الفوتونات على دفع مركبة فضائية هي تقريباً نفس قوة الذبابة الجالسة على يد شخص ما. ويُذكَر أنه ولبضعة أسابيع مجيدة، قامت المركبة الفضائية بالإبحار بواسطة ضوء الشمس.
قوة الاستكشاف البشري:
ربما تكون الأرض عبارة عن كتلة تدور في أنحاء الكون، ولكنها ليست عينة يمكن للعلماء التقاطها بملاقط ودراستها في المختبر.
وقد قال ناي: “تذكر أن تغير المناخ اكتُشِف فعليًا على كوكب الزهرة. لا تريد أن تكون كوكب الزهرة. لا تريد أن تكون كوكب المريخ. لم تكن لتعرف ذلك لو لم تستكشف كوكبي الزهرة والمريخ”.
في جوهرها، هي عبارة عن دراسة مقارنات. لتفهم الحياة على الأرض، تحتاج في بعض الأحيان لاستكشاف كيف تبدو الحياة خارج الأرض.
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، ظهرت هذه الكواكب وكأنها مشابهة للأرض، وبقيت كذلك، حتى عرف العلماء بالاختلاف الواسع لغلافها الجوي عن الغلاف الجوي للأرض. فكوكب الزهرة كان عبارة عن فرن كوكبي ساخن، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. كوكب المريخ، من جهة أخرى، يمكن أن تتصلب الأطراف فيه بسبب شدة البرودة. علمنا بشكل سريع أن الغلاف الجوي والمناخ هو شيء حساس ليتم العبث به، ومع ذلك فهو يحدث، حيث أننا نعبث بغلافنا الجوي.
لكن ناي لا يعبث هنا وهناك، على الأقل ليس عندما يتعلق الأمر بالتغيّر المناخي وإرسال البشر، ليس فقط الروبوتات، إلى المريخ. كما أصبح ناي في الآونة الأخيرة المدافع الأول عن البعثة إلى المريخ بقيادة البشر، بدلاً من الروبوتات فقط.
وقال ناي: “من وجهة النظر العلمية، إذا كان هنالك بشر على مقربة من المريخ، سوف يكونون قادرين على التحكم بالروبوتات المتواجدة على سطح المريخ عن بُعد. وكصورة أكبر، إذا كان البشر هناك، سوف يكونون مستكشفين. وعندما تستكشف، يحدث شيئين: تقوم بالتوصل إلى اكتشافات، والذي يمكن أن تقوم به مع الروبوتات، ولكن أيضاً سوف تحصل على مغامرة، وليس هناك بديل لذلك، فما يجعل الناس متحمسين هو وجود البشر في الفضاء”.
وقام المجتمع الكوكبي مؤخراً بنشر تقرير عن “البشر في مدار حول المريخ بحلول عام 2033″، والذي دل على الوسائل الممكنة للوصول للمريخ بشكل أسرع، وضَمِنَ الميزانية نفسها، بالإضافة لوضع خطط متعددة على المدى الطويل. كما توجد خطط أخرى، مثل خطة باس لانسدورب Bas Lansdorp المسماة بـ “المريخ 1” التي تطرح إنشاء مستوطنات بشرية على سطح المريخ مع أول بعثة بشرية تكون في عام 2026، وحظيت الفكرة بتغطية إعلامية كبيرة وانتقادات شديدة. حيث أضاف ناي بضع كلمات حيال الموضوع فقال: “المريخ-1 غير عملية وغير صالحة للحياة على الإطلاق، إذا كنت إنسانًا فلن تستطيع العيش هناك، ولانسدورب يريد القيام بذلك بتكلفة 4 مليار دولار، الأمر الغير قابل للتحقيق”. وأضاف ناي: “إذا أردت أن تجرب ذلك فاذهب إلى القارة القطبية الجنوبية لسنتين ولا تقم بتنفس الهواء أبداً. خذ معك الهواء الخاص بك لسنتين وشاهد كم أن ذلك ممتع. أعتقد أن الناس في حيرة قليلاً تجاه هذا النموذج، أو القصة، حول إيجاد المستوطنين الأوروبيين لأمريكا الشمالية. وكمثال مشابه أكثر، انظر إلى القاعدة العلمية خاصتنا، الموجودة في القارة القطبية الجنوبية، حيث توجد بضعة مئات من الناس هناك طوال الوقت. ليس الآلاف من البشر الذين يملكون الأطفال ويزرعون المحاصيل. إنها مكان شديد البرودة. لكنها تملك أهمية علمية كبيرة.
فماذا يعني كل ذلك بالنسبة لاستكشاف الفضاء؟
قال ناي: “يجب علينا مواصلة استكشاف الفضاء. إنها ليست مسألة ملاحقة هذه التكنولوجيا أو تلك، تحسين حياة هؤلاء الأشخاص أو غيرهم، أنت تريد أن تفعل كل شيء دفعة واحدة. إذا لم نستمر بالبحث والاستكشاف، فما الذي يمكن قوله عنا حينها؟”. توقّف عن الكلام لوهلة ثم تابع: “نحن مصنوعون من الغبار النجمي، هنالك أيضًا بعض الغبار الشارد، ولكن النسبة الأكبر هو غبار نجمي. يمكننا فهم ذلك، لنكون أنا وأنت، على الأقل، طريقة للكون ليعرف نفسه بها. إنه أمر مؤثّر يملأني بالوقار والاحترام”.