نحن نعيش في حقبة درامية فيما يخص علم الفيزياء الفلكية. اكتشافات خارقة مثل الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، موجات جاذبية ناتجة عن دمج ثقوب سوداء، أو تسارع كوني يصل الينا كل عقد، أو ربما اكثر من ذلك.
صورة معدلة الألوان تعود الى انبعاثات شاذة لأشعة جاما من المنطقة المركزية لمجرة درب التبانة، هذه الانبعاثات يحتمل أنها قادمة من عملية تدمير للمادة المظلمة. في هذه الصورة، تم أزالة الانبعاثات القادمة من المصادر الاعتيادية من مجموع الانبعاثات، وتغطي المنطقة 5 ألوان، اكثر الانبعاثات سطوعا ملون بالأحمر وأقلها بالأزرق
لكن ربما لا يوجد اكتشاف أكثر غموضاً وتحديا لفهمنا للكون المعروف من اكتشاف أن الغالبية العظمى من المادة في كوننا لا يمكن رصدها بشكل مباشر. هذه المادة أطلق عليها اسم “المادة المظلمة” ، وطبيعتها غير معروفة، استناداً إلى آخر النتائج من ستالايت بلانك، فان أقلية نسبتها 4.9% من الكون متكون من المادة الاعتيادية (والتي هي مادة تتكون من ذرات والمتكونة من عناصرها الاساسية). وباقي النسبة هي عبارة عن مادة مظلمة وتم رصدها بشكل دقيق عن طريق تأثيرها الجذبي على النجوم. والطاقة المظلمة هي عنصر آخر منفصل عنها.
فهم وجود هذه المادة الغامض هو هدف أساسي لعلماء الفيزياء الفلكية الحديثة. كما خمن بعض الفلكيين أن المادة المظلمة قد تملك خاصية أخرى مشتركة مع المادة العادية إلى جانب الجاذبية : قد تأتي على نكهتين، المادة والمادة المضادة، واللتان تلتقيان وتتدمران وينتج عن ذلك إشعاع طاقة هائلة. الصنف الأساسي من الجسيمات الرائدة في هذا المجال يطلق عليها اسم:
(WIMPS)
وإذا تم إثبات أن عملية تدمير المادة المظلمة تحصل بالفعل، فإن ذلك يقلص احتمالاتنا لتخمين الطبيعة النظرية لهذه المادة.
ذكر عالم الفيزياء الفلكية دوج فينك بينر في مركز الفيزياء الفلكية لجامعة هارفرد وفريق من الزملاء أنهم حددوا إشارة مماثلة تدل على عملية تدمير مادة مظلمة. وكانوا قد ردسوا التوزيع المكاني لانبعاثات أشعة جاما في مجرة درب التبانة ، وبالتحديد انبعاثات أشعة جاما في المنطقة المتوسطة للمجرة. ما يميز هذه المنطقة انها نسبيا قريبة وتملك كثافة مادة عالية في نفس الوقت (وبالتالي كثافة عالية للطاقة المظلمة). فإذا كان تدمير الطاقة المظلمة يحصل بالفعل، فان هذا الموقع سوف يتوقع ان يحمل سطوعا أعلى لأشعة جاما. وبالفعل تم رصد أشعة جاما كبيرة نسبياً على مساحة تمتد مئات السنوات الضوئية (كما يوجد إشارات أقل سطوعا امتدت لآلاف السنوات الضوئية). يوجد تفسيرات أخرى محتملة ، لا سيما أن أشعة جاما تنتج من وجود عدد كبير من النجوم النابضة (الرماد النووي من السوبرنوفا).
بعد أن أعاد العلماء النظر في عملية مراقبة أشعة جاما، وتطبيقها بالتفصيل على بيانات جديدة لكي يقيدوا الموقع الدقيق للانبعاثات، استطاع الفريق أن يظهر بوضوح أن توزيع انبعاثات أشعة جاما يتوافق بدرجة جيدة مع تنبؤات نماذج تدمير المادة المظلمة ، ونتائجهم إذا تم تأكيدها ستكون اكتشاف مثير في فهمنا لطبيعة المادة المظلمة (العنصر المهيمن والصفة الغالبة للكون).