إذا تأملنا سحابتي ماجلان وهما تولّدان نجومًا جديدة كلما اقتربتا من بعضهما، فلا يسعنا إلا استحضار صورة شاعرين عظيمين يجلسان جنبًا إلى جنب، ويلهمان بعضهما أرقى الأبيات. يمكننا رؤية سحابتي ماجلان بالعين المجردة وخصوصًا في النصف الجنوبي للكرة الأرضية، إذ تعد سحابتا ماجلان (الكبرى والصغرى) أكثر لمعانًا من كثير من المجرات التي تدور حول مجرتنا درب التبانة. وقد أظهرت ملاحظات جديدة أنه في العديد من المناسبات عملت المجرتان اللامعتان على خلق العديد من النجوم بنحو متزامن، بحسب تقرير نُشر في 25 مارس في رسائل مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society.

خمس ذروات متزامنة لتشكل النجوم تظهر أكثر اللقاءات حميمية للمجرتين؛ سحابتا ماجلان، رصدتا في ماليزيا، تقتربان من بعضهما دوريًا، مسببتان ولادة نجوم جديدة.

خمس ذروات متزامنة لتشكل النجوم تظهر أكثر اللقاءات حميمية للمجرتين؛ سحابتا ماجلان، رصدتا في ماليزيا، تقتربان من بعضهما دوريًا، مسببتان ولادة نجوم جديدة.

فحص الفلكي بول ماسانا وزملاؤه من جامعة سوري – Surrey في إنجلترا سحابة ماجلان الصغرى فوجدوا أن خمس ذروات لمعدل تشكل النجوم في المجرة -منذ 3 بليون، 2 بليون، 1.1 بليون، 450 مليون سنة، والآن توافق ذروات مماثلة ومتزامنة في سحابة ماجلان الكبرى، وهذا دليل على أن إحداهن تسبب حدوث ولادة النجوم في الأخرى كلما اقتربتا من بعضهما.

يقول الفلكي بول زفيك من جامعة A&M في مدينة كولج ستايشن في ولاية تكساس، وهو غير مشارك في الدراسة: «هذا أكثر تاريخ مفصل لتشكل النجوم في سحابتي ماجلان، إذ يرسم لنا صورةً جذابةً تخبرنا عن حدوث تفاعل جديد بين هاتين المجرتين خلال الألفين أو الثلاثة آلاف سنة الماضية».

فبينما تدور المجرتان حول درب التبانة على بعد 160000 و200000 سنة ضوئية من الأرض فإنهن يدرن أيضًا حول بعضهما في مدار بيضاوي، ما يعني أنهما تمران قرب بعضهما دوريًا.

تقول المشاركة في الدراسة، كورتينا بيسلا، عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة أريزونا في توكسون: «وبنحو مماثل لتأثير جاذبية القمر الذي يتمثل في حركتي المد والجزر، تؤثر جاذبية إحدى المجرات في الغاز المكون للأخرى، مسببةً بذلك ولادة نجم جديد».

تقول بيسلا أنه خلال آخر لقاء لسحابتي ماجلان، الذي حدث منذ ما يقارب 100 أو 200 مليون سنة، من المحتمل أن تكونا قد اصطدمتا، واخترقت السحابة الصغرى السحابة الكبرى، الشيء الذي يكمن وراء المعدل الحالي الهائل لتكون النجوم. وتضيف أن آخر ذروة لتشكل النجوم في سحابة ماجلان الكبرى قد حدثت فقط في جزئها الشمالي، ما قد يعني أن هذا هو موقع التصادم.

اعتمادًا على ذروات تشكل النجوم استُنتج أن الفترة بين لقاءات السحابتين قد تناقصت من بليون إلى نصف بليون سنة، ما تعزوه بيسلا إلى عملية تسمى الاحتكاك الديناميكي. فبينما تدور سحابة ماجلان الصغرى حول رفيقتها، فإنها تمر عبر الهالة المظلمة للمجرة الكبرى، مسببةً بذلك جر المادة المظلمة وراءها. قوة جذب هذه المادة المظلمة المنتزعة تبطئ المجرة الصغرى، وتضيّق مدارها وتُنقص المدة الزمنية اللازمة للدوران حول سحابة ماجلان الكبرى.

رغم ذلك، فإن مستقبل سحابتي ماجلان قد لا يكون زاخرًا بتكوين نجوم جديدة، لأنهما مؤخرًا اقتربتا من مجرة درب التبانة بدرجة غير مسبوقة، إذًا، وحسب قول بيسلاذ؛ فإنه من المحتمل أن يكون مد وجزر مجرتنا، قد فصل الثنائي المجري الماجلاني عن بعضهما. إذا كان الأمر كذلك، فإن سحابتي ماجلان الآن تفرقهما مسافة 75000 سنة ضوئية، ما يعني أنهما ربما لن تقتربا من بعضهما مرةً أخرى، فتضعان بذلك نهايةً لمسيرة زاخرة بصنع النجوم. وهنا يمكننا استحضار صورة الموسيقي الذي اضطربت إنتاجيته بعد أن ترك فرقته وقرر بدء عمله بمفرده.

اقرأ أيضًا:

كيف تتشكل النجوم ؟

كيف تشكلت المجرات؟

 

تدقيق: حسين جرود

مراجعة: أحلام مرشد

المصدر