في الأول من يوليو 2020، أعلن العلماء عن تقدمهم خطوة نحو صنع دواء لفيروس العوز المناعي البشري يؤخذ على جرعتين فقط في السنة.
استطاعت حقنة واحدة من الدواء التجريبي الذي يُسمى ليناكابافير أن تخفض مستويات فيروس العوز المناعي البشري في الدم عند بعض المرضى، وحافظت أيضًا على مستويات نشطة من الدواء في دمهم مدة تتجاوز ستة أشهر. يشير ذلك إلى إمكانية حصولنا على علاج لمرض العوز المناعي البشري يؤخذ على جرعتين سنويًا فقط.
قال الدكتور المشارك في تأليف الدراسة مارتن ري: «فعالية أنظمة العلاج الحالية لمرض العوز المناعي البشري جيدة جدًا عمومًا -تتضمن أنظمة العلاج مجموعات من العقاقير الفموية التي تُسمى غالبًا الكوكتيلات- لكن المرضى يشتكون من تناول الحبوب اليومية فترة طويلة، إذ قد يشكل ذلك عبئًا عليهم».
يُذكر أن الدكتور ري هو مدير الأبحاث السريرية في شركة غيلياد للعلوم التي تطوّر دواء ليناكابافير.
وقال أيضًا: «نأمل أن نستطيع تطوير أدوية أطول مفعولًا لفيروس العوز المناعي البشري لتخفيف عبء تناول الحبوب يوميًا».
إضافةً إلى ذلك، أشار ري إلى أن العقاقير الأطول مفعولًا قد توفر طريقة أبسط لكبح عمل فيروس العوز المناعي البشري عند الأشخاص المعرضين لخطورة كبيرة، ويتحقق ذلك حاليًا باتباع نظام الحبوب اليومية المعروف باسم الوقاية قبل التعرض PrEP.
وقال ري: «مع ذلك، ينتظرنا الكثير من العمل، إذ إن الدراسة الجديدة التي نُشرت في 1 يوليو في صحيفة نيتشر Nature تقدم فقط دليلًا على إمكانية جعل الفاصل الزمني بين الجرعات ستة أشهر».
وجد الباحثون أن عقار ليناكابافير أثبت أنه آمن للاستخدام عند 40 شخصًا من الأصحاء، وأنه قد يبقى نشطًا في الجسم أكثر من ستة أشهر. وأيضًا، خفضت حقنة واحدة من الدواء مستوى الفيروس في الدم في غضون تسعة أيام عند 32 مصابًا بمرض العوز المناعي البشري غير المعالجين سابقًا.
قال الدكتور راجيش غاندي الطبيب الاختصاصي في الأمراض المعدية في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن: «إمكانية تناول الدواء بجرعة واحدة كل ستة أشهر فكرة مشجعة فعلًا».
غاندي هو أيضًا الرئيس المنتَخب لجمعية دواء العوز المناعي البشري، ويؤكد أهمية الأدوية طويلة المفعول لفيروس العوز المناعي البشري.
المشكلة أن مرض العوز المناعي البشري لا يُعالج بدواء واحد فقط، بل تجب مشاركة أكثر من دواء للاستمرار في كبح الفيروس والحد من مقاومته للأدوية.
وأوضح غاندي أنه يجب دمج عقارين طويلي المفعول لتحقيق إمكانية تناول الدواء على جرعتين في السنة.
وقال: «لذلك نتساءل: ما الذي سنشارك الدواء معه؟».
قال ري أن شركة غيلياد تعمل على هذا الدواء الشريك، وسيدرس الباحثون أولًا تأثيرات عقار لاناكابافير -الذي يؤخذ كل ستة أشهر- عند المرضى المصابين بالعوز المناعي البشري الذين جربوا العديد من الأدوية القياسية وأصبحوا مقاومين لها.
توجد أدوية أخرى طويلة التأثير لفيروس العوز المناعي البشري، وهي أكثر تطورًا لكن جرعاتها تتكرر أكثر من مرتين في السنة.
يدرس الباحثون حاليًا مزيجًا من دواءين يؤخذان بالحقن مرة كل شهر، وهما كابوتيغرافير وريلبيفيرين. تهدف هذه الأدوية إلى استمرار كبح عمل فيروس العوز المناعي البشري عند المرضى الذين أخذوا الجرعات الفموية القياسية وانخفضت مستويات الفيروس لديهم.
وفي الوقت نفسه، يجري أيضًا اختبار كابوتيغرافير لكبح عمل فيروس العوز المناعي البشري عند الأشخاص المعرضين لخطورة كبيرة. ووفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الامريكية فإن الحقن تُعطى كل شهرين في هذه التجارب. لا يحتاج هذا الدواء إلى الالتزام اليومي ما يجعله مناسبًا أكثر وسهل الاستخدام، لكن قد توجد بعض المخاطر في استخدامه، على سبيل المثال، إذا عانى المريض آثارًا جانبية بسبب هذا الدواء فهل ستستمر مدة ستة أشهر؟
يقول غاندي: «لتجنب هذه الآثار الجانبية، اعتمدت الدراسات على مرحلة أولية للتحقق من تحمل المرضى للأدوية، إذ أخذوا جرعات فموية من الأدوية طويلة التأثير وتيقنوا من أمان استخدامها دون ظهور أعراض جانبية عليهم».
ولكن ما يزال أمر آخر يقلق الباحثين: ماذا سيحدث إذا نسي المرضى الدواء أو تأخروا في أخذ الحقن؟ إذ قد ترتفع مستويات الفيروس بشدة مع انخفاض مستويات الدواء في الجسم، وبذلك قد يطوِّر الفيروس مقاومته للدواء. ويؤكد ري على أن هذه المشكلة ستواجه جميع أدوية العوز المناعي البشري طويلة التأثير التي تطور حاليًا.
وفقًا لغاندي، فإن عملية التقدم نحو الأدوية الجديدة تسير جيدًا، وقال: «يجب أن يعرف الأشخاص المصابون بالعوز المناعي البشري أن العلماء ما زالوا يعملون على إيجاد علاجات جديدة وتطوير طرق العلاج الممكنة».
ويؤكد غاندي أيضًا: «سنستمر في العمل حتى إيجاد العلاج».
اقرأ أيضًا:
ثغرة في فيروس (HIV) قد تقود لعلاج مرض الإيدز
اكتشاف علاج تجريبي يؤدي إلى تلاشي خلايا الإيدز «HIV» من دم المرضى
ترجمة: يمام نضال دالي
تدقيق: غزل الكردي